إنها السيادة يا سادة ولسنا تابعين لأحد، هذه هي العناوين الرئيسة للصحف القطرية، صباح الخميس بعد اعلان كل من السعودية والامارات والبحرين سحب سفرائها لعدم التزام قطر بوقف دعم الاعلام المعادي لاستقرار دول الخليج، تحدٍ قطري سيفضي الى مزيد من التأزيم للعلاقات الخليجية، التي شهدت هزات عنيفة كان أبرزها تهديد عمان بالانسحاب من المجلس في حال المضي نحو مشروع الاتحاد الخليجي الذي دعمته السعودية بقوة حينها. التصريحات الرسمية القطرية تشير الى أن الصراع الدائر لا يتعلق بالوضع الخليجي الداخلي بل بقضايا خارج المنطقة، ويقصد بذلك الملف السوري والمصري تحديدا، قطر تؤكد استقلاليتها وتتحدى دول الخليج الثلاث بتأكيدها على امتلاكها إرادة سياسية حرة وسيادة وليست تابعا لأحد، الفعل وردود الفعل الاولية تدفع باتجاه توتير العلاقات وترفع من منسوب التوتر في الخليج. نحن امام مشهد تتابع فيه الازمات في البيت الخليجي لتعصف بقوة تارة مع عمان والآن مع قطر، الازمات تتنقل في البيت الخليجي ما يشي بانتقال حالة عدم الاستقرار في الاقليم الى دول الخليج انعكاسا لحالة التوتر والفوضى في الاقليم والخوف الدائم من المستقبل. الازمة بين قطر والدول الخليجية الثلاث سبقتها الازمة بين عمان ودول مجلس التعاون الخليجي باعترضها على مشروع الاتحاد الخليجي الذي اقترحته السعودية معلنة انسحابها من اتفاقية الدفاع المشترك وقوات درع الخليج بل تهديدها بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، الموقف العماني حظي بدعم خجول من الكويتوقطر حتى الامارات، ليتكرر الامر الآن باستنكاف كل من الكويتوعمان عن الالتحاق بالقاطرة وسحب السفراء من دولة قطر. الخلاف مع عمان بدوره في الجوهر يتعلق برؤية مسقط لعلاقاتها من طهران، فهي لا ترغب بالتخلي عن استقلالية قرارها وقدرتها على المناورة السياسية ولا تريد الاشتراك في سياسات قد تضعها مباشرة في مواجهة طهران، بل ان مسقط رعت محادثات سرية تتعلق بالملف النووي ما افضى الى التمهيد لاتفاق جنيف النووي بين ايران والغرب، عمان ترى في نفسها وسيطا وليس طرفا في حالة عداء مطلق مع طهران، مقابل ذلك ألقى الخلاف على الملف المصري والسوري ظلال ثقيلة على العلاقات الخليجية وخصوصا السعودية الاماراتيةالقطرية، فالصراعات الخليجية هي في حقيقة الامر امتداد للصراعات الاقليمية وحالة انعدام الاستقرار الناشئة عن الربيع العربي، والصراعات الاقليمية. لا شك ان خروج الخلافات الى العلن تارة بالتهديد بالانسحاب من مجلس التعاون وتارة بسحب السفراء من دولة عضو في المجلس يعتبر مؤشرا على تردي العلاقات بين دول الخليج وامكانية حدوث اصطفافات في المستقبل القريب بين الدول الست الاعضاء في المجلس، فما ارادت الدول الثلاث تحقيقه بسحبها سفراءها من قطر بحسب بيانها سيتحول الى حقيقة على الارجح اذ إنه سيفجر حربا اعلامية ودبلوماسية بين الدول الاربعة قطر والسعودية والامارات والبحرين، وسيكون له ارتدادات على استقرارها وفاعليته السياسية على الارجح في الاقليم. التصعيد الحاصل الان يأخذ بعدا اكثر حدة، فالصحافة القطرية بدأت تتحدث عن السيادة والتبعية وتنتقل بشكل اكثر وضوحا الى الملفات الحساسة التي اثارت الخلافات بين الدول الاعضاء ما يعني مزيدا من التصعيد، التسرع بسحب السفراء اشعل حربا مفتوحة بين دول الخليج خصوصا ان قطر تملك ادوات تتيح لها نقل المعركة الاعلامية الاقليمية في سوريا ومصر الى الساحة الخليجية بشكل سيرفع من حدة التوتر. أسقطت الدول الثلاث الخطوط الحمراء بسحب سفرائها وتهديدها بعقوبات اقتصادية تشمل مرور الطائرات وشركات النقل، ما سيوفر اجواء خصبة لتأزيم الساحة الخليجية. الارتجال والعشوائية والتسرع بات نهجا يتحكم بمسار العلاقات العربية العربية ويزيد من حدة التوتر وفرص تراجع الاستقرار باتت اكبر من ذي قبل، فما حدث في مصر على سبيل المثال هو نتاج التسرع والارتجال، تسرع يحركه الخوف والقلق على المستقبل والرغبة العارمة في حسم الملفات بضربة واحدة وهو ما لم يتحقق الى الان نتيجة تجاهل الحقائق الموجودة على الارض التي بات من الصعب تجاهلها، ومن الحكمة التعايش معها او احتواؤها فهي ليست بالضرورة دوما تمثل تهديدا، في حين ان التسرع والعشوائية هي السر الحقيقي وراء الفوضى وتراجع الاستقرار في المنطقة.