قبل ايام فُجعت جبل حبشي ومحافظه تعز برحيل رجل النظال الوطني المناظل/ عبدالجليل قائد حسن والذي برحيله تكون قد خسرت تعز من اعظم رجالها الاوفياء، حيث كان مثالا للنزاهة والشرف والوطنية الصادقه. لقد كرَّس الفقيد معظم حياته لخدمة الارض والانسان،حيث كان يعمل بصمتٍ بعيداً عن الاضواء لكن السياسة ظلَمَتهُ كثيراً فلم تُعطه حقه..! ربما لم يحالفني الحظ في التعرف عليه عن قرب، وذلك لانني كنت حينها مازلت حديث السن.. ولانني ايضاً لم اكن امتلك قرار المصادقة اوالتعرف على من اريد بل وكان محضورٌ عليّ ذلك لاني كنت حينها محكوم بايدلوجيه معينه وانتمي الى حزب لايسمح لي بذلك، بل ويعتبر ذلك خرقاً لأهم اهداف ومبادئ تلك الجماعه (الطاعة العمياء) خصوصاً وان الفقيد كان من دعاة القومية العربيه التي ارسى مداميكها الزعيم الراحل/ جمال عبدالناصر الذي يُعتبر الشيطان الاكبر بالنسبة للجماعه ..! لكن الحظ كان حليفي في التعرف علي منجزاته بل والاستفادة منها والتي لاتزال حيةً شاهدةً حتى اليوم..! فلا تكاد تخلو قريه من قرى جبل حبشي الا وكان للفقيد بصمة فيها اما في شق طريق اوبناء مدرسه اوايصال مشروع مياه.. اتذكر عندما كنت صغيراً حينما كنت اذهب مع والدي الى المدينه في العطلة الصيفيه حيث كانت الطريق المتعرجه والملتويه كالثعبان بين قرى ومناطق "العزله" تبدو لي بعيدةً خصوصاً ان بعض المعوزين والمعسرين من ابناء المنطقه كانوا يختصرون تلك المسافات الطويله بطريق مختصر (حوج الأكمة- الرضم) سيراً على الاقدام ويصلون الى منطقة "الرمادة" قبل ان تصل السياره التي انطلقت وإياهم سواء…! فكنت حينها اتسائل : لماذا لم يتم اختصار تلك الطريق مثلما اختصرها هؤلاء..؟ فيجيبني البعض : يابني ايش نسوي ل عبدالجليل قائد الله يهديه ..! فكنت احدث نفسي من هذا الرجل ذو الصولة والجوله والذي بمقدوره ان يفعل هذا كله؟ ..الى ان عرفته من بعيد وتعرفت علي منجزاته وعرفت ايضاً انه لم يصنع ذلك لغرض اطالة الطريق بل من اجل ان تصل الخدمة الى كل منطقةٍ وقرية، وليربط بها القرى بعضها ببعض..! نعم.. لقد رحل الرجل رحيل العظماء تاركاً خلفه ثروةً هائلةً (غير منهوبه) وهي حب الناس له والتي يعجز الكثير من القادة والساسة ورؤس الاموال ان يجمعوا مثل هذه الثروة التي حصل عليها الرجل.. لقد تجلّى ذلك الحب في تلك الجنازة المهيبه وذلك الحزن العميق الذي اعتصرت به قلوبنا وخاصه اؤلئك الطلبة والمرضى ومن يقصدون المدينة بحثاً عن عمل تيهاً في ازقتها وشوارعها الضيقة بلامأوي، ليستقر بهم الحال في تلك العمارة التى اوقفها الفقيد لهذا الغرض.. رحمك الله ايها المعطاء، واسكنك فسيح جناته ،وابدلك داراً خيراً من درارك، واهلاً خيراً من اهلك، انه علي مايشاء قدير،،،