كالمستجير من الرمضاء بالنار هذا لسان حال مرضى توافدوا على مستشفيات العاصمة هرباً من وضعٍ مزرٍ في مستشفيات محافظاتهم فإذا بهم أمام وضع مقارب في الخدماتْ مع فارق التكاليف والمصروفاتْ ،هذا أقل ما يمكن توصيفه لمعاناة المريض مع المرض والطبيب مع الإدارة داخل أروقة المرافق الصحية الحكومية . تبدأ شكوى المواطن مع بداية رحلته الإجبارية مع المرض أو برفقة المريض حيث تعتمد خدمة الاستقبال في الطوارئ على درجة المواطنة المالية بحسب تعبير كثيرين إذ بإمكان المال أن يرفع درجة الحالة إلى أعلى مستويات الطوارئ فيما يتوجب على حالات أخرى مرتفعة الأنين منخفضة الرصيد أن تعتصم بالصبر وتستمر في المحاولة . معظم خدمات المستشفيات الحكومية لا تقدم إلا بثمنها المدفوع من خلف الكواليس وبدون ذلك يكون الإهمال واللامبالاة هو الثمن المقابل ويضل رسل الشفاء وملائكة الرحمة طريق الراحمين، مجرد شباك يُلتقط بها المرضى ليتم تحويلهم إلى المستشفيات والعيادات الخاصة ،بعيدا عن كل رقيب وحسيب . الحالات التي تنجح في الحصول على سرير تمريض من بين الأسرة التي لا تلبي الأعداد المتزايدة من المرضى، يتم ايقاعها بين مطرقة المرض وسندان تكاليف العلاج التي تبدو مفتعلة في بعض الأحيان، علاوة على ذلك مطالبة المريض بشراء أدوية وإن لم يكن لها حاجة أو ربما كانت مما يفترض تقديمه مجاناً ناهيك عن الاخطاء التي تحدث أثناء التشخيص والعلاج الذي يتتجاوز الخطأ الطبي المتعارف عليه عالمياً خصوصا فيما يتعلق بالإجراءات التالية للخطأ . وباختصار فإن المستشفيات الحكومية بحسب تعبير الكثير من المرضى هي صورة سوداء يرسمها المرضى لمستشفياتهم الحكومية أثناء تلقي العلاج والخدمات الأساسية وإجراء المعاملات لكن المؤكد وكما هو الحال في كل مجال أن الأمر لا يخلو من جانب ايجابي ومن أناس يتطهرون بالكفاءة والنزاهة ،ويتخذون من الطب طريقا لرضا الخالق وطريقة لإسعاد الناس . ومن المؤكد أن سلطة الضمير تحتاج الى سلطة واقعية ترسم الطريق للجميع وتلزمهم بالسير فيه خصوصا في مجال يتعلق بحياة الناس حيث تزداد الحاجة لجهات تمتلك من الضمير ما يمكنها من تصحيح الجانب الإداري وتفعل نظام المراقبة والمحاسبة وتدرك باحتياجات الطبيب وتشعر بآلام المرضى . قد يكون نقص الامكانات من اجهزة طبية وأدوات جراحية وأدوية وكذلك نقص التمريض والخدمات المعاونة كما ان النقص النوعي في التخصصات التي تحتاج إلى درجة عالية من الكفاءة وأيضا ضعف الصيانة الدورية للأجهزة الطبية والمباني احد مبررات القائمين على هذه المؤسسات لكن بالمقابل هذا لا يعفي الكثيرين منهم بالقيام بمسؤولياتهم في تقديم ابسط الخدمات الصحية بالشكل المطلوب وبالأداء الذي يخفف ولو بجزء بسيط من معاناة المريض . ما يتوجب علينا إدراكه هو أن ضعف الامكانات ونقص الادوية وقلة اسرة العناية المركزة كأسباب ساهمت في نسبة الاهمال ووقوع الكثير من الأخطاء التي ازهقت ارواح المرضى ناهيك عن الإهمال المتعمد من الحكومة بالصحة وكلها نتائج تراكمت وتفاقمت حتى خلقت بيئة صحية رديئة جداً وصلت بخدماتها المقدمة للمريض الى أسوى حالاتها ومن يتحملها ويتكبدها اليوم هو المريض وأسرته لا غير . إن الفساد المتمثل في الذمم الخربة والضمائر المعدومة التي يمارسها بعض ملائكة الرحمة من تجارة غير انسانية تشترك فيها إدارة هذه المرافق الصحية، يستدعي استنكار كل شرائح المجتمع وإشعار الدولة والمؤسسات الحكومية ذات الصلة بتحمل مسؤولياتهم وانتشال المرضى من دائرة الموت البطيء جراء ما يتعرضون له من معاناة في الخدمات الصحية داخل المرافق الحكومية . تحت أنقاض الأنين يموت الضمير وتنعدم الإنسانية وتدفن الرحمة على ايادي رسلها ويصبح الألم عندئذ سيد الموقف ومعاناة المرضي هي من ترسم صورة المستشفيات الحكومية فلا خدماتها تحسنت ولا دواء أطبائها ادرك مكمن الوجع ،اجهزه معطلة غير قادرة على تشخيص المرض لما تعانيه من خلل فني في الصيانة والاهتمام ،ومباني صحية شبه منهارة بحاجة الى ترميم ترى ؟ من أحق بالعناية المشفى ام المريض.