• مؤسف ما وصلت إليه أحوال المستشفيات الحكومية في اليمن عموماً وفي تعز خصوصاً من تدهور كبير في مستوى الخدمات الصحية التي من المفترض أن تقدمها، تدهور يصل إلى حد الانعدام الكامل للرعاية الطبية في هذه المستشفيات وفي نفس الوقت غياب الضمير والأخلاق والتعامل الإنساني لدى العاملين في هذه المرافق الصحية الذين يُطلق عليهم مجازاً “ملائكة الرحمة” حيث أصبح كثير منهم في ظل الأوضاع المزرية التي ينوء تحتها القطاع الصحي (أماكن وتجهيزات وشخوص) لا تنطبق عليهم هذه التسمية بأي حال من الأحوال. • هناك الكثير من القصص والشواهد التي تؤكد وتبرهن بالدليل القاطع أن أغلب المرافق الصحية الحكومية إن لم تكن جلها صارت معدومة الفائدة، فخدماتها ازدادت تدهوراً ورداءة لدرجة انعدمت معها الثقة بكل ما يُفترض أن تقدمه هذه المرافق من خدمات صحية وطبية، قصص أبطالها مواطنون بسطاء شاء القدر أن يُصاب أحد أفراد أُسرهم بوعكة صحية فبادروا بإسعافهم إلى هذه المستشفيات لعل وعسى يحصلون على علاج يخفف عنهم آلام المرض إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول ولو على أدنى مستوى من الخدمات الصحية. • مستشفى التعاون الذي كُنا نعتبره إلى وقت ليس ببعيد واحداً من المرافق الصحية القادرة على منح خدمات طبية أفضل من غيره من المرافق المشابهة وبحسب الإمكانات المتوفرة لديه، لكن أحواله تبدلت كما هو حال كل شيء في البلد حيث أصبح في حالة يُرثى لها وهو ما تؤكده المعاناة التي سنوردها هنا وتتعلق بأحد المواطنين الذي قام بإسعاف ابنته إلى مستشفى التعاون ليلاً وهي في حالة حرجة طلباً للعلاج لكن يبدو أنه وصل إلى المستشفى في وقت غير مناسب، حيث أن الأطباء المناوبين لم يعيروه أي اهتمام فقد كانوا مشغولين بموضوع آخر أهم من قيامهم بواجبهم الإنساني والأخلاقي في تخفيف آلام المرضى. • هذا المواطن ومن شدة خوفه على حياة ابنته لجأ إلى كل الطرق والسبل للفت انتباه الطاقم الطبي المناوب في المستشفى لحالة ابنته المريضة وبعد جهد جهيد وافقوا على ذلك لكن ما أن هموا بمباشرة الإجراءات الإسعافية للمريضة حتى كانت الصدمة المتمثلة بعدم وجود أكسجين، ولا ندري كيف يستقيم وجود قسم إسعاف يفتقر إلى المستلزمات الضرورية والأساسية للقيام بالإسعافات الأولية للحالات المرضية التي تضطر إلى القدوم إليه طلباً للعلاج. • إلا إذا كان العمل في “التعاون” أصبح يُدار بطريقة الحجز المُسبق بحيث أن الأمر يتطلب من المواطنين الحجز قبل يومين أو أكثر حتى تقوم إدارة المستشفى بالاستعداد للحالات الإسعافية الطارئة وتوفير المتطلبات الضرورية من أكسجين وغيرها من المستلزمات وأيضاً تهيئة الأطباء المناوبين والممرضين نفسياً لاستقبال الحالات والقيام بواجبهم الإنساني أو على الأقل التعامل بصورة إنسانية راقية مع المرضى، وفي هذه الحالة فإن المسئولية يتحملها المواطن لعدم قيامه بالحجز والتنبؤ بمرض ابنته مُسبقاً. • إننا هنا أمام فرضيتين، الأولى تقول بانعدام فعلي للأكسجين، والثانية تقول أن الأمر لم يكن سوى أسلوب ل«تطفيش» أهل المريضة ودفعهم للبحث عن مستشفى آخر لإنقاذ ابنتهم، فإذا كانت الفرضية الأولى صحيحة فإذاً ما الداعي لوجود قسم إسعاف يفتقر إلى المتطلبات الضرورية لقيامه بعمله، أما إذا كانت الثانية صحيحة فإن أمثال هؤلاء الأطباء والممرضين يجب أن يتم محاسبتهم على تقصيرهم في أداء واجبهم الإنساني والأخلاقي تجاه المرضى، وفي كلتا الحالتين فإن الشيء المؤكد أن “التعاون” لم يعد كما كان سابقاً بعد أن أصابه فيروس الإهمال واللامبالاة وأصبح كغيره من المرافق الصحية الحكومية معدوم الفائدة، مما اضطره إلى التوجه إلى المستشفى الجمهوري حيث وجد ضالته وتمكن من إنقاذ حياة ابنته. • وأمام هذا الواقع المزري للخدمات الصحية هل هناك أمل بأن يتعافى القطاع الصحي من أمراض الفساد والإهمال واللامبالاة والعبث بحياة الناس؟ أعتقد أن الأمل موجود إذا ما استشعر القائمون على القطاع الصحي مسئولياتهم الوطنية والدينية بضرورة تخليصه من الأمراض التي تعشش فيه وإذا ما استشعر العاملون في القطاع الصحي واجبهم الإنساني والأخلاقي وأدوا عملهم بأمانة ومهنية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك