• تعيش مستشفيات تعز الحكومية والخاصة أيضاً على اختلاف مسمياتها وتخصصاتها أوضاعاً مزرية وتدهوراً شاملاً في مستوى تقديم الخدمات الطبية والصحية أصبحت معها غير صالحة كأماكن للتطبيب والعلاج، حيث لم تعد تقدم أبسط الخدمات المطلوبة منها، وهناك الكثير من القصص المأساوية التي تؤكد وتبرهن بالدليل القاطع أن هذه المرافق صارت معدومة الفائدة، فالخدمات الصحية ازدادت تدهوراً ورداءة في الوقت الذي زادت فيه الأمراض حدة وفتكاً لدرجة انعدمت معها الثقة بكل ما يُفترض أن تقدمه هذه المرافق من خدمات يُطلق عليها مجازاً خدمات صحية وطبية. • قصص أبطالها أُناس شاء القدر أن يُصاب أحد أفراد أُسرهم بوعكة صحية فبادروا بإسعافهم إلى المستشفيات الحكومية إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول ولو على أدنى مستوى من الخدمة الصحية.. أحد الزملاء قام بإسعاف والده الذي أُصيب بجلطة إلى المستشفى الجمهوري بتعز ، باعتبار أن هذا المستشفى يحوي أفضل قسم لأمراض القلب ، فما أن وصل إلى هناك حتى اكتشف أن هذا القسم الذي كان أشهر من نار على علم ومقصداً لمرضى القلب في تعز والمحافظات المجاورة أصبح من الماضي ولم يعد يقدم ولو أبسط الخدمات أو حتى الرعاية الصحية لمن أجبرهم المرض إلى اللجوء إلى هذا المستشفى للبحث عما يخفف آلامهم، قسم القلب في المستشفى الجمهوري الذي كان يقوم بمعالجة قلوب المرضى ومداواتها صار ذا قلب ميت أو بمعنى أصح بلا قلب، فلم يعد يقدم أي خدمات لزواره وغير قادر على تقديم أية رعاية صحية ولو في حدها الأدنى. • أما الوضع في مستشفى الثورة فهو نسخة مكررة لما هو موجود في المستشفى الجمهوري ولا يختلفان سوى بالتسمية وإن كان الأول قد أُطلق عليه مؤخراً تسمية “هيئة” لم نفهم حتى الآن على أي أساس، والزائر للمستشفى يلحظ بوضوح غياب أبسط الشروط الواجب توفرها في مثل هذه المرافق وأقصد هنا النظافة العامة للمستشفى الذي تحول إلى وكر للصراصير والحشرات، ، الأمر الذي أصبح معه مصدراً للأمراض أكثر من كونه مكاناً للتداوي والعلاج، وهو ما جعل الكثيرين يحجمون عن الذهاب إلى المستشفى لغرض العلاج خوفاً من الإصابة بأمراض أخرى بسبب غياب النظافة وأيضاً انعدام ورداءة الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة. • زميل آخر أصيبت طفلته الصغيرة التي لم تتجاوز العام والنصف بحادثة سقوط على وجهها فبادر بإسعافها إلى المستشفى العسكري بتعز فلم يستطع الحصول على أية رعاية طبية فأخذها إلى المستشفى الجمهوري أملاً في إسعاف ابنته لكن الوضع والإجابة كانت كسابقتها، ثم توجه إلى «الثورة » لكنه خرج بلا فائدة، وبعد أن يئس من المستشفيات الحكومية توجه صوب المستشفيات الخاصة لعل وعسى يتمكن من تخفيف آلام طفلته الصغيرة، ولكن «عشم إبليس في الجنة »، فالحال يتشابه كثيراً مع نظيراتها الحكومية ،حيث ذات الوضع الصحي المزري ولا تختلف عنها إلا في تكاليف العلاج الباهظة. • بدأت رحلة البحث عن العلاج في المستشفيات الخاصة بأحد المستشفيات التي توقع أن يلقى فيها معاملة إنسانية طيبة وحسنة كما يوحي اسم المستشفى ، ما إن وصل إلى المستشفى حتى وجد التعامل على العكس من ذلك تماماً وليس فيه أي نوع من الرحمة والإنسانية، فالطبيبة المختصة كانت مشغولة في تجاذب أطراف الحديث مع موظفة الصيدلية في المستشفى ولم تكلف نفسها الذهاب إلى غرفة المعاينة لفحص الطفلة لأنها لا تريد أن يقطع ثرثرتها النسائية مع زميلتها أي شيء ولو كان الأمر يتعلق بحياة طفلة بريئة، وبعد شد وجذب قامت بفحص الطفلة في الصيدلية وللتخلص من إلحاح الأب على ضرورة القيام بواجبها ومسئوليتها في تطبيب طفلته طلبت من الأب القيام بعمل جهاز طبقي محوري للطفلة أولاً قبل أن تنظر في حالتها، غير عابئة بما قد تسببه أشعة الجهاز الطبقي من أضرار على الطفلة الصغيرة، المهم ابتكار الطرق والوسائل لتحقيق الربح بعد أن تحولت المستشفيات الخاصة إلى مشاريع استثمارية ذات أهداف ربحية بحتة ،حيث الطب فيها تجارة قبل أن يكون مهنة إنسانية نبيلة، ينظرون إلى المرضى على أساس أنهم زبائن وليسو آدميين، وبدلاً من أن يعملوا على تخفيف آلامهم، يتلذذون بإيلامهم، لا يفكرون سوى بمنطق الربح والخسارة وما سيجنونه من فوائد ولو على حساب صحة إخوانهم البشر. • بعدها قادته قدماه إلى أحد المستشفيات التي يٌروج لها بأنها الأفضل في مجال أمراض العيون لمعاينة عين ابنته والتأكد من عدم تعرضها لإصابة خطيرة، وصل إلى المستشفى في الواحدة ظهراً وإذا بمسئول الاستعلامات يخبره بأن لا أحد في المستشفى ولا يستقبلون في هذا الوقت سوى الحالات الإسعافية المستعجلة غير مدرك أن حالة الطفلة طارئة من الدرجة الأولى وبعد أخذ ورد أوضح له والد الطفلة أنه يريد أن يطمئن على مدى خطورة إصابة عين طفلته ليرد مسئول الاستعلامات بأنه لا يوجد طبيب عيون في المستشفى، أليس من المضحك المُبكي أن لا يوجد طبيب عيون في مستشفى يفترض أنه متخصص بالعيون على الأقل كما هو مدون في اللوحة الإعلانية المنتصبة على واجهة مبنى المستشفى!!. • في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي نلحظها ونلمسها في مختلف المرافق الصحية، والتدهور المخيف في الخدمات الطبية والصحية.. نتمنى من الجهات المعنية العمل الجاد على تخليص هذا القطاع من أمراض الفساد والإهمال واللامبالاة والعبث بحياة الناس، لأنه لا يمكن أن نرجو الشفاء من قطاع مريض لم يقدر على علاج نفسه أولاً فكيف سيعالج الآخرين؟! [email protected]