أعلن رئيس الحكومة التركية رجب طيب إردوغان أمس أمام حشد في إسطنبول رؤيته لصورة «تركيا جديدة» استعدادا للانتخابات الرئاسية التي سيخوضها في أغسطس (آب) المقبل. ويسعى إردوغان، الرجل الأقوى في تركيا منذ أكثر من عقد من الزمن، إلى تمكين سيطرته على البلاد عبر الانتقال من منصب رئيس الحكومة إلى رئاسة الجمهورية، وهو منصب من الممكن أن يبقى فيه لولايتين كل منهما خمس سنوات. في قاعة مؤتمرات تطل على خليج إسطنبول، وبمشاركة الآلاف من مناصريه فضلا عن أكاديميين ومشاهير، من المتوقع أن يعلن إردوغان عن مجموعة جديدة من الأهداف لتركيا كما يراها بحلول 2023. وقال رئيس الوزراء التركي إن «الشعب التركي لا يمكن أن يغلق على نفسه الأبواب، ولا يهتم بالأمور الخارجية، ولا يمكن أن يدير ظهره لغزة، بلاد الشهداء والمظلومين، التي يقصفها الجيش الإسرائيلي يومياً، ولا يمكن أن يهمل قضايا سوريا ومصر والعراق». وأضاف : «لا يمكن الوقوف على الحياد في قضية فلسطين، التي يقتل فيها الأبرياء»، منتقدا تصريحات منافسه الرئاسي التوافقي لحزبي المعارضة «الشعب الجمهوري»، و«الحركة القومية»، أكمل الدين إحسان أوغلي التي قال فيها إن على تركيا أن «تقف على الحياد» . وتابع إردوغان: «أجدادنا قطعوا الطرق وتوجهوا إلى اليمن وتونس، ويريدون مني ألا أهتم في قضايا المناطق المجاورة، يطلبون مني عدم رؤية ما يقع في غزة ومصر وسوريا. أوجه كلامي إلى حزبي الحركة القومية والشعب الجمهوري، فيما قال أوغلي (70 عاما)، الذي شغل منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: «نحن في القرن الحادي والعشرين.. عصور الجلد على القدمين ولت منذ زمن طويل». وطالما سعى اردوغان لتعزيز نفوذ تركيا في العالم عبر تحويلها إلى لاعب رئيس على الساحة الدبلوماسية بحيث باتت طموحات الجمهورية تذكر بما وصلت إليه السلطنة العثمانية. وتوقعت الصحف أن يعتمد إردوغان سياسة جامعة تشعر فيها الأقليات الإثنية والدينية مثل الأكراد والعلويين بالأمان. ويتوقع المحللون أن يفوز إردوغان في الانتخابات، وغالبا في دورتها الأولى، على الرغم من المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة التي شهدتها البلاد العام الماضي ضد حكمه. ويفتخر إردوغان بسجله الاقتصادي، إذ شهدت سنوات حكمه نموا وتحولا اقتصاديا في تركيا، ولكن الانتقادات تلاحقه اليوم لميوله الاستبدادية. وتتخوف المعارضة العلمانية من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يعمل على إلغاء سياسة الفصل بين الدين والدولة التي اعتمدها مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك. وفي حال فوزه بالرئاسة هناك خشية من أن يسعى إردوغان إلى إجراء تعديلات على منصب الرئيس الفخري من دون إجراء تعديلات دستورية أولا. ورشحت المعارضة العلمانية الدبلوماسي السابق أكمل الدين إحسان أوغلي للانتخابات، وتبقى رؤية قدرته على خوض المعركة الانتخابية في وجه رجل تركيا الأقوى. وأعلن إحسان أوغلو عن إطلاق حملته الانتخابية الخميس في فندق على ضفاف البوسفور، وكشف عن شعار «أكمل الدين من أجل الخبز»، وهو شعار تعرض للكثير من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. إلى ذلك، فإن نجاح المرشح الثالث عن حزب الشعب الديمقراطي الكردي سيكون حاسما في تحديد ما إذا كانت ستخاض دورة انتخابية ثانية. وصادق البرلمان التركي، وغالبيته من حزب العدالة والتنمية، الخميس، على قانون يحيي عملية السلام مع الأكراد، في خطوة حكومية واضحة للفوز بالأصوات الكردية في الانتخابات المقبلة.