الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    الشهادة منحة إلهية    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    في وقفات شعبية وفاءً لدماء الشهداء واستمرارًا في التعبئة والجهوزية..قبائل اليمن تؤكد الوقوف في وجه قوى الطاغوت والاستكبار العالمي    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوثي يستخدم معركة عمران لفرض وجوده في العاصمة وهادي يعقد مصالحة في المسجد
السعودية.. مملكة السياسات المتناقضة
نشر في الخبر يوم 30 - 08 - 2014

استجابة للدعوة التي قدمها زعيم الحركة الحوثية عبدالملك الحوثي, غمر أنصار الحركة شوارع العاصمة اليمنية صنعاء, حتى يقوم الرئيس عبدربه منصور هادي، بحل الحكومة الائتلافية في البلاد.
وكانت القوات المسلحة اليمنية في حالة تأهب قصوى بعد أن حذر الرئيس عبدربه منصور هادي يوم الاربعاء من ان الاستقرار والأمن، وعملية الانتقال السياسي تقع مباشرة تحت تهديد المتمردين. ودعا هادي أيضاً مؤخرا لعقد مؤتمر وطني شامل جديد للتصدي لتهديدات المتمردين الحوثيين ومنها محاولاتهم في اسقاط الحكومة الهشة في اليمن بالقوة وتقاسم السلطة.
جماعة الحوثي الشيعية، حركة متمردة ومسلحة تقاتل الحكومة منذ سنوات، ويحتشد أتباعها في الوقت الحالي داخل وخارج العاصمة صنعاء، للمطالبة بوضع حد للإصلاحات ودعم النفط كما تزعم.
ويرى مراقبون في اليمن من أنه ما لم يأخذ اليمن خيار قوي للسيطرة على الوضع من خلال احتواء طموحات جماعة الحوثي المدججة بالسلاح، فإن ذلك سيؤدي إلى الفشل الكامل لعملية الانتقال في البلد وهو أمر لا مفر منه.
وتستفيد الحركة المتمردة في الوقت الحالي من الانقسامات السياسية التي تفصل السابق عن الرئيس الانتقالي والخلافات بين الجماعات السياسية، إضافة إلى غضب الجمهور من ارتفاع أسعار الوقود لتصبح جماعة معارضة هائلة.
ويشير عدد من الخبراء أيضا إلى أن جماعة الحوثي معتمدة من قبل بعض الجماعات السياسية المحلية الرئيسية ودول المنطقة، مع فشل الحكومة في معالجة القضايا الاقتصادية والأمنية بشكل صحيح هو السبب الرئيسي لنفوذ الجماعة المتزايد.
وعلى الرغم من مشاركتها في العملية السياسية، إلا أن الحركة الحوثية لم تضع أسلحتها. وقد استمرت في قتال القوات اليمنية والقبائل في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لعدة أشهر من هذا العام.
في خطابه المتلفز في 17 أغسطس، جادل عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين الزيدية الشيعية، من ان الحكومة لا تنفذ السياسات المتفق عليها في مؤتمر الحوار الوطني في البلاد. كما اتهم مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الوزراء، محمد سالم باسندوة، بالفساد وعدم الكفاءة، وانتقد قرار خفض دعم الوقود الاخير، الذي أدى كما وصف إلى زيادة كبيرة في تكاليف المعيشة.
* مهلة الحوثي
وفي نفس الخطاب, أعطى الحوثي الرئيس هادي خمسة أيام لإعادة الدعم وحل الحكومة، والاستعاضة عنها بتشكيل تكنوقراطي جديد مرسوم على نفس المنوال الذي حدده مؤتمر الحوار الوطني.
كما دعا أنصاره أيضاً للزحف إلى العاصمة صنعاء وإعادة احتلال "ساحة التغيير" مخيمات الاحتجاج التي كانت جزءا لا يتجزأ من معالم انتفاضة 2011- التي قادها الشباب في اليمن، محذرا من أن "التدابير" ستتخذ في حال لم يستجب هادي لمطالبه التي حدد الموعد النهائي لها في 22 من أغسطس الجاري.
في اليوم التالي من خطاب الحوثي وصل إلى العاصمة أكثر من 10 آلاف شخص شاركوا في مسيرة في جميع أنحاء المدينة، قبل أن يستقروا أخيرا في المخيمات التي نصبتها الجماعة.
خطاب الحوثي إضافة إلى الحشد العريض داخل العاصمة حمل في مجمله عرضاً للقوة التي بات التمرد الحوثي يمتلكها بعد حملة عسكرية ناجحة له في محافظة عمران الشمالية، التي تفصل صنعاء عن معقل الحوثيين الرئيسي- صعدة. كما عكس الخطاب والتحركات الحوثية الأخيرة عددا من الخطوات الاستفزازية ضد حزب الإصلاح، الحزب الذي خاض معارك كبيرة ضد الحوثيين في محافظة عمران لكن دون جدوى.
رد الرئيس هادي في 20 أغسطس لمثل هذه التطورات كان من خلال زيادة الأمن في صنعاء، وتشكيل وفد للاجتماع بالسيد الحوثي، وتعويم إمكانية القيام بأي تعديل وزاري.
* الحوثيون والتوسع في العاصمة
تسعى حركة الحوثي في اليمن إلى مواصلة توسيع وجودها، في العاصمة صنعاء في أعقاب صدور المهلة التي حددها زعيم الجماعة لإعادة إعانة الوقود وحل الحكومة الائتلافية في البلاد.
وشهد يوم الجمعة عدد من المواجهات مع الحوثيين، الذين قاتلوا في الحرب المتقطعة مع صنعاء بين عامي 2004 و2010.
في يوم الخميس تم إرسال وفد من الرئاسة للقاء عبد الملك الحوثي، زعيم الحركة، في صعدة، معقل الحوثيين، لكن لم يكن الوفد قادراً على التوسط
ويطالب زعيم الحوثيين بتشكيل حكومة جديدة تكنوقراطية في خطابه يوم الأحد الماضي، ودعا الحوثي أتباعه لعقد المسيرات اليومية في صنعاء للضغط وتحقيق مطالبه.
في يوم الاثنين الماضي، خرج عشرات الآلاف من أنصار الحوثي في مسيرة ضخمة في شوارع العاصمة، مع الآلاف الآخرين الذين نصبوا الخيام والمعسكرات, وقد كان من الواضح توافد رجال القبائل المسلحين الذين اتخذوا حضوراً بارزاً، على مشارف المدينة.
في يوم الخميس، ظهر الحوثي على شاشات التلفزيون يدعو مرة أخرى مؤيديه إلى السيطرة -عقب صلاة الجمعة- على الطريق الذي يربط صنعاء مع المطار الرئيسي في اليمن، قبل إقامة مخيمات احتجاج أمام مباني الوزارات الرئيسية.
وقد سجل أتباع الحوثي هذا العام الانتصارات العسكرية الضخمة على الجماعات القبلية والسنية في مناطق أخرى من شمال البلاد.
ويدعي زعيم الحوثيين أن حركته لا تنوي أن تأخذ صنعاء بالقوة، كما ذكرت وسائل الاعلام المحلية على نطاق واسع، وعلى أن نهج "الثورة" سيكون سلميا.
في ما بدا أنه أكبر تجمع للحوثيين حتى الآن، تجمع عشرات الآلاف من اتباع الحركة على طريق المطار صباح الجمعة لحضور صلاة الجمعة قبل ان يتفرقوا بعد ذلك بسلام، ثم بدأ أتباع الحركة في نصب مخيمات احتجاج جوار وزارت الداخلية والاتصالات والكهرباء.
* هادي.. موقف صعب
على الرغم من أن العديد من اليمنيين يشعرون بالقلق من صعود الحوثيين الشديد منذ انتفاضة العام 2011 التي أطاحت بسلف هادي علي عبدالله صالح، إلا أن ما يجعل الموقف أصعب استغلال الحوثي لمطالبه في ظل التقدم المحرز للحوثيين على الارض ووضع البلاد الاقتصادي المتدهور.
وقد أدى خفض دعم الوقود، المحرز في يوليو إلى نشوب توترات داخل الأحزاب السياسية الرئيسية في اليمن، لعل أهمها المؤتمر الشعبي العام، الذي يظم على حد سواء الرئيس هادي وصالح، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، أكبر الأحزاب الإسلامية السنية في اليمن.
وكما يقول مسؤول حكومي عن الحوثي "يتخذ بوضوح نهج الشعبوية"، في محاولاته لبناء تأييد واسع لحركته خارج قاعدتها مع رجال القبائل الزيدية الشيعية الذين كانوا مهمشين منذ فترة طويلة تحت حكم صالح.
وترى قيادة التجمع اليمني للإصلاح أن الحوثيين يمثلون تهديدا وجوديا للنظام السياسي والدولة في اليمن، ولم تبد قيادة الحزب موقفاً واضحاً من تصاعد الاحتجاجات في العاصمة.
وفي الوقت نفسه، يشعر دبلوماسيون في العاصمة بالقلق من ان الحوثي يحاول الاستفادة من الاستياء تجاه القوى الأجنبية التي تدعم عملية الانتقال السياسي في اليمن.
في آخر خطاب متلفز بث بعد صلاة الجمعة، هاجم الحوثي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول العربية التي تعمل لخدمة "المصالح الخاصة" قبل مصالح واليمن.
* الحوثي يستخدم معركة عمران سياسياً
استغل الحوثيون الوضع في الدعوة إلى مناهضة ارتفاع الأسعار, والاحتشاد للتظاهر والمسيرات ضد الحكومة اليمنية والتهديد بإسقاطها. ويحاول الحوثيون استخدام معركة عمران سياسيا لفرض وجودهم في العاصمة، وبالتالي في السلطة. وبدأت المظاهرات يوم 4 اغسطس، وفيها يتم رفع شعارات وأعلام جماعة الحوثي، ويظهر بوضوح قدرة الجماعة على حشد أنصارها. وتلمح الجماعة الحوثية من أنها لن تستخدم العنف كحل أخير لإسقاط الحكومة وقرار رفع الدعم.
أحزاب اللقاء المشترك بقيادة حزب الإصلاح، أعلنت أيضاً رفضها لأية زيادة في الأسعار؛ مع ذلك ارتفعت أسعار النفط بنسبة 60٪، في حين تضاعفت أسعار الوقود.
ويدرك الكثيرون في اليمن حقيقة أن الحوثيين يسيرون على خطى حزب الله في لبنان, وطوال الفترة السابقة لم يكونوا راضين عن الحكومة ما دامت محافظة كما تشاء على تقسيم بعض المناصب الوزارية المؤثرة ذات السيادة. بالتالي، من غير المستبعد استخدامهم العنف عبر رجال القبائل الذين عقدوا العزم على دخول صنعاء وإسقاط الحكومة. رجال القبائل لم يتخذوا مثل هذه الإجراءات بصفتهم القبلية, لكنها جاءت في موقف انتمائهم للتمرد الحوثي. وهم في الواقع يعدون أنفسهم لدخول صنعاء.
وتظل الجماعة المتمردة -الحوثية- في اليمن هي المشكلة، وليس هنالك شيء من شأنه أن يكون عائقا أمام توسعها. وتتمحور الطبيعة الطائفية للتمرد في الاصرار على تحويله إلى ما يشكل تهديداً لوجود الدولة اليمنية.
* قلق محلي وغربي
من الواضح أن الاسلاميين المعتدلين والدبلوماسيين الغربيين في اليمن قلقون بشكل متزايد فيما يخص النجاحات العسكرية من قبل الحوثيين إلى جانب عودة ظهور تنظيم القاعدة في البلد بامتياز.
ويحتدم النقاش الواسع الآن داخل حزب التجمع اليمني للإصلاح والمجتمع السني الأوسع حول كيفية الرد على تصعيد الحوثيين. وينظر البعض أن تصعيد الحوثي الاخير يمثل تهديداً وجودياً للنظام السياسي.
احتشاد عشرات الآلاف من الحوثيين في مظاهرات مناهضة للحكومة في صنعاء, استجابة لدعوة قدمها زعيم التمرد الشيعي عبدالملك الحوثي, أيقظت المشاعر الشعبية النائمة ضد مثل هذا التمرد, حيث يعيش سكان العاصمة صنعاء حالة من الهلع أمام الآلاف من رجال القبائل المسلحين الذين حشدهم الحوثي, ويخشى من اندلاع مواجهات شديدة بين الأمن ورجال القبائل.
التجمع اليمني للإصلاح كان واحداً من الفائزين بالإطاحة بصالح وقد تولى عدداً من المناصب الرئيسة في الحكومة الانتقالية للبلاد، لكن سقوط جماعة الاخوان المسلمين في مصر أدى إلى قلق هذا الحزب. وكانت مصر قد شهدت نموذج التصعيد ضد أول حكومة إسلامية في المنطقة فيما استغرق الموقف على نحو متزايد عداء المملكة العربة السعودية الكبير للإسلاميين.
وكما يكافح اليمن لاستعادة التوازن السياسي تتدهور في الوقت الحالي سيادة القانون وزيادة الإجرام والصراعات المسلحة. ما أدى إلى الإضعاف الحاد في مؤسسات الدولة.
* المصالحة والدور السعودي
بعد ستة أشهر من القتال الشرس شمال العاصمة اليمنية صنعاء، سقطت المدينة الاستراتيجية عمران يوم 8 يوليو تحت قبضة جماعة الحوثي المسلحة ومعها فصيل جيش كبير. وتأتي ردود الفعل على تقدم الحوثيين العسكري على التوالي، جنبا إلى جنب مع مزيد من التوقعات حول ما سوف يتبع ذلك التقدم. هذا هو الحال، خاصة ومثل هذه الأحدث وسط أزمة سياسية حادة في العاصمة من انقطاع في الخدمات الأساسية مثل الطاقة الكهربائية وعدم وجود النفط ومشتقاته.
أمام سقوط عمران تحت سيطرة الحوثيين سعت المملكة العربية السعودية إلى مساعدة اليمن في المصالحة الوطنية.
محاولات لاحتواء تداعيات الحدث تكشفها عدد من التحركات السياسية من جانب النظام في اليمن ممثلاً برئيس الدولة.
بعد أسبوعين من سقوط عمران، زار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي محافظة عمران, مع تلميح في الخبر والصورة التي نشرتها وسائل الاعلام المحلية من أن تلك الزيارة جاءت تحت عنوان "استعادة الدولة السيطرة على المدينة".
مع ذلك، كان هذا ليس أكثر من دعاية حيث لم يعد محافظ المدينة إلى منصبه، مطالباً بطرد ميليشيات الحوثي أولا. وجاء هذا الإعلان بعدما توالت الأنباء التي تفيد بأن الحوثيين يتولون مهام الدولة "في عمران، مثل إصدار حكم الإعدام ضد أحد سكان المدينة".
في 28 تموز، عشية عيد الفطر المبارك، قدم الرئيس هادي كلمة شدد فيها على "ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية". هذه الدعوة تبدو مفهومة بالنسبة لرئيس يعرف تماماً, الدولة التي أنهكتها العديد من الحروب والصراعات.
الآن، ما هو مفهوم المصالحة الوطنية التي دعا إليها هادي؟ الجميع يفهم معنى ما دعا إليه هادي في اليوم التالي عندما جلب مستشاره العسكري علي محسن والرئيس السابق علي عبدالله صالح أثناء صلاة عيد الفطر, وكان هذا اللقاء بين صالح ومحسن للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة في العام 2011، في أكبر وأفخم مسجد داخل العاصمة اليمنية صنعاء، الذي بناه الرئيس السابق علي عبدالله صالح باعتباره رمزا للحكمة بعد أن استمر رئيساً للبلاد لفترة 33 عاما, جاءت لحظات مهمة كان يأمل بعض اليمنيين فيها أن تكون هي البداية الحقيقية لبدء المصالحة الوطنية.
الرئيس هادي وإلى جانبه عدد من المقربين له ومستشاره العسكري اللواء علي محسن مرة واحدة صلوا جنباً إلى جنب. وقد أعطى الحدث أملاً للعامة في اليمن, من أن الاقوياء على استعداد لحل خلافاتهم واستعادة الاستقرار في البلاد التي تعصف بها الصراعات. الصورة التي نشرتها وسائل الاعلام الاجتماعي لرجال اليمن الثلاثة هادي ومحسن وصالح, بدت كأنها العودة إلى توحيد النظام والتحالف القديم وإثبات أن القليل قد تغير منذ عام الاحتجاجات 2011.
* مصالحة في مواجهة التهديد الحوثي
قبل بضعة أيام، دعا هادي للمصالحة الوطنية بين جميع الأطراف في البلاد. وجاءت دعوته وسط تزايد التهديدات التي تشعر بها النخبة السياسية داخل العاصمة صنعاء، نتيجة لتوسع نفوذ حركة الحوثيين في مناطق الشمال. في الأشهر السابقة، أدى القتال العنيف في محافظة عمران شمال العاصمة إلى سقوط مئات القتلى المدنيين، إضافة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المحلية الحادة.
مع التوسع الكبير للحوثيين, والانتصارات العسكرية المتتابعة لهم على الأرض, يغيب دور الجيش اليمني الذي بدا أنه مؤسسة هشة ومجزأة، تكثر فيها الولاءات الموزعة بين الجماعات السياسية والاجتماعية المختلفة، وهو ما يؤكد أنه غير قادر على التدخل بشكل كامل في الصراع واستعادة الاستقرار.
دوافع الصراع في المناطق الشمالية من اليمن تبقى فقط طريقا محركا يدفع الحوثيين إلى توسيع سيطرتهم الإقليمية والامتداد في النفوذ. وكما كان في الماضي، يبدو من أن الحاصل هو نقطة انطلاق للصراع على السلطة بين النخب السياسية.
ويعتقد الكثيرون من أن صالح يشجع القبائل على دعم حركة الحوثي في مواجهتها ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو الحزب الإسلامي الرئيسي في البلاد، فضلا عن مواجهة القبائل المحسوبة على عائلة الأحمر التي واجهت الامتداد الحوثي صوب عمران.
جاءت دعوة هادي للمصالحة بعد زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية التي تشعر من أنها أيضا باتت مهددة من الرغبة العارمة للحوثيين في التوسع. وقد لعبت المملكة العربية السعودية لعبة الكراسي الموسيقية في اليمن، كما حجبت الدعم المالي الذي يقدمه المانحون لمساعدة اليمن في تجاوز التعثر في المرحلة الانتقالية, وهي طريقة تنتهجها المملكة في سياستها, اعتمادا على المصلحة الذاتية.
لسنوات ظلت علاقة السعودية مع عائلة الأحمر قوية, كما كانت تحرص أن تحافظ على علاقات وثيقة مع حزب الإصلاح. المملكة أيدت مبادرة مجلس التعاون الخليجي 2011، التي دفعت صالح عن السلطة وساقت إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المؤلفة من حزب صالح وحزب الإصلاح، وغيرها من المكونات السياسية.
وتشعر المملكة في الآونة الاخيرة بتخوف كبير من جانب جماعة الإخوان المسلمين، فيما تقلصت علاقتها مع عائلة الأحمر وتوقف دعمها لحزب الإصلاح.
من أجل تحقيق الاستقرار في جارتها الجنوبية، يبدو أن المملكة العربية السعودية الآن باتت تفكر في أن استعادة النظام القديم هو الطريق الصحيح. وفي تقرير صحفي، نقل عن مصدر مسؤول في الحكومة، من أن الدعم المالي من المملكة إلى اليمن يعتمد على البدء في المصالحة بين جميع الأطراف في البلاد. إذا حدث ذلك، وتمت المصالحة فهو ضمان أن يوحد جميع الأطراف طريقهم ضد الحوثيين.
* محاولة المصالحة في المسجد
صالح قد يكون ذهب على غير ما هو مخطط له من الجانب السعودي. وبينما كان الجميع معاً في الصف الأول، جاء الوقت المناسب للمصافحة، إلا أن صالح اختار أن يتجاهل محسن, ويحتضن هادي فقط.
بشكل واضح، يبدو أن المصالحة الوطنية تسعى إلى المقاربة والائتلاف والتوافق بين الأطراف في السلطة التي تفككت في العام 2011 بعد اندلاع الثورة الشعبية والصراعات السياسية المستمرة حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من سقوط مئات القتلى منذ انقسامات العام 2011، أو حتى إلى ما قبل تلك الفترة، إلا أن دماء الضحايا كانت من أبرز المغيبين في دعوة "المصالحة الوطنية" التي دعا اليها هادي.
ويبدو أن مثل هذه المصالحة الوطنية لا تشمل المصالحة الشعبية لكنها على الغالب تسعى إلى إعادة ترتيب المصالح الشخصية للزعامات والقيادات المختلفة والمتخاصمة.
* إلى الوراء
يمثل هادي, وصالح, ومحسن, التحالف الذي انتصر في حرب صيف العام 1994. تداعيات تلك الحرب لا تزال موجودة في البلاد بالإضافة إلى التغييرات المستمرة في المواقف والأدوار لهذا التحالف.
الطرف الأول للتحالف يظم صالح, وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه القبليين. الطرف الثاني يمثل الإسلاميين، بزعامة التجمع اليمني للإصلاح -تحالف بين القبائل والإخوان المسلمون- مع محسن كحليف عسكري. من الملاحظ أن الطرف الاول ارتبط في تلك المرحلة ارتباطاً وثيقاً مع الطرف الثاني والعكس. الطرف الثالث، ويجمع التحالف الذي فاز في الحرب، بعد أن فرت القوات الجنوبية من الجنوب، الذي كان يحكمه الحزب الاشتراكي سابقاً.
في العام 1986 شهد الجنوب حربا مكثفة، عندما انقسمت القوات الجنوبية إلى مجموعتين: الاولى, الخط المعتدل في الحزب الاشتراكي، الذي كان يمثله الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد، والثانية, الخط الراديكالي في الحزب الاشتراكي. لقد كانت تلك الحرب دموية بكل المقاييس, تحمل أسوأ النتائج والانعكاسات على الانظمة عندما تعصف بها الاختلافات والانقسامات حول احتكار السلطة؛ وفي تلك الحرب الدموية المكثفة, استند القتل الوحشي على الهوية. بالتالي، لقي ما يقارب 10 آلاف شخص مصرعهم في أسوأ حوادث الاستهداف والقتل التي أنتجتها تلك الحرب التي استمرت أسبوعين. إضافة إلى هروب وفرار عشرات الآلاف إلى الشمال بينهم فصيل سياسي وعسكري نال الهزيمة تحت المجموعة التي كان يتولى قيادتها الرئيس ناصر محمد.
الفصيل العسكري الجنوبي الذي لجأ إلى صنعاء, عاد إلى الجنوب عن طريق ذلك التحالف الذي حارب الحزب الاشتراكي في الجنوب في العام 1994، بعد أربع سنوات فقط على توحيد شمال وجنوب اليمن. وكان هادي هو القائد والمتزعم لهذا الفصيل, ليصبح بعد الحرب التي خرج فيها تحالف صنعاء منتصراً نائب للرئيس.
* تحالفات وأنظمة
لقد أدت نتائج حرب العام 1994 إلى بروز طرف جنوبي جديد يضع يده في يد التحالف الحاكم في صنعاء. مع ذلك، لم يكن لمثل هذا التحالف أي مؤثرات, حتى ظهرت في الوضع اليمني عدة تطورات حملتها عدد من الاهداف التي سعت بعض الاطراف في السلطة إلى تحقيقها. وتجسدت هذه الأهداف تحت الاختلافات المتنامية بين صالح من جهة، ومحسن والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر من جهة أخرى، وكان العام 2000 هو العام الفعلي الذي برزت فيه هذه الاختلافات. وقد أعقب ذلك ظهور الحراك الجنوبي في العام 2007، وأخيرا الثورة الشبابية الشعبية السلمية في العام 2011.
وفي وقت لاحق، عقب الاحتجاجات والاتفاق على الانتقال السلمي للسلطة برعاية دولية وخليجية, حصد الطرف الجنوبي -الذي ظل لسنوات متحالف مع صنعاء- نصيب الأسد من السلطة، في حين تراجع وتلاشى تقريباً وضع الرئيس السابق صالح.
إلى ذلك بدى أن جماعة الإسلاميين -الإخوان المسلمون- هم أكبر المستفيدين من التقسيم الجديد للسلطة الذي تلا المبادرة الخليجية، كما كانت هي القوة الأكثر تنظيما خلال أشهر الثورة.
خلال الأحداث الاخيرة التي شهدها شمال اليمن تم إعادة توزيع الأدوار في معركة عمران داخل صفوف تحالف حرب صيف 1994 نفسها، حيث تراجع دور حزب الإصلاح بعد أن تكبد خسائر فادحة في ظل تحفظ النظام وفي مقدمته هادي أمام ضرورة صد تقدم وزحف الحوثيين، الذي ترافق بعودة صالح إلى الدائرة. وعلى الرغم من أن البعض يفترض أن الاحداث السابقة ومنها الانتفاضة الشعبية كانت نهاية له، تظهر غالبية الأحداث في الماضي والحاضر أن صالح لا يزال يمثل فصيلا سياسيا وعسكريا قويا ومهما.
لقد كان مشهد المصالحة الوطنية المفترض الانتهاء منه خلال صلاة عيد الفطر, هو بمثابة العودة إلى التحالف القديم الذي سبق أن تفكك في العام 2011 ونتج عن خلق حالات مختلفة. من الملحوظ، أن دور الرجل الذي بدا هو الأقوى بعد أحداث العام 2011 -الجنرال علي محسن- يشهد الآن انخفاضاً تدريجياً.
يوم 30 يوليو، وهو اليوم الثالث من الاحتفال بعيد الفطر، تم الاعلان عن ارتفاع أسعار الوقود ومشتقاته، وهو ما يعني أن الدولة رفعت الدعم تماما في المرحلة النهائية من برنامج الخفض التدريجي، الذي بدأ في العام 1992 وتلاحق على عدة مراحل. وفي كل مرة يتم تقليص الإعانات، تشهد اليمن احتجاجات تناهض مثل هذه التدابير مع قوة سياسية وتعبئة في طرف الشعب.
* المملكة.. سياسات متناقضة
تسعى المملكة العربية السعودية إلى ترتيب الوضع السياسي في اليمن مرة أخرى تحت راية المصالحة الوطنية، في ذلك الشكل الذي تطمح إليه.
وتتابع المملكة في اليمن بعض السياسات المتناقضة، لعل أهمها الاهتمام المتزايد بإضعاف الإخوان بعد الاعتراف بالحوثيين كقوة محلية، ولكن ليس بتلك القوة التي يسبب وجودها القلق على الحدود السعودية اليمنية.
النتيجة حتى الآن كالتالي إضعاف الإخوان والصعوبة الشديدة في احتواء الحوثيين، الذين أصبحوا أقوى من المتوقع. المشهد يوضح الكثير من فعالية الدور السعودي في تراجع العملية السياسية في اليمن. مع ذلك، تظل المملكة تحتفظ بدورها الهام في اليمن رغم وجود لاعبين ثانويين وجدد مثل قطر وإيران.
بالتالي، تتحرك المملكة العربية السعودية داخل مجالها السياسي المعتاد مع حلفائها التقليديين والقدامى، في محاولة لجني بعض المصالح المتضاربة. المصالحة الوطنية لن تكون كافية لمواجهة توسع الحوثيين, وبالتالي، فإن الأمور تتجه على الأرجح نحو المزيد من التفاعل. ويبقى القول من أن المرحلة التي أعقبت سقوط عمران هي بالتأكيد تلك المرحلة المختلفة جدا عن الفترات السابقة في اليمن.
المونيتر, الميدل إيست
صحيفة الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.