لم يستطع الثرى أن يواريك، فلغيابك رائحة الحضور، ولعطائك ثمار تجسد شخصيتك فينا حياة لاتزول.. تمر علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لرحيل رجل الخير والإحسان، المغفور له بإذنه تعالى، الوالد/ توفيق عبدالرحيم مطهر.. الرجل الذي ترك أثراً كبيراً في نفوس محبيه ومعارفه، وقل أن يجود الزمان بمثله رجالاً.. لقد فقدت تعز واليمن بشكل عام السنة الماضية رجلاً من رجالات الخير والعطاء، رجلاً متعدد الصفات والقدرات، عاش الماضي بكل قسوته والحاضر بكل متغيراته، فاكتسب من الخبرة والمعرفة ما يؤهله لقيادة سفينة آل المطهر بكل كفاءة واقتدار، مكملاً مسيرة العطاء والإنجازات التي بدأها في السبعينيات.. لم يعر الألقاب أدنى اهتمام، ولم يكن يحب التبجيل، بل ولم يخض أي منافسة في انتخابات برلمانية أو محلية، رغم أهليته لها بلا منازع، ورغم نجاحه بدون منافس، لكنه آثر العمل بصمت بعيداً عن الأضواء، مفضلاً أن تكون أعماله خفية وهو يتلمس حاجيات الفقراء ويرعى شؤون الكثير من المحتاجين والطلاب اليتامى والمعسرين.. كان أباً حنوناً للجميع، يسأل عن الصغير والكبير ويواسي الكل دون تمييز.. لقد عاش الوالد/ توفيق عبدالرحيم ومات وهو ملتزم بمبادئ وصفات الرعيل الأول من كرم الضيافة وحب الناس، ولم تؤثر فيه الحياة العصرية بملذاتها وترفها ومغرياتها، وكان همه تنمية مجتمعه وبناء وطنه. أيها الفقيد الحي في القلوب بذكراه العطرة: هاهي الذكرى الأولى لرحيلك تزرع فينا غصة كئيبة، تدفعنا لأن نتلوا الصلوات على روحك الطاهرة.. هنا أناس فقدوك.. صار اليتم يكويهم بفقدانك، فقد كنت أباً حنوناً وراعٍ يقدس المسؤولية ويزرع فينا حياة جديدة.. كثيرون يبكونك معي ويدعون لك بالغفران ويتوسلون الإله أن يسكن روحك فسيح الجنان. يمتد هذا الغياب كالوجع يتسع يوماً بعد يوم، ويزداد الرثاء وتذرف العيون لذكراك حمماً من أسى.. وداعآ مطهر وداعاً.. ستبقى هناك كما عهدناك أباً حنوناً ينضح وجهه بالنور، وتتجدد البشائر على محياك.. لطلتك بهية لاتنضب، نتمنى نلقاها حين نلقاك مسروراً.. هنا بقايا جودك، وثم آثار سخائك، وفي كل مكان ندير العين نراك هناك.. فأنت الذكرى المضيئة والتنهيدة الطويلة حين نرتل سيرتك العطرة.. رحلت وبيننا وبينك عطاء وأجر وتسابيح طير وموازين احترام.. نكاد لا نصدق رحيلك، فها أنت تطل علينا كهيئة البدر .. هذا رداؤك وهذا عطاؤك وهناك عصاؤك وهنا سجادة الصلاة ممدودة كما تركتها تنتظر سجودك.. وهذه الرفوف تسبح بالنحيب، وهؤلاء يشكرون صنيعك، وثم من ينتظر قدومك.. كأنك مازلت هنا تجود بالخيرات وتحسن صنيعاً وصنعاً.. وكأنه لا زال يحدونا الأمل ويتحفنا بقدومك.. رحمك الله يا والدنا العزيز/ توفيق عبدالرحيم، وأسكنك الجنة بجوار الأنبياء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا