تتواصل موجة الانتقادات الحادة والاستنكار الواسع من قبل دول أوربية ومنظمات ورابط إسلامية عالمية لدولة "الإمارات العربية المتحدة" بسبب قائمة "الإرهاب" التي وضعتها، ووصفها البعض ب"الشاذة"، حيث وضعت فيها عددا من الجمعيات والروابط والمؤسسات الدولية والمعترف بها رسميا من حكومات أوربية. وبحسب مراقبين، فإنه من المتوقع أن تشهد الإمارات خلال الفترة المقبلة ضغوطا شديدة من قبل عدة دول أوربية وأجنبية قد تجبرها على التراجع عن تصنيف تلك الروابط والمؤسسات ضمن المنظمات الإرهابية، خاصة وأن تلك المنظمات معترف بها رسميا وتعمل في تلك الدول منذ عشرات السنين دون أدنى مشكلات أو اتهامات توجه لها. وكانت الإمارات قد أعلنت السبت الماضي، وضع 83 منظمة ضمن قائمة الجماعات "الإرهابية"، والتي شملت: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجمعيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في مصر والخليج وأوروبا، ومنظمات وروابط إسلامية وإغاثية كبرى تنشط بالخارج كالنرويج والسويد وإيطاليا وبريطانيا والدانمارك وأمريكا، الأمر الذي خلف ردود فعل قوية وموجة تنديد واسعة. النرويج تستنكر وأمريكا تستغرب: من جانبها أعلنت الولاياتالمتحدة أنها تجري اتصالات مع الإمارات بشأن إدراج منظمتين إسلاميتين أمريكيتين في قائمة "الإرهاب" التي ضمت 83 منظمة وحركة وحزبا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جيف راثكي: إن واشنطن تحاول الحصول على معلومات إضافية حول دوافع الإدراج والأسباب وراء ذلك. وقال راثكي خلال موجز الوزارة من واشنطن، أمس : "اطلعنا على لائحة منظمات (مصنفة بالإرهاب) نشرتها الإمارات العربية المتحدة قبل أيام قليلة، ونحن على علم بأن 2 من المنظمات التي مقرها في الولاياتالمتحدة قد تم إدراجها فيها ونحن نحاول الحصول على معلومات عن سبب ذلك". كما أعرب اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (غير حكومي) عن استغرابه من القرار الصادر عن الحكومة الإماراتية بوضعه على قائمة "الإرهاب"، واعتبره "تعسفا لا يمكن القبول به، ورسالة خاطئة تقوم بمكافأة التطرّف وتشويه الاعتدال". كما استنكرت دولة النرويج، تصنيف" المجلس الإسلامي" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية التي أعلنت علنها الإمارات العربية يوم السبت المنصرم، وطالبت الحكومة النرويجية عبر وزارة الخارجية بتوضيحات حول ضم "المجلس الإسلامي بالنرويج" ضمن قائمة الإرهاب، خاصة وأن المجلس يعتبر أكبر شريك للحكومة النرويجية في عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف، معربة عن استغرابها إزاء ذلك. الإمارات تصف منظمة تدعهما بالإرهاب! ومن اللافت للانتباه في تصنيف الإمارات العربية، هو إدراج مجلس العلاقات الإسلامية بالولاياتالمتحدة "كير" ضمن القائمة، رغم أن حاكم دبي رئيس وزراء الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم، أحد أكبر الداعمين والراعين للمنظمة الدعوية الخيرية الكبرى في أمريكا وهو من قام بشراء مقرها! من جانبها أبدت منظمة "كير" تعجّبها واستنكارها الشديد من إضافتها لقائمة الجماعات الإرهابية الإماراتية، واصفًة ذلك ب"التحرك الغريب" للسلطات الإماراتية. وتُعد "كير" أحد أكبر منظمات الحريات المدنية الإسلامية والدعوة في أمريكا. وتتمثل مهمتها في تعزيز فهم الإسلام، وتشجيع الحوار، وحماية الحريات المدنية، وتقوية المسلمين الأمريكيين، وبناء التحالفات المعنية بنشر العدالة والفهم المتبادل. وطالبت "كير" في بيان نشرته الأحد الماضي السلطات الإماراتية بتوضيح أبعاد تشكيل هذه القائمة "الصادمة والغريبة" من منظورها، إذ إنه "ليس هناك أي أساس واقعي لإدراج كير وغيرها من منظمات الحقوق المدنية والأمريكية والأوروبية وجماعات الدعوة الإسلامية في هذه القائمة". وأضاف البيان أنها "مثل بقية المؤسسات التي تمثل التيار الرئيسي للمجتمع المسلم الأمريكي، وتُعد نموذج للدعوة، وهي على نقيض تام عن التطرف والعنف". ودعت المنظمة مجلس وزراء الإمارات لمراجعة هذه القائمة وإزالة منظمات مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، والجمعية الأمريكية الإسلامية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى التي تعزز سلمياً الحقوق المدنية والديمقراطية والتي تعارض "الإرهاب" كلما حدث ذلك، "أينما وقعت وأياً كان حاملها". "علماء المسلمين" يطالب الإمارات بمراجعة موقفها: وكان من أول الردود على قائمة الإرهاب الإمارتية هو موقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي استغرب من وصفه بالإرهاب، مشيرا إلى أن الاتحاد منظمة عالمية رسمية وقانونية لعلماء الأمة وتنتهج النهج السلمي الوسطي المعتدل، مؤكدا احتفاظه بحقوقه القانونية الكاملة، لرفع هذا الاتهام الباطل عنه، وعن علمائه. وشدد الاتحاد على ضرورة أن تراجع الإمارات موقفها، واتهامها، طالبا منها العدول عن إدراج الاتحاد ضمن أي قوائم سيئة غير مبنية على أي تحليل أو تحقيق لا قانوني ولا منطقي ولا عقلاني، حسب بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وأشار إلى أنه يحظى باحترام دولي مشهود له، وأن موقفه من الإرهاب واضح وهو الرفض، مستغربا في السياق ذاته، من خلو القائمة من منظمات إرهابية في بلاد كثيرة، إسلامية كانت أو غير إسلامية، موضحا أن القائمة ركزت على المنظمات الإسلامية فقط، ومن بينها منظمات إغاثية عالمية التي حصدت العديد من الجوائز والتقديرات لدورها في خدمة العالم. قاض مصري: كان يكفيها إعلانها ناطق الشهادتين إرهابيًا! من جانبه سخر القاضي المصري والمدير الإقليمي لمنظمة «هيومان رايتس مونيتور» وليد شرابي، من قرار دولة الإمارات العربية بإدراج أكثر من 83 جماعة تحت قائمة الإرهاب على مستوى العالم. وقال شرابي ساخرًا على حسابه الشخصي بموقع "تويتر": "لا أدري لماذا شق مجلس وزراء الإمارات على نفسه بتسمية 83 منظمة واعتمادها أنها منظمات إرهابية ؟، وكان يكفيه أن يقول إن "كل من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يعد إرهابيًا"!.