بين مصدق ومكذب، تناقل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي خبر مفاده بأن نانسي عجرم اصبحت تدرس في احدى مناهج الدول العربية كخطوة اولى لاستبدالها وامثالها بالمتنبي وطارق بن زياد واسماء بنت ابي بكر وابن خلدون وغيرهم. وجاء في الخبر المنشور وربما «المفبرك» صورة من الفقرة التي تهدف الى تعليم الهمزات «ذاع اسم نانسي عجرم بين الناس، فهي مغنية ولديها زوج وابنتان».. مرفق صورة لنانسي تجمعها بزوجها وابنتيها. وتنتهى الفقرة العبارة «نتمنى ان تكبر عائلة نانسي وينضم اليها ابن جديد.» ربما كان الخبر ملفقا، الا انه ليس بمستبعد، فلم يعد دور الاعلام يكفي في رسم وفرض القدوات، بل قد يتبعه المدارس والمناهج في تسويق قدوات مشبوهة وممسوخة لا تهدد الهوية فحسب ولكن وتحدد التوجهات في تسطّح عقول الشباب، وجعل اهتماماتهم ساذجة بسيطة، ناهيك عن تدنى المستوى الأخلاقي والثقافي والاجتماعي كذلك. لقد مرت القدوة بتحولات ومنعطفات خطيرة، فقد كانت في الرسول والصحابة والعلماء والمفكرين، الا انها بدأت تتراجع شيئا فشيئا حتى وصلت للفنانين الذين اصبحوا قدوة كم هائل من شبابنا ومراهقينا الذين يتشبهون بهذه القدوات التي سوق لها الاعلام واضاف لها بريق الشهرة والمال والنفوذ. تكمن خطورة المثل الاعلى الذي يبحث عنه الشباب في انه يلعب دورا هاما في تشكيل شخصية صاحبة وتحديد وهويته ورسم مساره، ولا يقتصر الامر في تقليد السلوكيات واسلوب اللباس وطريقة الكلام فحسب ولكن تؤدي الى استبدال رموز العمل والانجاز والجد والاجتهاد، بقدوات ساذجة بسيطة وفاسدة لتكون سببا في ضياع الاخلاق والقيم في زمن تضاءلت فيه قوة تأثير الوسائل التثقيفية على حساب الوسائل الترفيهية. وقد جاء ختام الفقرة المذكورة بعبارة نحاربها دائما، وتعكس التخلف الكبير والسطحية لمجتمع ما زال يتميز بأنه ضد الانثى، وتفضيل انجاب الذكر، وكأن حالها يقول «عقبال الولد»، بحيث يدعو الطلبة للفنانة بانجاب الذكر، كضالة منشودة، ونحن نستشعر قلقهم المخبأ بين السطور، معززين موروث شعبي تسعى الفقرة الى ترسيخه بدلا من محاربة هذا الموروث الجاهلي.