حدث ما توقعناه, وأدخل الحوثيون اليمن في أتون الحرب الأهلية والعزلة الدولية غير عابئين بما سيترتب على ذلك من سفك دماء وأزمات اقتصادية ومعيشية, تاركين حبل جورهم وظلمهم أبناء شعبهم على غارب أوامر الخارج تأتيهم من طهران التي لا تهمها الا مصالحها التوسعية, وهي تسعى بدم اليمنيين, كما اللبنانيين والعراقيين والسوريين إلى تحقيق أهدافها, فيما الحوثي متوهما ان ما يمارسه من إرهاب سيجعل بلاده تخضع لارادته, وهو شر البلية المضحك المبكي. ها هي الدول الخليجية, ومعها الدول الكبرى أقفلت سفاراتها في صنعاء, وسحبت ديبلوماسييها منها, وبدأ العديد من الدول العربية يلوح أيضا بإقفال بعثاته الديبلوماسية, ما يعني انقطاع اليمن عن العالم وعزله. داخليا تلوح بعض المحافظات بالانفصال وإعلان الاستقلال, بينما تزيد تلك العصابة المأجورة من تعنتها وشروطها المستحيلة, دافعة بالأمور الى مقتلة كبرى. يتوهم قادة ما يسمى "أنصار الله" قدرتهم على جعل صنعاء ضاحية بيروت جنوبية أخرى, متناسين ان هذه العاصمة كانت عبر التاريخ عصية على كل من سعى الى إخضاعها, وان الشعب اليمني يشبه بمواقفه من الغزاة جباله العالية وصخوره الصلدة, وهو اليوم مثلما خاض مقاومة شرسة ضد المحتلين الأجانب, يخوض مقاومة شرسة ضد غزاة الداخل, كي لا يكون هناك حرس ثوري إيراني, ولا "حزب الله" أو قاسم سليماني, كما هي حال العراق المبتلي بجماعات تلعب على الأوتار الطائفية والمذهبية من أجل جمع المؤيدين حولها وإثارة الشقاق بين أبناء الوطن الواحد, ما سهل دخول كل هذا الارهاب إلى العراق اليوم, وبات يهدد وجوده. الحوثيون, وبشهادة الاممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي, جماعة خارجة على القانون, وهي في نظر غالبية اليمنيين عصابة تعمل لتنفيذ أجندة خارجية معروفة مفرداتها بدقة, وبالتالي لن يتركوها تأخذ البلاد إلى حيث تريد, حتى وان سيطرت على القصر الجمهوري والعديد من المناطق, الا ان ذلك يشبه الحمى التي تنتشر في أنحاء الجسد كافة, وتأتي المضادات الحيوية لتزيلها وتخلصه منها. الحوثيون في ما ارتكبوه من جرائم خلال السنوات الماضية, كانوا يغلقون على أنفسهم كل منافذ التفاهم داخليا معهم, ويلفون حبل المشنقة حول عنقهم, ولذلك فان بطشهم الذي نراه سيرتد عليهم, فالشعب سيبطش بهم وسينالون عقابهم الذي يستحقونه, فلقد أزفت ساعة الخلاص, واليمن لا شك سيعيد تضميد جراحه بنفسه وبقوة شعبه.