نشعر بالأسى والحزن، ونحن نكتب عن مستقبل اليمن، الذي بات بعيداً عن السعادة، وفي دائرة المجهول، بكل الأصعدة وبكل المقاييس أمنياً واقتصادياً.. وبات ينحدر بشكل متسارع نحو النموذج الليبي المسلح (مليشيات الحوثيين تملأ شوارع العاصمة صنعاء ومداخلها)، والعراقي الطائفي وغير المستقر، من حيث عدد التفجيرات والعبوات الناسفة التي تنفجر وتستهدف مواكب المسلحين الحوثيين في الاسبوع الواحد على الأقل في ذمار والبيضاء والمحافظات القريبة من صنعاء وأحياناً في العاصمة صنعاء نفسها، خصوصاً بعد إكمال التيار الحوثي بقيادة زعيمهم السيد عبد الملك الحوثي انقلابهم على الحكومة والرئاسة اليمنية، وإعلانهم الجمعة الماضية عن ما أسموه الإعلان الدستوري، الذي باعتقادنا سوف يزيد المشهد السياسي اليمني تعقيداً. فها هي مشاورات الأيام الثلاثة المكثفة من المباحثات والحوارات للمبعوث الأممي إلى اليمن السيد جمال بن عمر تتعثر مجدداً، بعد أن كتب لها النجاح في إقناع الحزب الوحدي الناصري وحزب الاصلاح الاسلامي، في العودة إلى طاولة الحوار في فندق الموفنبيك مع الحوثيين، اللذين قبضوا على العاصمة اليمنية مؤخراً بقوة السلاح، وبتسهيلات من قيادات أمنية في الجيش اليمني موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح . وشاهدنا السيد عبد الله نعمان أمين عام الحزب الناصري يوم أمس الأول الاثنين وهو ينسحب من طاولة الحوار، ويرمي بورقة محاضر الحوار أرضاً، احتجاجاً على عدم جدية الحوثيين في الحوار، وتهديدات مدير مكتب زعيم الحوثيين مهدي المشاط له بالتصفية الجسدية ، مما دعا بممثل حزب الاصلاح في تلك المباحات إلى الانسحاب ايضا، وتعود مساعي مبعوث الامين العام إلى اليمن إلى نقطة الصفر. عقب اعلان اللجنة الثورية التابعة لأنصار الله الحوثيين الجمعة الماضية إلى حل البرلمان اليمني، وإصدار إعلاناً دستوريا يقضي بتشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء، وآخر وطني من 551 عضواً، وتوسيع دائرة مجلس الشورى، يدشن رسمياً بداية حكم الحوثيين الانقلابي بقوة السلاح ، الذي لم يأت عن طريق التداول السلمي للسلطة وصناديق الاقتراع الشرعية الديمقراطية، ومن يجادل في ذلك أما مجنوناً او مكابرا ويطمع في منصب سياسي او دعم مالي من أنصار الله ومن دار في فلكهم. فيما الجنوب اليمني يتجه نحو الانفصال الكلي عن شمال البلاد، منذ ثلاثة أسابيع بداية الانقلاب الحوثي كامل الأركان على العاصمة اليمنيةصنعاء.. وباتت معظم مدن ومحافظات الجنوب اليمني خارج سيطرة حكومة الانقلاب في صنعاء، فيما قال محافظي عدن وحضرموت وشبوة النفطية، ولحج والضالع، انهم لن يأتمروا بأوامر سلطات مليشيات الحوثي في صنعاء. وطالبوا بالإفراج الفوري عن الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته السيد خالد بحاح المحتجز في قصر الحكومة في التحرير وسط صنعاء. فيما قال بيان صادر عن اجتماع لقيادات عسكرية ومحلية جنوبية يوم أمس الاول الاثنين في عدن، تدعو سلطات الجنوب لإعلان موقف رافض إزاء الإعلان الدستوري للحوثيين الذين وصفوه بغير الشرعي ولا يمثل سوى سلطات صنعاء غير الشرعية ايضاً، وطرح خيار الانفصال عن الشمال، وأنها اي تلك القيادات الجنوبية لن تتعامل مع سلطات صنعاء وما بقي بها من مؤسسات تحت سطوة المليشيات الحوثية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تهدد بقاء الوحدة اليمنية التي تحققت في 22 آيار/ مايو عام 1990. كنا نلوم إخواننا الجنوبيين في الجنوب اليمني في السابق لمطالبتهم بالانفصال، طمعاً منا في بقاء الوحدة الوطنية اليمنية الغالية على قلوبنا كشعب يمني واحد، لكن بعد هذا الانقلاب الحوثي المسلح على مؤسسات الدولة في صنعاء، لا نستطيع لوم أهلنا في الجنوب اليمني في تقرير مصير الجنوب، إذا ما قرروا وصوتوا على خيار الانفصال للجنوب عن الشمال اليمني. في وقت لا يستطيع الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه هادي، الذي يعود لمحافظة ابين الجنوبية الخروج من منزله المحاصر في شارع الستين الغربي بصنعاء وكذلك المهندس خالد محفوظ بحاح رئيس الوزراء اليمني في قصر الحكومة، منذ اكثر من ثلاثة أسابيع ، ولذلك أبناء الجنوب اليمني فقدوا الثقة في شراكة الشمال، بعد ان قتل الحوثيين اي بارقة أمل في اي شراكة او تعايش حقيقي في السلطة والثروات ومؤسسات دولة مدنية حديثة حلم بها ثوار ثورة 11 فبراير/ شباط ، بل اليمنيين علي اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية.