في قوانين السياسة وألعابها وبالرجوع إلى نقاط الفوز والخسارة تبدو إيران متصدرة للمشهد اليمني وبدون منافس, وإن ظن الخليجيون أنهم يستحوذون على صدارة المنافسات الكروية إلا أنهم في ميادين السياسة وأبعادها الكارثية يقبعون في ذيل القائمة.. تستطيع إيران اليوم أن تهدد أي دولة خليجية وتغزوها في عقر دارها دون أن تخسر جنديا واحدا يحمل الجنسية الإيرانية بفضل غباء أصحاب السمو الذين عملوا كل ما بوسعهم وسخّروا كل إمكانياتهم للإجهاز المبكر على ثورات الربيع العربي والقضاء على أحلام الملايين التواقين للحرية والكرامة, فلقد انبرى الأشقاء الأغنياء الأغبياء بكل إمكانياتهم يذودون عن السراب ويدافعون عن الوهم ويستميتون في مواجهة الإخوان دون أن يكلفوا أنفسهم السؤال لماذا الإخوان.. ولماذا الربيع العربي.. في حين كان العدو الحقيقي يرسم السياسات ويحدد معالم الإجهاز عليهم.. ومن يتابع السياسة الخليجية ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها سيدرك حجم الفخ الذي وقع فيه حكام الخليج بفعل سياساتهم الرعناء وعقولهم الفارغة من كل شيء إلا من العداء للإخوان المسلمين وثورات الربيع باستثناء دولة قطر.. كل يوم تتكشف فضائح الأموال الخليجية وهي تتدفق إلى مصر للإطاحة بحلم المصريين وإسقاط حركات التحرر, وتنكشف عورات حكام الخليج وهم يرون الجسر الجوي بين صنعاء وطهران والأسلحة تتدفق برا وجوا وبحرا تمهيدا لمعركة مصيرية وفتح كبير بل وعابر للقارات.. ما كان للشعب اليمني أن يرضخ لمليشيات مسلحة لا تمثل 10 % من سكان الجمهورية اليمنية لولا مؤامراتكم الدنيئة وإجماعكم على شيطنة ثورة الشباب في اليمن التي لم يكن لها أي عداء معكم ولا أي خلاف مع حكمكم الوراثي العائلي الذي جعلكم تفقدون صوابكم وترتمون في أحضان إيران وتزفون إليها هذا الحلم الكبيرعلى طبق من ذهب وأنتم لا تشعرون.. لقد كنتم شركاء في صناعة هذا المتمرد القادم من مران حينما كانت أموالكم تتدفق على سعادة السفير نجل الزعيم المخصصة لشراء الولاءات والذمم وإيقاع أكبر قدر من الخيانات في صفوف القبائل وقادات الجيش وستظل شاهدة على جرمكم المشين وتآمركم الفاضح في وأد ثورة الشباب وتسليم خاصرتكم لمملكة فارس التي تمضي بعينين: إحداهما على صنعاء والأخرى على الكعبة.. إن الشعب اليمني الموجوع الذي سرّكم إذلاله وأسعدتكم طوابيره الممتدة على طول اليمن وعرضه بحثا عن لتر من البترول لن ينسى ضحكاتكم الوهمية ونشوة فرحتكم الآنية الساخرة من ثورته, ولن يصدق تلك الدموع المزيفة التي تنهال في قنواتكم وعلى صدر صحفكم اليومية حزنا على اليمن زورا وبهتانا.. وبالرغم من قبحكم وسوء أفعالك, وفي الوقت الذي يقع فيه الشعب اليمني تحت الوصاية الإيرانية لن يكون سعيدا بالخطر الذي يشكله المشروع الإيراني عليكم.. لا لشيء.. ولا للروابط والشعارات الجوفاء.. ولكن لسبب بسيط لأنه –للأسف- لم يجد أسوأ منكم إلا إيران وهذه المليشيات.. وفي المقابل لن يكون الشعب اليمني بقدر عهركم وسقوطكم الأخلاقي ولن يسخّر إمكانياته لدعم المشروع الإيراني الذي بات على تخوم حدود بلدانكم ولكنه سيقف على الحياد حينما تدوي الصرخة في دولكم لإسقاط قلاعكم لا على يد الإخوان كما شُبّهَ لكم ولكن على يد الخلايا النائمة في بلدانكم التي تدين بالولاء لإيران وربما غفلتم عنها طيلة الفترة الماضية وانشغلتم بالإخوان وثورات الربيع العربي.