الاستقبال الكبير الذي حظي به الأستاذ القدير محمد عوض بن همام محافظ البنك المركزي من قبل موظفي البنك لا يعكس فقط حب الرجل والتقدير الذي يحظى به لدى مرؤوسيه، فهو يستحق أكثر من ذلك. وإنما من خلال هذا الاستقبال أراد الموظفون أن يرسلوا رسالة باسم جميع موسسات الدولة وموظفيها مفادها لقد تعبنا من الفوضى وهرمنا من ممارسات أبو عطفة وأبو قعشة ولجانهما التي لم نر من قبلها ولن نرى من بعدها من هو أكثر فسادا وعشوائية وتدميرا لما تبقى من معايير العمل وأسس الإدارة وأدبيات الحكم الرشيد، واشتقنا للعودة إلى موسسات الدولة وأنظمتها وقوانينها برغم ما فيها من هشاشة وعيوب.. البنك المركزي هو عمود النظام والمالي والمصرفي والعبث به دمارٌ للقطاع المالي والنشاط الاقتصادي في البلد وقطع لعلاقات البلد المالية مع العالم، لقد تحارب اللبنانيون أكثر من ربع قرن لكنهم حافظوا على حصانة وحيادية البنك المركزي والمؤسسات المالية وبقي محافظ المصرف اللبناني طوال فترة الحرب داخل المصرف لم يبارحه دون أن يتعرض له أحد، لأن الحفاظ على المصرف والمؤسسات المالية يهم الجميع وبقائها سليمة قائمة بعملها سلامة للبلد رغم دمار وخراب بقية المؤسسات والقطاعات. ستعمل خيرا سلطة الأمر الواقع لو سحبت لجانها ومعوقيها من أبوه أبوه من بقية موسسات الدولة وتركها تقوم بعملها وفقا لقوانين إنشائها ولوائح عملها وبواسطة كادرها المتمرس.. وحسنا فعل الأخ المحافظ بالعودة للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه بعد أن وصلنا إلى حافة الهاوية وسيكون أمرا جيدا لو تم دعوة الأخ وزير المالية المعين حديثا لتسلم العمل في وزارته ليتمكن مع المحافظ من وقف الانهيار على الأقل ومعالجة ما يمكن معالجته من اختلالات غير قابلة للاستمرار. وإعادة فتح قنوات الاتصال مع المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية. ولأن العمل المالي ليس جباية ما يمكن جبايته وصرف ما يمكن صرفه دون ضوابط أو قيود، ولكنه يخضع لأنظمة وقوانين ومعادلات اقتصادية وعلاقات مالية دولية تجاوزها يعرض السلامة المالية للبلد للخطر. وبقاء المؤسسات المالية مختطفه تدار من أشخاص معينون من سلطة لا يعترف بها العالم يساهم في استمرار مقاطعة العالم لمؤسساتنا المالية ويحرم بلادنا من السحب من المنح والمساعدات والقروض التي تم التعاقد عليها وما يمكن أن تحصل عليه بلادنا من مساعدات وإعانات من الدول والمنظمات في تخفيف بعض أعباء الحرب وتمويل بعض الأنشطة الإنسانية في ظل هذه الظروف الصعبة والمأساوية.. إنها نصيحة ودعوة صادقة لوجه الله ورحمة ورأفة بهذا البلد الجريح المنهك فهل تجد آذاناٌ صاغية وقلوباٌ واعية.. ولصالح الجميع.. ولو لم تعجب الكثير.. أتمنى ذلك والله المستعان.. *رئيس مصلحة الضرائب