تستحق أن تدخل مليونية الثلاثاء الماضي في ميدان التحرير موسوعة جينيس, وتسجل الرقم القياسي في جمع الأضداد معا. فقد تَجَمّعت في ذلك الاجتماع خلطة غريبة اللون والطعم والرائحة جمعت من كل ألوان الطيف «الفولولي» و«الفلافلي» بجميع أنواعه, فكان كوكتيلا انقلابيا على الشرعية. وبرغم كثرته الهلامية فقد بدا أن شعب مصر سيلفظه قريبا وذلك من خلال استطلاعات آراء الشارع المصري, وحتى اللحظة لم يستطيع المصري البسيط أن يستسيغ مليونية الفلول هذه مع علو صوتها, رغم تفرغ فضائيات الفلول وفضائية العربية وغيرها لتحسين صورة ثورة الفلول, فكان الرد الناجع والضربة القاضية لهذا الكوكتيل الفلولي هو ما حدث يوم السبت الماضي في مليونية الشريعة والشرعية.. كان أبلغ رد أن الشارع المصري الذي وصموه بالجهل أوقعهم أرضاً بل خسف بهم فما عاد لهم أثر. وبرغم هذا كله ما زالوا يصرخون.. فلنتركهم يصرخون وتنقطع حبالهم الصوتية. فلم يكن لهذا الكوكتيل أثر لدى جموع الشعب المصري. إن أرض التحرير التي خطا عليها الشرفاء منذ يوم 25 يناير 2011وحتى نجاحها تشتكي الآن من وجود هذه الخلطة الغريبة عليها وعلينا نحن المصريين. لقد كان يُصلى عليها حين يُسمع الآذان ويُهتف فيها بالحرية والكرامة من ألسنة ذاكرة لله, وكان الكل متعاونا ولهم هدف واحد, أما اليوم فقد وطأها خليط تستغربه وتستنكره, بل تريد أن أن تلفظه لما يحدث فيه من تحرش جنسي وبلايا لا يعلمها إلا الله. ولكم هي مشتاقة لعودة الشرفاء إليها. كان على رأس من تصدر هذا الكوكتيل الفلولي الفلافلي الكثير من الفنانين والراقصات وأنصار النظام السابق الذين نهبوا البلاد وأشاعوا فيها الفساد والخراب, وللأسف شركاء الوطن المسيحيون, فهم أول من ترك جمعية تأسيس الدستور وبمباركة من(البابا الجديد) وكان معهم بعض مدعي الثورة. نتائج الكوكتيل الفلولي وكانت نتائج هذا التجمع الكوكتيلي عليهم عكسية وهي: 1- انكشاف وتمايز الساحة وكشف معاول هدم جديدة من الثورة المضادة بعد تعاونهم مع معسكر الفلول من بعض مدعي الثورة. فكيف يجتمع الأعداء ويصبحون أشقاء, ومن كان ينادى بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية أصبح يهتف بإسقاط النظام وخلعه, إذا به اليوم يضع يده في يد الفلول وكتفه في كتفهم.. يضع يده في اليد التي تلوثت بدماء شهداء 25 يناير! كيف تسنى له ويرضى بذلك الموقف المخزي المشين. 2- رأي رجل الشارع العادي أن الإسلاميين عموما هم الأكثر تعقلا والأحرص على حقن الدماء, وفرق بين متظاهر وحارق للمقرات مخرب. 3- هؤلاء كانوا ومازالوا يعولون على تدخل الجيش, وقيادة الجيش تؤكد على أنه لن يخرج على الشرعية وسيقف ضد من يخرج عليها, وهذا مكسب حقيقي لمصر, وخسارة لمعسكر العلمانيين, وأقول لمن يريد تدخل الجيش "العب غيرها" فالمخطط معروف سلفا, ولن يخوض الجيش المصري معركة ضد شعبه لأن الجيش يعرف عدوه جيدا وهو الكيان الصهيوني. 4- ثبات مؤسسة الرئاسة على موقفها مدعوما بأغلبية شعبية كبيرة وصلت إلى خمسة ملايين على أقل تقدير في مليونية الشريعة والشرعية, فكانت ابلغ رد على هؤلاء المتنطعين الانقلابيين. 5- هروب عدد من الفلول وهناك من قياداتهم من بدأوا بالفعل في لملمة أوراقهم, كما فعل شفيق. حقيقة خلطة الثلاثاء الماضي إنه التمايز والتمحيص, وهذا ليس ببعيد عليهم, فلقد وضعوا أيديهم في يد الكيان الصهيوني فها هوعمرو موسى يلتقي بوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني, تشد على يديه وتدعمه ليربك الشأن الداخلي في مصر وليقود الانسحابات من الجمعية التأسيسية دون أسباب مقنعة للرأي العام. أوما كان الأجدر بمن كان يسمى بالأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أن يكون له دور في وقف العدوان علي غزة لا أن يُستعمل كأداة للتغطية علي ضرب غزة وإرباك الرئيس المصري لشل حركته وشغله بقضية مصطنعة؟ وماذا فعل في ولايته في حروب العراق ولبنان وغزة وما نتج عنها من مآسٍ؟. وها هو البرادعي يروح ويأتي ومعه سيناريوهات معدة فهو حامل المخطط الأمريكي في المنطقة؛ "الفوضى الخلاَّقة", ها هو يناشد الجيش الانقلاب على الشرعية فلم يجد له قبولا فإذ به يستصرخ أمريكا والغرب للتدخل! وفي حواره مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية يقول وقد بدت تصريحاته كنسخة معدة للتصدير في ألمانيا التي لها حساسيات خاصة تجاه موضوع محارق اليهود فأراد أن يستخدمها لتشويه صورة التيار الإسلامي وقال إن الذين قرروا الانسحاب من الجمعية التأسيسية دافعهم لذلك أن من بين أعضاء التأسيسية من يُحرم الموسيقى والبعض الآخر يُنكر محارق اليهود "الهولوكوست"، ويقول إن الإسلاميين يعترضون على الديمقراطية وإن الليبراليين والمسيحيين يخشون من أن ينجح الإخوان والتيار الإسلامي في أن يمرروا مشروع دستور له صبغة إسلامية, مما يؤدي إلى تهميش حقوق المرأة, زاعمًا أن الجمعية التأسيسية ستعيد مصر إلى أظلم فترات العصور الوسطى. فكيف يجتمع أعداء الأمس ويصبحون أشقاء اليوم؟ هذه هي حقيقة خلطة الثلاثاء الماضي الذين احتشدوا مدعومين بمال الداخل والخارج بكل ما لديهم من قوة وبلطجية.