يعود الحديث مجدداً عن عقد مباحثات تفاوضية بين السلطة الشرعية في اليمن والمتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع علي صالح، ولا أظنها سوى الحلقات الأخيرة لمسلسل التمرد والعبث الحوثي، إذ يشعر الحوثيون وحليفهم بالهزيمة التي تحدث لهم في جبهات قتالهم ضد الشرعية وضد المقاومة الشعبية، وهي الهزائم التي حدثت في ميدي على الساحل، ومديرية فرضة نهم في صنعاء، وقبلها مديريات الجوف الرئيسية، وأخيراً هزيمتها المدوية في مدينة تعز التي حاصروها، ومنعوا عنها الغذاء والدواء والماء العذب، وحتى أسطوانات الاكسجين. لذلك، لجأ الحوثيون للمسار السياسي التفاوضي، محاولين التخفيف من حدة هذه الهزائم، وإيجاد مخرج يكفل بقاءهم جماعة سياسية ذات بُعد طائفي. لكن، على الرغم من ذلك، لن يكون هناك أي أمل بنجاح أي مفاوضات معهم إلا بمطالب يتقدمها تحرير محافظة تعز بشكل كلي، ووضع نهاية للمخلوع علي صالح، فهو يمثل رأس الشرور في اليمن، وبقاؤه داخل اليمن أو حتى منفياً خارجها سيمثل تهديداً أمنياً لليمن، وسيظل يعبث بواسطة رجاله الذين لديهم خبرات مخابراتية وأمنية كبيرة بالوضع الأمني والسياسي، من خلال الأعمال الإرهابية والاغتيالات السياسية. يمثل ما سبق شرطا لنجاح المسار التفاوضي، لأن عودة سيطرة ميليشيات الحوثي والمخلوع على الأجزاء المحرّرة من تعز، ستعطي للانقلابيين أملا كبيراً في محاولاتهم إعادة السيطرة على كامل تعز ولحج والضالع، وسيكون ما يروجه من عمليات تفاوض وسيلة لاستغلال الوقت للحشد الميليشاوي الكبير باتجاه المناطق المذكورة، خصوصاً أن أنباء تتحدث عن تحرير كامل مديرية حريب في مأرب، ومديرية عسيلان في شبوة، وسيكون لهذه الأنباء أثر كبير في شحذ همم قادة الجيش الوطني وجنوده، وكذلك المقاومة الشعبية لتعزيز الانتصارات التي تحققت في مناطق المواجهات. الحسم العسكري هو ما يطمح إليه غالبية أبناء الشعب، مع توقهم لتوقفها، إلا أنهم يعلمون أنه لا عهد لجماعة الحوثيين ولا ذمة، وأن علي صالح لا بد وأن تطوى صفحته للأبد، فحرب تعز يمكن أن تحسمها المقاومة بشكل أسرع، لو امتلكت السلاح الثقيل، فالمقاومة والجيش الوطني يقاتلان بالأسلحة الشخصية العادية، وبعض السلاح المتوسط، ودبابتان إحداهما تسمى المبروكة، وهي تابعة للجيش الوطني، والأخرى يطلق عليها "الصعلوكة"، وهي تابعة للواء الصعاليك الذي يشارك حالياً في معارك تحرير تبة الدفاع الجوي وما جاورها. سنسمع الكثير عن هذه الجولة التفاوضية، لكن نتائجها ستكون على الميدان، انسحاب كامل من المدن، أو هزيمة ساحقة وكبيرة لهم ستبدأ في تعز، ولن تنتهي سوى في جبال مران في صعدة . المصدر | العربي الجديد