يورو2024 : سلوفاكيا تسقط بلجيكا    الدوري السعودي لم يعد للاعتزال.. حضور قوي بيورو 2024    الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على مليشيات الحوثي الارهابية    نجاة رئيس أركان محور تعز من محاولة استهداف حوثية خلال زيارته التفقدية لأبطال الجيش    وفاة طيار مصري أثناء قيادته للطائرة في سماء السعودية وكشف تفاصيل جديدة عن الحادثة    هولندا تأمل ان يكون فيربوغن اسطورة الحراسة الجديدة    الحوثي يهدد بجعل السعودية شريكة في معاناة اليمن    أمسية رعب في عدن: لعبة ترفيهية تصيب طفلة بإصابة خطيرة    الحوثيون يغدرون بالشرعية بعد فتح طريق الحوبان ويدخلون مدينة تعز بالسلاح وإعلان رسمي صادم    عاجل: 9 ضربات أمريكية تهز محافظة يمنية    شوارع العاصمة صنعاء تثير الرعب بين المواطنين بعد تغطيتها بالدماء (شاهد)    الحوثي..طعنة في خاصرة الجوار !!    الانتصار للقضايا العادلة لم يكن من خيارات المؤتمر الشعبي والمنافقين برئاسة "رشاد العليمي"    (تَحَدٍّ صارخ للقائلين بالنسخ في القرآن)    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول تحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى    رئيس الوفد الحكومي: لن نذهب إلى أي مفاوضات قبل الكشف عن المناضل محمد قحطان    ضيوف الرحمن يستقرون في "منى" في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    مارادونا وبيليه.. أساطير محذوفة من تاريخ كوبا أمريكا    بقيادة نيمار.. تشكيلة المستبعدين عن كوبا أمريكا 2024    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الرابعة)    بعد 574 يوما.. رونالدو في مهمة رد الاعتبار ونزع الأسلحة السامة    عيدروس الزبيدي يوجه تهديدًا ناريًا لرئيس الوزراء ''أحمد بن مبارك'' بعد فتح ''الملف الحساس'' الذي يهدد مصالح ''أبوظبي'' (وثائق)    للعيد وقفة الشوق!!    ظاهرة تتكرر كل عام، نازحو اليمن يغادرون عدن إلى مناطقهم    ياسين نعمان و الاشتراكي حوّلو الجنوب من وطن ند لليمن الى شطر تابع لليمن    حرارة عدن اللافحة.. وحكاية الاهتمام بالمتنفسات و "بستان الكمسري بيننا يشهد".    لاتسأل ماهو البديل عن المجلس الإنتقالي.. البديل عن الإنتقالي هو الإنتقالي نفسه    صحيفة بريطانية: الحسابات الإيرانية أجهضت الوساطة العمانية بشأن البحر الأحمر    محلل سياسي: أين القانون من الفاسدين الذين نهبوا المساعدات وموارد البلد؟    أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    تن هاغ يسخر من توخيل    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    كارثة في إب..شاهد :الحوثيون يحاولون تغيير تكبيرات العيد !    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    في يوم عرفة..مسلح حوثي يقتل صهره بمدينة ذمار    "لما تولد تجي"...الحوثيون يحتجزون رجلا بدلا عن زوجته الحامل ويطالبون بسجنها بعد الوضع    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الثالثة)    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يصدق وعود الطواغيت لا يلم إلا نفسه!
نشر في الخبر يوم 09 - 07 - 2012

الطغاة، كما تعلمنا من كتاب "طبائع الاستبداد" للمفكر الكبير عبدالرحمن الكواكبي، ليسوا أناساً أسوياء، كي نتعامل معهم بشكل سوي وطبيعي، فهم أشخاص منحرفون عقلياً وعاطفياً ومشوهون إنسانياً، لا بل مرضى بأنواع عديدة من الجنون، خاصة جنون العظمة، وجنون الاضطهاد. وغالباً ما يكونون من أجبن الناس، بدليل أنهم يسخرّون معظم قوة الدولة لحماية أنفسهم، وقد مات الكثير منهم بأمراض عقلية. وبالتالي، من الخطأ الفادح تصديق ما يقولون وما يوعدون به شعوبهم، خاصة في أوقات الأزمات. فإذا كان السياسيون العاديون يزيدون من جرعة الكذب في الأوقات الحرجة مرات ومرات، فإن الطواغيت يضاعفونها بعشرات المرات. أضف إلى ذلك أن الطاغية ووسائل إعلامه تكذب على الشعب ليل نهار في الأوقات العادية، وتصور الأسود أبيض، والأبيض أسود حسب الحاجة، فكيف للشعوب أن تصدقهم وهم في أسوأ حالاتهم. هل يعقل أن يكونوا صادقين وهم محصورون ويبحثون عن أي وسيلة للخروج من مآزقهم؟
في اللحظة التي يجد فيها الطواغيت أنفسهم محاصرين بثورات شعبية أو ضغوط دولية، يلجأون فوراً إلى طبائعهم التقليدية الساقطة والمعروفة تاريخياً كالغدر، والمراوغة، والكذب، واللف والدوران، والوعود المعسولة، والتظاهر الزائد عن حده بالوطنية. فتسمعهم يعدون الناس بأنهم سيلبون لهم كل مطالبهم وحاجاتهم بمجرد أن تهدأ الأمور، وتعود إلى طبيعتها، فيتظاهرون باللطف والدماثة والنزول عند رغبة الشعوب كاملة غير منقوصة، وبأنهم كانوا مضللين من قبل حاشياتهم، وبأن التقارير التي كانت تصلهم عن أوضاع البلاد والعباد لم تكن صحيحة. لا بل إنهم يصبحون ديمقراطيين ومستمعين جيدين على حين غرة، فيبدأون بالالتقاء بالناس والسماع إلى شكواهم وآلامهم وتشجيعهم على البوح بكل مكنوناتهم كي يتعرف عليها الطواغيت عن كثب، مع العلم أن الطاغية يعرف مسبقاً أنه موجود فوق صدور شعبه بالحديد والنار رغماً عنه، ولم يهمه يوماً إذا كان الشعب راضياً أم لا.
وبعد جولة من الضحك على الذقون والتظاهر بالوقوف على كل احتياجات الشعب، يبدأ الطاغية بإصدار الفرمانات الجديدة، دون أن يعلم أن الفرمانات لا تطبق حتى لو كان الديكتاتور غاية في البطش. وقد أخبرني أحد مستشاري الطواغيت النافقين يوماً أن معظم القرارات التي كان يصدرها الطاغية تذهب أدراج الرياح، وأن الحاشية كانت تفعل عكسها تماماً، لأن الحاكم الفرد مهما بلغ من قوة وذكاء لا يستطيع أن يحكم دولة، فنظام الحكم الأفضل للدول الحديثة هو حكم المؤسسات، وليس الحكم المركزي أو الفردي التعيس.
أضف إلى ذلك أنه حتى لو أصدر الطواغيت قرارات وقوانين، فهي ليست صادقة، بل مجرد وسيلة مفضوحة للالتفاف على ثورة الجماهير. لهذا على الناس ألا يصدقوهم إذا قالوا لهم: "الآن بعد أن عرفنا الحقيقة عن كثب، لن نترك طلباً للناس إلا وسنحققه لهم، لأنهم، أي الطواغيت، يكونون في أعماق أعماقهم مليئين بالحقد والسموم على الشعوب التي ثارت على طغيانهم. والأكثر من ذلك، أنهم يبدأون بالبحث عن أفضل الطرق للثأر والانتقام ممن ثار عليهم لاحقاً.
صحيح أن الدول يجب ألا تتصرف بعقلية الأفراد، فالدولة في علم النفس السياسي هي بمثابة الأنا العليا للمجتمع التي تترفع عن الصغائر، لكن أين الدولة لدينا كي نثق في وعودها وتطميناتها، فالدولة في عالمنا مجرد مسخ حوّلها الطاغية إلى وسيلة قذرة لتحقيق مآربه الوضيعة وإشباع رغباته الحيوانية والشيطانية البائسة. بعبارة أخرى، فالدول مجرد عتلة بيد الديكتاتور الذي لا يمتلك أياً من صفات الدولة أو الأنا العليا، فهو، حسب طبائع الاستبداد، ليس شخصاً مستقيماً كي نطمئن لوعوده وتأكيداته، بل شخص مريض وغير سوي نفسياً، كما أسلفت. هل يمكن لنا مثلاً أن نأمن جانب قطاع طرق وجزارين ولصوص ومجرمين؟ بالطبع لا، فهذا النوع من البشر خطر جداً، ومن يثق بلص أو مجرم، فهو كالحمل الذي يثق بنوايا الذئب.
أتذكر يوماً أن جماعة ثارت على أحد الطواغيت، وهددت كيانه، فراح يفاوضها بمنتهى الرقة والدماثة، ويقدم لها وعوداً معسولة يسيل لها اللعاب. وفعلاً نجح بأساليبه الشيطانية في إخماد الانتفاضة على حكمه. وبعد أن هدأ الوضع، راح كلاب صيده يتصيدون قادة الانتفاضة واحداً تلو الآخر، ويخضعونهم لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل بحيث لم يبق أي من المنتفضين خارج السجون، بينما فر الجزء الآخر خارج البلاد خوفاً على رقبته. بعبارة أخرى، لم يتحقق أي من الوعود التي قدمها الطاغية للمنتفضين. والمضحك أن بعض الشخصيات العالمية تدخلت لاحقاً لدى الطاغية ليس لتحقيق مطالب المحتجين، بل للإفراج عنهم والتوقف عن إنزال أبشع لعذاب بهم، لكنه كان يرفض رفضاً قاطعاً الإفراج عمن كان يسميهم أمام ضيوفه بالعملاء والخونة والكلاب الضالة. وللعلم أمضى المحتجون عشرات السنين في سجون الطاغية، ومازال بعضهم في غياهب السجون حتى هذه اللحظة. طبعاً الخطأ لم يكن في الطاغية الغدار، بل بمن أمن جانبه، وصدّق وعوده، وأوقف انتفاضته بناء على كلام فارغ.
الطواغيت لهم حل واحد، ألا وهو الاستئصال من الجذور كي لا تقوم لهم قائمة. وحذار من قص الفروع وترك الأصول، فطالما الجذع موجوداً سيظل ينبت أغصاناً تورق. صدق من قال إن الطواغيت كالتنين الأسطوري، كلما قطعت له رأساً نما له رأس جديد، لهذا لابد من طعنه طعنة نجلاء في القلب كي ينفق مرة وإلى الأبد إلى جهنم وبئس المصير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.