حُمّ القضاء، وذهب شبابٌ فى عمر الورد إلى بارئهم على بوابة قصر الاتحادية. نحسبهم شهداء عند الله، ونطلب لهم الرحمة والرضوان والفردوس الأعلى. ثم نسأل لماذا قتلتهم العصابات الشيوعية والناصرية والفلولية بلا ذنب ولا جريرة، اللهم إلا لأنهم راحوا يدافعون عن شرعية النظام والرئيس المنتخب الذى تعمل هذه العصابات على هدمه وتديره لحساب الأشرار الذين يحركونهم، ويتواطأون معهم! المجرمون القتلة كانوا يسكرون ويحششون على أبواب الاتحادية، وأظهرت الصور آثار ممارساتهم الانحرافية، وكانت المقتلة التى أزهقت ثماني أرواح بريئة كلها من الإسلاميين، بالإضافة إلى ما يقرب من ألف وخمسمائة مصاب وجريح كلهم أيضًا من الإسلاميين، وأمام هذه المأساة المصمية خرجت العصابات الناصرية والشيوعية والفلولية تقول بكذب فاجر إن ميليشيات الإخوان هى التى قتلت وهى التى أصابت وهى التى جرحت! تسأل: هل الإخوان يقتلون أنفسهم؟ هل الميليشيات المزعومة كما يقول مناضلو الحناجر والفضائيات الملوثة وصحف الضرار تقتل أتباعها وتصيبهم بهذه الكثافة؟ هل كان مع الإخوان سلاح وسنج ومولوتوف وشماريخ وأسلحة بيضاء؟ لقد كشفت المقتلة التى شارك فيها أعداء الإسلام والثورة والعدالة عن غل دفين وحقد أسود وإجرام غير مسبوق، وكل هذا يتوجه بالدرجة الأولى إلى الإسلام ومنهجه وقيمه. ويتوجه دائمًا إلى المسلمين بكل فصائلهم وجماعاتهم وأحزابهم. لم يذهب مسلم إلى الاتحادية حاملاً سلاحًا أو مولوتوفًا أو شماريخ. ولا يوجد مسلم حقيقى يؤمن بالله ورسوله وكتابه الكريم يسمح لنفسه أن يذبح مسلمًا أو إنساناً من أية ملة أخرى، أو يسفك دم بريء، بل أن يخدش كائناً حياً ويجعله يسيل دماً. المسلم فى التيار الإسلامى يقرأ قوله تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُواْ 0لنَّفْسَ 0لَّتِى حَرَّمَ 0للَّهُ إِلاَّ بِ0لحَقّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَٰناً فَلاَ يُسْرِف فّى 0لْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا" (الإسراء:33)، وقوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)، وآيات أخرى مشابهة فيتعلم أن دم الناس حرام بغير حق، كما يتعلم من حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وهذه السلامة منهج الإسلام على العكس ممن يؤمنون بمنهج الصراع الطبقى الدموى من الشيوعيين والناصريين وأشباههم من أتباع ثقافة رعاة البقر الذين يؤمنون بالعنصرية وأن الجنس الأبيض من حقه أن يسحق كل من هو غير أبيض وخاصة المسلم بالقتل والسفك والأذى. لكن القتلة الكذبة استباحوا دم شباب طاهر بريء ولا نزكيه على الله، وبدم بارد أصابوا المئات دون رحمة ودون أن يهتز فى داخلهم ضمير، ثم سمح لهم فكرهم الإجرامى الشرير أن يتهموا الضحايا أنهم قتلوا أنفسهم، وخرجت أبواقهم الكاذبة تبارك مقتلهم، بل وتشمت فيهم وتدعى البراءة دون خجل أو وخز من شعور حى. يوم شيعت جثامين الشهداء كما نحسبهم عند الله خرست قنوات اللصوص القتلة، ولم تنقل المشهد المهيب الذى خرج فيه عشرات الألوف من المواطنين يحركهم الغضب الساطع، الذى يدين القتلة المجرمين، ويعلن عن إصراره على الثورة وحمايتها من الأقليات الفاشية المستبدة التى لفظها الشعب المصرى الجريح. والعجيب أن أحد الأبواق فى إحدى القنوات خرج يسخر من حديث مرشد الإخوان للصحفيين عن الجريمة وعن تحطيم مقر الجماعة الذى دمره المجرمون القتلة، وراح البوق الذى يتقاضى الملايين الحرام يتساءل بفجاجة: هل القتلى ثمانية أو سبعة؟ ويزعم أنه لم ير غير اثنين! هذا البوق المأجور وأمثاله ظلوا شهورًا طويلة يبكون؛ على شخص من غير المسلمين اسمه مينا دانيال. وقبل أيام ظلوا يتحدثون عن جيكا، ولكن الشهداء المسلمين لم يظفروا من البوق المأجور أو أشباهه بكلمة عزاء أو رثاء أو صمت! ويبدو أن من استأجروا هذا البوق وأمثاله يشددون عليهم أن يحللوا دماء المسلمين تحت كل الظروف، وبعد ذلك يحدثوننا عن الاستنارة ويصفون الرئيس بالديكتاتورية، وتناسوا أن أصغر ديكتاتور كان يمكن أن يعصف بهم ويجعلهم ينسون أنفسهم، ولكن الديكتاتور الذى يقصدونه يترك لهم الحبل على الغارب ليتجرأ كل فسل منهم تناول حبوب الشجاعة، وكل جبان رعديد كان ينحنى أمام بيادة مخبر فى أمن الدولة، على شتم الرئيس ووصفه بكل قبيح؛ معتقدًا أنه صار بطلاً قوميًا وعالميًا! إن المجرمين القتلة حاولوا اغتيال القيادى صبحى صالح، وبعد أن ضربوه ضربًا مبرحًا يفضى إلى الموت ألقوا به على شريط القطار ليقطّع أوصاله، ولكن الله أنجاه، وبقى حيًا يواجه جروحه وإصاباته بصبر المؤمن الذى لا يتحول عن عقيدته خوفاً أو رهبًا من هؤلاء القتلة المجرمين ومن يحركونهم! إن المجرمين القتلة أحرقوا ثمانية وعشرين مقرًا لحزب الحرية والعدالة فى أرجاء مصر، على مرأى ومسمع من أجهزة الأمن التى يفترض أن تمنع الجريمة قبل وقوعها، مما يعنى أن هؤلاء المجرمين القتلة على ثقة قوية ومطلقة أن الأمن لن يتدخل ولن يمنع، مما يعنى كثيرًا من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الأمن والقائمين عليه، والغريب أن المقر العام للإخوان المسلمين لم يسلم من الجريمة حيث قام القتلة المجرمون باقتحامه ولم يبقوا على شيء فى أرجائه سليمًا حتى المصحف ألقوا به على الأرض، والمسجد حطموا أثاثه وما فيه. إن القتلة المجرمين يملكون قدرًا غير مسبوق من البجاحة أو الصفاقة غير مسبوقة، حين يعلنون رفضهم للإعلان الدستورى، وفى الوقت ذاته يتحالفون مع الفلول، ويستخدمون لغة العنف والدم، ثم يزحفون إلى قصر الاتحادية لعمل انقلاب ضد الرئيس المنتخب، وضد الديمقراطية التى صدعوا رءوسنا بها، ويتهمون غيرهم بأنه يشكل ميليشيات عسكرية، وأنه يقتل نفسه وأتباعه، ويجدون الوقت والمكان الذى يذيعون فيه أكاذيبهم وترهاتهم ودعاواهم الشريرة عبر فضائيات غسيل الأموال والقنوات الطائفية وبعض قنوات الخليج المعادية وصحف الضرار التى يمولها الفلول وأعداء الإسلام.