صدق، ولكن لا يعني اني اوافقه على سفك الدماء، والتعالي على شعوب الارض، وقوله: «المانيا فوق الجميع». لقد صدق في بوحه بأسرار الحكام المتألهين وفلسفة حكمهم واستعبادهم للشعوب فترات طويلة. قدّم وصفة هي خلاصة تجربته في الحكم العسكري او شبه العسكري فقال: * اذا اردت ان تحكم شعبا فاتهمه بعدم الانتماء. * اذا اردت السيطرة على الناس فأخبرهم انهم معرضون للخطر. * وحذرهم أن امنهم تحت التهديد. * شكك دائما في وطنية معارضيك. * لا تجادل الاحمق، فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما. * لا تتحدى انسانا ليس لديه ما يخسره. * المهزوم إذا ابتسم؛ أفقد المنتصر لذة الفوز. * اذا طعنت من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة. إنها وصفة استثنائية دقيقة وخطيرة من مجرب لكيفية حكم الشعوب بالمراوغة والكذب واختلاق القصص الخيالية الموجهة. وسرد الحكايات والتهويش في الطرح وتخويف الناس من حاضرهم ومستقبلهم، وانهم على حافة الخطر المحقق. واستثمار هذه الحالة النفسية للطلب منهم بتسليم امرهم للحاكم الملهم واعوانه حتى يخرجهم من هذه الازمات. ثم نشر مقولة: نحن لا نفهم في السياسة ودعوها لأهلها يعنون (الحكام) حتى اذا ضربوهم فللمصلحة العامة، وان ابعدوهم فمن اجل الوطن، وان رفعوا الضرائب عليهم فمن اجل النهوض الاقتصادي، وتمويل مواجهة الأخطار، وحتى فرض الاحكام العرفية فهو خدمة للوطن والمواطن!! واما اذا بقي في المجتمع من يقرأ المشهد دون المؤثرات السحرية، ولم يؤخذوا بالتهويش والتضليل، فأحسن وصفة هي اتهامهم بعدم الانتماء للوطن، وهي تهمة نافعة ومجربة تغتال اولئك الاشخاص اغتيالا معنويا، تمهيدا لابعاد افكارهم عن المجتمع، واذا تطاولوا ولم يصمتوا فمصيرهم الاعتقال بتهمة عدم الانتماء للوطن، والتدليل على الشك في وطنيتهم وعدم انتمائهم سهل وميسور ما دام من طرف واحد، فيقال: *هؤلاء يريدون تفتيت الوحدة الوطنية. *وهم يريدون تهميشكم لتكونوا رعايا فقط في بلادكم. *يريدون ان يكون الاردن وطنا بديلا. ويخاطبون كل شريحة بخطاب يناسبهم: **فيقولون للشباب انهم يريدون التضييق على حرياتكم. **وللمرأة يريدون استعباد المرأة وحبسها في البيت. **وللمسيحيين انهم يريدون حرمانكم من حريتكم الدينية والانتقام منكم!! **وللمتدينين من المسلمين انهم يريدون دولة مدنية، ولا يريدون دولة اسلامية!! **وللعلمانيين انهم يريدون دولة دينية. **وللاردنيين هؤلاء لا يحبونكم ولا يحبون الاردن، ويريدون تسليمه للفلسطينيين. **وللاصلاء الطيبين يقولون هؤلاء عملاء للصهاينة والامريكان. **ويقال للبعض هذا مخطط امريكي عالمي لاستعماركم فاحذروه، وكأن الامة متحررة خلال المئة عام الماضية!! **ثم يقال لضغفاء الهمة وللخائفين من أي جديد هذه سحابة صيف ثم تنقشع وستزول قريبا فلا تغيروا ولا تبدلوا واحذروا منهم!! وهكذا فلكل مقام عند الخداعين مقال مناسب، ولكل فئة خطاب رائدهم فيه تجربة هتلر. لكن في خبرة هتلر التي دوّنها فوائد لرواد الاصلاح الذين يتعرضون لهجمات المستبدين على الدوام من قبل هتلر ومن بعده. النصائح الاربع الاخيرة من وصايه يمكن الافادة منها مهما كان مصدرها، فالحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق الناس بها ومنها: *تجنب مجادلة الحمقى فهم لا يقابلون الحجة بحجة ولا بمنطق، انما بالضجيج لا بالعلم ولربما تشكل هذه الحالة على المراقبين والمشاهدين ويختلط عليهم الامر. *وكذلك عدم التلهي بالفارغ الذي لا يملك شيئا، ولا يملك من امره الشخصي شيئا وهو تافه ليس لديه ما يخسره. *ثم هناك ثمة حكمة عظيمة تستفاد لتثبيت اقدام المصلحين الوطنيين ان كل اساءة توجه لكم حتى من الذين تتعبون من اجلهم وتقدمون التضحية والتعب لراحتهم، فحتى لو اضيف الى معاناتكم وسجنكم طعنات من الخلف فتيقنوا انكم في المقدمة وستبقون كذلك. *ثم يجب ان يكون دأبكم وخلقكم مع العمل الجاد الدائم مهما لقيتم من صعوبات وايذاء مهما كانت درجته فعليكم ان تديموا الابتسامة والصبر وتجنب القلق والاستفزاز ليثبت من حولكم، ولأن هذه الهجمة مهما اشتدت فهي مؤشر على اقتراب الفرج وحرية الشعوب، وصدق رب النفوس وخالقها القائل: {فأما الزبد فيذهب جفاءً واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض}.