1- دائرة «الربيع العربي» تتسع بثورة يناير العراقية كما لا حصانة لبلد من البرد، فلا حصانة لأحد من أن يمتد إليه «الربيع العربي» ويطرق بابه. وكان النظام في العراق بإمامة مهدي الزمان أو وصي الزمان أو ولاية الفقيه أو الفقيه الولي الوالي، تعددت أسماء الهر والمالكي واحد! أو أوحد زمانه، أقول كان وحيد القرن الحادي والعشرين يظن أنه محصن بالرضا الأمريكي والإسرائيلي بالتبع وبالطبع أو بالعكس والرضا الملالوي في إيران وآيات الله هناك، والرضا العربي بالتبع وبالطبع وبالتطبع، أقول إزاء كل ذلك ظن «المالقي» –من الإملاق- أو المالطي –من مالطة ونوع من القماش- أقول مرة رابعة ظن أنه ضد الاختراق والاقتراب واللمس ولا مساس كالسامري والمالكي، وإذ به يفاجأ بثورة يناير العراقية. فأتاه الله من حيث لم يحتسب، فانفجرت ثورة الشعب العراقي ولا أقول المناطق السنية؛ فليست الثورة في الرمادي والأنبار ونينوى وصلاح الدين وغيرها من المدن والمحافظات كالموصل والفلوجة وسامراء، ليست تعبيراً عن المظلومية الهائلة الواقعة على أهل السنة وحدهم، فالظلم سمة النظام المالكي والحكم النوري. وإلا فكيف تفسر أن العراق الذي يعوم على بحر من النفط، ويضم ثراه أعظم ثروة نفطية لا يجد أهله النفط، ويضطرون إلى الوقوف طوابير هائلة حتى تحصيل احتياجاتهم، وتنقطع الكهرباء عندهم ساعات طويلة كل يوم؟! ولقد درج الحكم الفاسد للمالكي أن يقول هذا من مخلفات العهد البائد، وكذب وخسئ وافترى، فقد كان كل شيء في العراق متوفراً، وإن الظلم الواقع على الشعب العراقي لا يقارن به وضع في العالم، اللهم إلا الحكم الطائفي القسيم للحكم العراقي؛ وأعني به حكم طائفي الشام. المهم أن شدة الظلم فجرت ينابيع ثورة «الربيع العربي» في العراق، وأثبتت أن العالم العربي كالأواني المستطرقة إذا ارتفع المد في بلد امتد إلى كل بلد، بل كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد: «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد»، بل كما قال المولى الجليل: (إن هذه أمتكم أمة واحدة). 2- مظالم العهد المالكي المالكي والظلم وجهان لعملة زائفة واحدة؛ فالمالكي مجبول بالظلم لا ينفك الظلم عنه ولا ينفك عن الظلم. وأول مظالمه تسلطه على الحكم مدعوماً من إيران وأمريكا مع أنه لم يكن الأرجح في الأصوات في الانتخابات الأخيرة، بل كان علاوي، ولكنه لم يرفض تسليم الحكم له، وارتضته أمريكا وإيران؛ لأن مواصفاته من الظلم والطغيان ترضي قرني الشيطان في الغرب والشرق. وثاني مظالمه نهبه ثروة الشعب العراقي، وواحدة من صور هذا صفقات السلاح بالمليارات وكلها صفقات مغموسة بالفساد والعفونة، وهي شراء خردة السلاح على أنه سلاح تحتاجه العراق. وزكمت رائحة صفقة روسيا وبعض بلدان أوربا الشرقية زكمت الأنوف. لقد عادت صفقات سنة 48 من السلاح الفاسد سيرتها ومسيرتها الأولى. ومن مظالمه أن جماعته من الشيعة لا يتجرعونه، ولكن العصبية تجعلهم يتقبلونه؛ لئلا ينفسح المجال لغير طائفتهم كما قال ذاك المرتد زمن حروب الردة: «كذاب ربيعة خير من صادق مضر»، وهذا حال العقل الطائفي النتن! أما مظالمه لأهل السنة على الخصوص فحدث عن البحر ولا حرج! التمييز في الوظائف والمراكز والجامعات والنفقات، وكما قال أحد العراقيين: إن المهجرين خارج العراق إن كانوا من الشيعة، تلقوا الدعم من السفارة العراقية في البلد الذي هم فيه، وغيرهم لا يتلقى الدعم. ثم فصّل قانون الإرهاب لأهل السنة! ومن عجب أن كل شخصية بارزة في أهل السنة إرهابية؛ فالهاشمي مع أنه من أهل البيت، وأهل البيت معصومون! -كما يقولون- وهو نائب رئيس الجمهورية نظرياً، وجهت له التهمة بالإرهاب وحكمها الإعدام! والآن جاء دور العيساوي وزير المالية ليحكم عليه بالحكم نفسه، وقتل حراس الهاشمي إعداماً بالقانون الجائر البائر الفاسد، والمحاكمات المهزلة. هذا قطرة من بحر، ولن نتكلم عن مليشياته الخاصة وسجونه الخاصة، ولا عن الاغتصاب في سجونه، ولا عن أنه هو شخصياً يقوم بهذا لن نتكلم عن هذا؛ فالمالكي أفسد من أن يشار إلى فساده وأشهر! شهّر الله به في الدنيا والآخرة! 3- الصفقة مع أمريكا اتفقت أمريكا والملالي في إيران والعراق على إسقاط صدام، على أنه حكم السنة، وصدام كان بعثياً لا سنياً بالدرجة الأولى، وإنما وقف للشيعة كموقف سياسي لا كموقف مذهبي طائفي؛ لأن إيران أرادت الاستيلاء على العراق وتصدير الثورة له، وبدأت تحرك أدواتها في العراق، ثم كانت فضيحة الجلبي (أبو بنك البتراء في الأردن يعني أبو المليار سرقه وطار!) هذا الجلبي كان مندوب السافاك (المخابرات الإيرانية في تضليل أمريكا بخصوص نظام صدام، وهو تضليل كانت تريده أمريكا، فهي قد ضلت بهواها لا عن هبل). المهم أنه بالتنسيق مع ملالي إيران أوهموا أمريكا أن صدام يملك سلاحاً كيماوياً، وهي الصور المكذوبة المزورة الملفقة التي استخدمها كولن باول وزير خارجية أمريكا، ورئيس أركان الجيش الأمريكي في حرب الخليج، في عملية منسقة بين الدولتين لتحطيم ثاني أعظم بلد عربي، بل أول بلد عربي لأن مصر مبارك كانت في ذيل القافلة. ونجحوا في ذلك، واستقبل الشيعة أو جمهرتهم بالأصح القوات الأمريكية أولاً بالانسحاب من مواقعهم كمجندين بفتوى السيستاني بحرمة محاربة أمريكا، وعندما دخلت استقبلوها استقبال المحرر الفاتح. وعلى ذكر الكيماوي، لماذا الطائفي بشار لا يشار إلى سلاحه الكيماوي؟ وهو قد استعمله! وكانوا يقولون خط أحمر! وإن جزءاً من الصفقة هو تنفيذ لقرار الكونجرس أن يشجع التدين الشيعي أو الإسلام الشيعي بشكل أدق أو أخص، فكان أن فصلت ديمقراطية للعراق سوى الديمقراطيات في العالم وأمريكا بالخصوص، ديمقراطية تقوم على المحاصصة؛ بمعنى تقسيم الوطن كل طائفة أو شيعة أو مذهب تقتطع قطعة من كعكة الوطن. وخيضت الانتخابات على أساس طائفي. فقوائم للشيعة وقوائم للسنة وقوائم للكرد، ثم للمسيحيين ثم التركمان والصابئة واليزيديين وما دب وهب! هذه ليست ديمقراطية، وإنما تقطيع الوطن إلى قطع أو إقطاعيات أو اقتطاعات، فيضيع الوطن بهذا التقطيع. والمالكي يرفض بكل شدة إجراء إحصاءات تشرف عليها الأممالمتحدة؛ بمعنى أنه حتى عقلية المحاصصة تقوم على اللامعلومات، بل على الافتراض والتخرصات، كما يقول عن الأقباط في مصر إنهم 10%، وكان مبارك يرفض إعلان حقيقة نسبتهم وهم لا يتجاوزن 4%، والشيعة في العراق الآن على نفس الطريق يقولون إنهم 60% من مجمل الشعب، ولا يسمح بالإحصاء. 4- السنة أحرص الناس على وحدة العراق يزعم المالكي أن مظاهرات «أهل السنة» بتوصيفه هي مظاهرات طائفية، وعجيب هذا المنافق، فهو أبوها وأمها وجدها وخالها وعمها -أعني الطائفية- ويرمي بها غيره كما في المثل العربي: «رمتني بدائها وانسلت»! ثم أذعن شكلياً لامتصاص الموجة فقال: مستعدون لتنفيذ «المطاليب» ما لم تتعارض مع الدستور، وما لم تتضمن تقسيم العراق، ولم تتضمن عودة النظام السابق وعودة البعث. وسنناقش كل واحدة من عناصر دعاية المالكي في حلقة قادمة، لكن الآن نقف عند دعوى أن أهل السنة يهددون العراق بالتقسيم، وهي من هذا الدعي مأساة ملهاة! فأمركيا قسمت العراق بتواطؤ من الشيعة وإيران الشيعية والقيادة الكردية، ولا أقول الأكراد، فالشعب الكردي طيب كبقية الشعوب، لكنه مبتلى كبقية الشعوب بقيادة لعلها تنافس على مرتبة «الأفسد» من بين سائر الزعامات. وأول من طرح «الفيدرالية» و»الكونفدرالية» هم شيعة العراق والأكراد، بينما تمسك أهل السنة بوحدة أراضي العراق ووحدة شعب العراق، وأما الجنوب فقد تبع عملياً لإيران، وأما كرد العراق فعملياً أقاموا دولتهم على حساب العراق! إن الخاسر الوحيد من تفتيت العراق وتقسيمه إلى دويلات هم أهل السنة، وهم الذين وقفوا ضد مؤامرة التقسيم الضالع فيها قيادات الشيعة والكرد. فثورة السنة في العراق –إن جازت التوصيفات- ثورة من أجل وحدة العراق ومنعة العراق والعدل أن يسود العراق، وللحديث صلة.