مئات القتلى في «البصرة» حاضرة العلم والثقافة وامتزاج الحضارات، وقد هالني هذا الرقم الذي ذكره مصدر بريطاني، وهو رقم صغير نسبة إلى الرقم الذي تعلنه أمريكا، من أن القتلى العراقيين بلغوا من أول يوم احتلال العراق مليوناً وخمسمائة ألف عراقي، مع أن التهمة التي وجهتها المحكمة الأمريكية للراحل صدام حسين أنه تسبب في قتل خمسة وعشرين عراقياً؛ حاكمتهم محكمة عراقية بتهمة محاولة اغتياله في زيارة له لبعض مناطق العراق. يتهم أهل السُنّة الشيعة بالتنكيل بهم، ليس ذاك وحسب، وإنما باغتصاب نسائهم أمام أهلهن، والشيعة يتهمون السُنّة بأن صدام كان يقف إلى جانب السُنّة، مع أن أهل السُنّة في شمال العراق «كردستان» يتهمون صدام وابن عمه علي حسن المجيد؛ الذي أطلق عليه لقب «علي الكيماوي» بإبادتهم بشكل جماعي في منطقة «حلبشة» الكردية. والآن في مدينة البصرة، يقتل الشيعي أخاه الشيعي، والسيد مقتدى الصدر، الذي كان صدام راضياً عنه إلى حدٍ ما ربما أطلق لتابعيه الزمام للفتك بالشيعة الذين هم أتباع المالكي الذي يقول عنه مقتدى إنه تابع ذليل لإيران، وأن إيران كما يقول مقتدى «بالتلفزيون» قد نصحت نصحها مقتدى بأن عقيدتها التي توافق عقيدته لا تخولها أن تسيطر على العراق. قال المالكي، رئيس وزراء العراق إن الصدريين فاقوا جماعة «القاعدة» بالإرهاب والتنكيل. لقد كان احتلال العراق محل ترحيب جماعة من الشيعة والسُنّة في العراق، ولم يدرِ الشيعة ولا السُنّة أن أمريكا لا تهدف إلى تحرير العراق من صدام الذي أصبح أعداؤه يتمنون عودته كمخلّص. ولم يهدف الاحتلال إلى صناعة الديمقراطية وتوطينها في العراق أو الخليج العربي أو أي قطر عربي آخر في المحيط أو الخليج، إنما هدف الاحتلال واضح وهو زراعة الفتن بين أبناء الشعب الواحد، وتعميق الفتن الأكثر خطورة وهي الطائفية والعنصرية وسرقة ثروات الأمة. سمعت سنّياً عراقياً يقول: لقد انتقم الله لأهل السنة، فهاهم الشيعة يقتتلون.. هذه أمريكا!!.