بعد أيام قليلة على عودته للعراق، بعد قرابة أربع سنوات قضاها في إيران، جدد رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، دعوته ل"مقاومة الاحتلال الأمريكي بكل السبل"، في خطاب وجهه وسط عشرات الآلاف من أنصاره بمدينة "النجف"، جنوبي العاصمة العراقية بغداد. وقال الصدر، في أول ظهور علني له منذ عودته للعراق في وقت سابق من الأسبوع الماضي: "لم ننسى الاحتلال، ولا زلنا للمحتل نقاوم، بالمقاتلة العسكرية، وبكل أنواع المقاومة"، إلا أنه تابع قائلاً: "المقاومة والسلاح لأهل السلاح فقط، ورفضنا بقلوبنا للمحتل هو أيضاً مقاومة." وعاد مقتدى الصدر، المعروف بمناهضته للوجود العسكري للقوات الأمريكية في بلاده، إلى النجف أواخر الأسبوع الماضي، بعدما أمضى قرابة ثلاث سنوات في منفاه الاختياري بإيران، والتي لجأ إليها خوفاً على حياته بعد إصدار أمر اعتقال بحقه عام 2007. وفيما ذكر مقربون من التيار الصدري أن الزعيم الشيعي الشاب أقام في إيران لدراسة العلوم الدينية في "حوزة قم العلمية"، قال مراقبون إنه خرج من العراق بموجب "صفقة" مع رئيس الحكومة، نوري المالكي، تتضمن وقف العمليات المسلحة لأنصار الصدر. وقاد مقتدى الصدر جماعة "جيش المهدي"، والتي كانت واحدة من أكبر الجماعات المسلحة التي ظهرت في العراق بعد سقوط نظام الرئيس الراحل، صدام حسين، وساهمت الهجمات وأعمال العنف التي قامت بها تلك الجماعة في حالة عدم الاستقرار التي عانى منها العراق لسنوات. وبعد التخلي عن العنف وإلقاء السلاح، بدأ الصدريون المشاركة في العملية السياسية، ودخل في تحالف مع "إئتلاف دولة القانون"، الذي يقوده، وهو سياسي شيعي وغريم سابق لزعيم التيار الصدري. وخلال خطابه الأول بعد عودته للعراق، ووسط شعارات رددها أنصاره منها "لا لا لأمريكا"، و"لا لا للمحتل"، رافعين صوره وصور زعماء آخرين من الشيعة، دعا الصدر كافة العراقيين إلى إنهاء الاقتتال الداخلي، كما أعرب عن تأييده للحكومة العراقية الجديدة، برئاسة المالكي. وفي إشارة على خلافه السابق مع رئيس الحكومة، قال الصدر: "إذا حدث ما حدث بين الإخوة من صراع، فلننس الصفحة ونقلبها إلى الأبد"، كما شدد على قوله: "نحن لا نقتل عراقياً"، إلا أنه أشار إلى أن التطورات السياسية الأخيرة زادت من حدة الانقسامات في العراق.