أكاد أجن عندما أشاهد مقاطع الفيديو على اليوتيوب وعلى صفحات الفيس بوك والتويتر وكل القنوات الإخبارية وهي تبث مشاهد مروعة لأنفس تزهق ودماء تراق وجرحى يسقطون بين اللحظة والآخرى ولا أدري كم من الدماء أريقت ، وأنا أكتب هذه الكلمات في سوريا فقط حدثت وتحدث وستحدث المجازر ليس بالرصاص والقنابل فقط ؛ ولكن بالسكاكين وإنها لأنفس طاهرة بريئة نقية تسقي أرض الشام الحبيبة من دمائها الزكية. أرى طوال أشهر الثورة السورية المباركة ، وأقف على مفردات الثورة بأرواحها ودمائها وأطفالها ونسائها وشيوخها وكل لحظة حزن وفرح ونصر وموت فيها؛ لأنها ثورة التضحيات، نعم تضحيات عظيمة وأي شيء أعظم من التضحية بالنفس التي يحملها الإنسان بين جنبيه …؛ ولكن هل الأمر يستحق كل هذه التضحيات وما الحرية التي ينشدها السوريون ؟ وماالذي سيتغير في حياة المواطن السوري الحر ؟ الصبر لعل صبر الشعب السوري المجاهد على كل ما يطاله من قتل وذبح وإنتهاك للأعراض ودمار وجوع وترقب، هو أن الشعب السوري يرى مستقبلاً كان يحلم به كل سوري، ولكن في ظل حكم البعث كانوا يمنعوا من الحلم بأنهم شعب له رأي حر غير ما يراه الحاكم وحاشيته الطائفية ومن والاهم لذلك صبروا ويصبرون على كل ما حدث ويحدث وما يزال ، ورجاؤهم النصر بإذنه تعالى على الطغاة وأعوانهم ، وهذا الصبر رسالة لكل من يدعم الأسد بأننا شعب سنقدم تضحيات الحرية شئتم أم أبيتم . ولعل صبرهم على كل هذا القتل والتنكيل بهم وبسوريا أرضاً وإنساناً هو أنهم إن تراجعوا على طلب حريتهم والتي خرجوا من أجلها سيذوقوا أصناف العذاب أشد مما يجري لهم اليوم وهم في موقف يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم على الأقل ويعللون النفس بأنهم لن يخسروا أكثر مما سيخسروه إذا تراجعوا عن مطلبهم وهم أصحاب المقولة الثورية ( الموت ولا المذلة ) وهاهم يموتون بعز في أرضهم .. الله محيي الجيش الحر الذي يموت من أجل الحرية ورفضاً للذل الذي عرفه زماناً طويلاً . سر صمود النظام! ولكن في المقابل من ذلك ومن باب إنصاف الواقع كيف لنظام الأسد الذي خرج عليه الشعب بتضحيات كبيرة ، كيف له أن يصمد كل هذه الفترة؟ قرابة العامين وعلى أي عقيدة تمت تربية الجيش السوري خلال الخمسة العقود المنصرمة؟ وهل كل الجيش صامد مع النظام سوري أم أنه خليط من أهل المذهب والطائفة ؟وبإمكانات الدولة تصبح الطائفة هي القوة التي يريدها أن تعيد الخراف إلى الحظيرة كما يفكر الأسد باستخدامه للحل الأمني منذ الوهلة الأولى واستقوائه بطهران وضاحية حزب اللاة والدببة الروس . لعلي هنا أجد في الموقف سراً ولغزاً عسكرياً عندما أرى نظام الأسد الذي صمد مع أن نظام القذافي الذي كان أكثر حزماً لم يصمد أمام الثوار إلا بضعة أشهر ، فأي عقيدة عسكرية طائفية تربى الجيش الأسدي عليها كما يحب أن يسميه الثوار في سوريا أو عصابات الأسد الطائفية ؟ وهل كان الأسد يتوقع ثورة عارمة من خمسين سنة فقام ببناء هكذا جيش ؟ أم هي عقلية الطغاة في كل البلاد ؟ ولا أعتبرها إلا قوة القبضة الأمنية المحكمة على عناصر الجيش ليس إلا ، والجيش هو أسمه جيش سوريا الذي سوف يكلف السوريين الكثير في سبيل في بنائه من جديد .. أعانهم الله . صعوبات .. ولكن النصر قريب كثير ما أسمع عن انتصارات الجيش السوري الحر وتقدمه على جبهات ومواقع المواجهة وإحراز الإنتصارات ، ولكن بقدر ما أرى وأقرأ وأشاهد ذلك ، فإني لا أرى أن النصر ستحقق بالسهولة التي قد يتخيلها أي إنسان .. لماذا ؟ لأن جيش الاسد ( العصابة ) يمتلك إمكانات مادية كبيرة وتفوقاً ملحوظاً لايضاهى ، وبالمقابل من ذلك نجد أن الجيش السوري الحر لايمتلك مايمتلكه النظام الدموي الفاشي، البربري، وإذا ما نظرنا إلى الإمكانيات التي يمتلكها الجيش الحر، سنجد انها إمكانيات محدودة ، لذا سيكون الطريق إلى النصر طويلاً وصعباً، لكنه ليس مستحيلاً ؛ لأن الشعب السوري الحر قد أزاح الخوف عن نفسه ولا يخشى إلا خالقه ، ويرجوا نصره وقد قدم الشعب السوري كل التضحيات ومازال في سبيل نيل الحرية طارقاً كل باب في بلاد الشام .. اللهم ارحم شهداء الثورة السورية وعجل بنصرك القريب لرجالها .. يارب العالمين .. وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون ودمتم يامن غنتفضتم ضد الطغيان والجبروت بشراً أحراراً.