يقول البعض بأن تيار الإسلام السياسي اختطف الثورة، ويقول آخرون بأن الثورة لم تنجز أهدافها، وكلتا المقولتين تحملان بعضاً من الصواب، لكنهما لا تُعبِّران عن المسار الأشمل لعملية التغيير، بوصفها عملية مركبة ومعقدة ومستمرة، وليس لها أن تقفز على ما كان في الماضي القريب والبعيد. وبهذا المعنى تقتضي النظرة الحصيفة الرائية لأمر المتغير السياسي والمجتمعي العربي، واليمني ضمناً، الإقرار بموضوعية النواميس التاريخية التي تغادر الماضي إجرائياً، لكنها تُعيد إنتاجه في ذات الوقت، وبطريقة مأساوية وملهاوية، حتى يكتمل الجنين.. خروجاً من ظلمات الماضي. تقتضي هذه النظرة البحث عن الحقيقة خارج ما هو ظاهر وناتئ، فالعملية الانتقالية العسيرة ما زالت سجالاً وحرباً حامية الوطيس بين الذات الممسوسة بالحلم، والموضوع المجرور على بؤس التاريخ، وما سنراه غداً أو بعد غدٍ أهم بكثير مِمَّا هو ماثل اليوم. تبقى كلمة تتعلق بخيار المبادرة التوافقية الخليجية النابعة من إرادتين دولية وإقليمية، وجدت رجع صداها الطيب في الإرادة الداخلية لفرقاء التوافق، ولولاهم لما كانت المبادرة، ولما تمَّ الوصول إلى مفترق الطريق الراهن. الحوار والشروع مباشرة لبناء الدولة الاتحادية الفدرالية التي يُجمع عليها عقلاء الداخل، ومعهم الحاضن السياسي الدولي يمثل مخرجاً إذا اقترن بتدابير فعلية على الأرض تعيد الحقوق لأصحابها عاجلاً وبدون تأخير.