استمرت لليوم السادس على التوالي امس الاشتباكات العنيفة في احياء مدينة حلب بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية ويستقدم الطرفان تعزيزات الى المدينة، لخوض ما وصف بانه «المعركة الحاسمة». وفي حين اعتبر البيت الابيض ان استخدام النظام السوري للمروحيات القتالية يظهر «مدى انحطاطه»، منددا بالهجوم المستمر على حلب، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي للتحرك من اجل وقف «المجزرة» في سوريا حيث قتل امس 150 شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي دلالة واضحة على أهمية معركة حلب دفع النظام السوري بأعداد كبيرة من قواته المدرعة وزج للمرة الاولى بمقاتلاته الحربية التي قصفت والمروحيات الحربية أحياء المدينة وذلك في سابقة هي الاولي من نوعها منذ بدء القتال. ولا تزال الجبهات مشتعلة في المدينةالتي تعتبر الرئة الاقتصادية لسوريا، والتي ظلت لاشهر طويلة في منأى عن حركة الاحتجاجات الى ان تصاعدت فيها حركة التظاهرات ضد النظام قبل حوالى ثلاثة اشهر ثم اندلعت فيها المعارك الاسبوع الماضي مترافقة مع اعلان الجيش السوري الحر بدء «معركة تحرير حلب». وتركزت الاشتباكات، بحسب المرصد وناشطين، في حيي بستان القصر وصلاح الدين، بينما تشهد احياء الصاخور وطريق الباب والشعار وقاضي عسكر وصلاح الدين قصفا مصدره القوات النظامية التي تستخدم المروحيات. وسجلت حركة نزوح كثيفة للاهالي. وقال مراسل صحيفة سورية في المدينة ان «مئات المتمردين القادمين من كل شمال سوريا يتدفقون الى حلب»، حيث ستدور على ما يبدو «المعركة الحاسمة»، مشيرا الى ان «المتمردين يسيطرون على حوالى عشرة احياء في اطراف حلب». واكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان «الثوار يعززون مواقعهم بالتأكيد، فيما القوات النظامية «تواصل منذ 48 ساعة ارسال تعزيزات في اتجاه المدينة من مناطق عدة». ورأى ان «حلب بالنسبة الى الثوار هي عاصمة الشمال وتمثل بنغازي (ليبيا) سورية، خصوصا ان معظم المناطق شمال مدينة حلب باتت خارجة عن سيطرة النظام». وقال قائد المجلس العسكري للجيش الحر في محافظة حلب العقيد عبد الجبار محمد العكيدي ان الاوامر اعطيت الى «كل عناصر الجيش الحر بالزحف في اتجاه حلب الشهباء من كل الاتجاهات بهدف تحريرها ورفع علم الاستقلال فيها». في الوقت نفسه، يستقدم الجيش النظامي تعزيزات الى ثاني اكبر المدن السورية. وقال عبد الرحمن ان القوات النظامية «تواصل منذ 48 ساعة ارسال تعزيزات في اتجاه مدينة حلب من مناطق عدة. وتسلك هذه التعزيزات طريق دمشق-حلب الدولي». واشار الى ان المقاتلين المعارضين «نفذوا امس هجومين لاعاقة وصول التعزيزات، احدهما بين معرة النعمان وخان شيخون (في محافظة ادلب القريبة في شمال غرب البلاد) والثاني على قافلة عسكرية بالقرب من مدينة اريحا في ادلب». وذكر ان «الثوار استهدفوا ايضا بعبوات ناسفة موكب سيارات للامن على طريق الراموسة في منطقة الحمدانية غرب مدينة حلب ما ادى الى مقتل ما لا يقل عن ثمانية عناصر». ورأى عبد الرحمن ان النظام يحاول منع سقوط «اي من رموز السلطة في المدينة مثل مقار الامن وحزب البعث والادارات الرسمية». وذكر مصدر امني سوري ان المعركة الاكثر اهمية في حلب تهدف الى استعادة قوات النظام الاحياء الواقعة بين المدينة والمطار (جنوب شرق حلب) والتي «وقعت في ايدي الارهابيين». وقتل في محافظة حلب امس 23 شخصا معظمهم في المدينة. وبين قتلى امس عشرة سقطوا في «هجوم للقوات النظامية على قرية خراب باجار في محافظة الحسكة (شمال شرق)».كما قتل اربعة مواطنين صباحا من عائلة واحدة في قصف تعرضت له بلدة قلعة المضيق في محافظة حماة، وهم رجل ووالدته وطفلاه، واصيب احد عشر مواطنا في القصف. وكان القصف لا يزال مستمرا مساء على قلعة المضيق وقرى سهل الغاب وجبل شحشبو في محافظة حماة، بحسب لجان التنسيق. وفي محافظة حمص، تعرضت مدينتا القصير والرستن الخارجتان عن سيطرة النظام لقصف عنيف ومحاولات اقتحام، وقتل اربعة مواطنين بينهم امرأة وطفلها في القصير. في حين استمر القصف على احياء الخالدية وجورة الشياح والقرابيص والقصور في مدينة حمص بمعدل خمس قذائف في الدقيقة الواحدة احيانا. وقتل مقاتل في محيط حي بابا عمرو الذي سقط في ايدي القوات النظامية منذ مطلع آذار وتدور منذ اكثر من شهر اشتباكات في محيطه. وفي دمشق وقعت اشتباكات استمرت ساعات في حي العسالي في جنوب العاصمة بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، في وقت تعرض حي الحجر الاسود (جنوب) لقصف عنيف استخدمت فيه المروحيات طوال اليوم، بحسب المرصد وناشطين. وافادت لجان التنسيق المحلية مساء عن سقوط قذائف هاون على حي التضامن. واستعادت قوات النظام خلال الايام الماضية السيطرة على معظم احياء العاصمة، باستثناء جيوب واجزاء من احياء لا يزال يقاوم فيها المقاتلون المعارضون. انشقاق سفيرين وخال في غضون ذلك قالت مصادر مطلعة في مدينة إسطنبول إن محمد مخلوف خال الرئيس السوري بشار الأسد وأبناءه أجروا اتصالات مع دول أجنبية سعيا للعثور على ملاذ في حال سقوط النظام، بينما أعلن السفير السوري في الإمارات عبد اللطيف الدباغ انشقاقه بعد يوم من انشقاق زوجته سفيرة سوريا في قبرص لمياء الحريري. وأضافت المصادر أن مخلوف وأبناءه أجروا اتصالات حول هذا الشأن بكل من العاصمة الروسية موسكو والعاصمة الفرنسية باريس. يذكر أن رامي ابن محمد مخلوف أصبح خلال السنوات الماضية واحدا من أغنى رجال الأعمال في سوريا. وكانت دول غربية فرضت عقوبات على عائلة مخلوف بسبب العلاقات المالية المتشابكة التي تربطها بالنظام. بموازاة ذلك أعلن سفير سوريا في الإمارات عبد اللطيف الدباغ انشقاقه عن النظام، بعد يوم من إعلان زوجته السفيرة السورية في قبرص لمياء الحريري انشقاقها. وأكد متحدث باسم المجلس الوطني السوري المعارض محمد سرميني انشقاق الدباغ ووصوله إلى قطر.كما أقر مصدر قريب من السلطات السورية بانشقاق لمياء عن النظام السوري. ولمياء الحريري من محافظة درعا مهد الثورة المستمرة منذ 16 شهرا.ويرتفع بهذا عدد السفراء المنشقين عن النظام إلى ثلاثة والذين انضموا إلى صفوف المعارضة السورية، بعد إعلان السفير السوري في العراق نواف الفارس يوم 11 تموز الجاري انشقاقه عن النظام، وهو أول دبلوماسي بهذا المستوى يعلن انشقاقه منذ بدء الثورة في سوريا منتصف آذار 2011. ووصل ضابطان سوريان برتبة لواء الى تركيا بعد انشقاقهما عن الجيش السوري، ليرتفع الى 27 عدد الضباط السوريين المنشقين في تركيا البيت الابيض سياسياًاعتبر البيت الابيض ان استخدام النظام السوري للمروحيات القتالية في حلب يظهر «مدى انحطاطه»، منددا بالهجوم المستمر على المدينة. وقال المتحدث الرئاسي الاميركي جاي كارني للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية «اير فورس وان» التي كانت تقل الرئيس باراك اوباما ان استخدام المروحيات يشكل «مؤشرا جديدا الى مدى انحطاط» نظام الاسد. كما اعلن البيت الابيض ان احد مستشاري اوباما اجرى في بداية الاسبوع محادثات «بناءة» مع مسؤولين صينين كبار في بكين، تناولت خصوصا سوريا وايران وكوريا الشمالية. بالمقابل دان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف موقف الولاياتالمتحدة من المعارضة السورية معتبرا انه «تبرير للارهاب»، واتهم واشنطن بعدم ادانة التفجيرالذي اودى بحياة اربعة مسؤولين امنيين في دمشق في 18 تموز. وقال لافروف انه «موقف رهيب». واضاف «انني اعجز عن ايجاد الكلمات للتعبير عن موقفنا في هذا الشأن. تبرير مباشر للارهاب». وانتقد الوزير الروسي سفيرة الولاياتالمتحدة في الاممالمتحدة سوزان رايس، مؤكدا انها صرحت بعد تفجير دمشق ان على مجلس الامن الدولي التصويت على قرار يفرض عقوبات على سوريا، وهو القرار الذي استخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) ضده. من جهة اخرى، دانت روسيا العقوبات الجديدة التي اقرها الاتحاد الاوروبي بحق سوريا وتنص على تعزيز اجراءات حظر الاسلحة التي تنقلها السفن والطائرات، معتبرة انها تشكل «حصارا». وقالت الخارجية الروسية في بيان ان «الاجراءات التي اتخذها الاتحاد الاوروبي تعتبر في نهاية الامر حصارا جويا وبحريا». كمااعلن السفير الروسي لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين ان بلاده مستعدة لتنظيم اتصالات في موسكو بين النظام السوري والمعارضة بهدف تسهيل اجراء «حوار بين الاطراف السوريين». منظمة العفو من جانبها طالبت منظمة العفو الدولية الجيش السوري النظامي والمقاتلين المعارضين بوقف «الاعدامات التعسفية»، مؤكدة ان وتيرة هذه الاعدامات تتصاعد. وتحدثت منظمة العفو في بيان عن «معلومات مفادها ان القوات الحكومية ومجموعات المعارضة المسلحة تقوم في شكل متعمد وغير قانوني بتصفية» المعتقلين لديها، داعية «كل الاطراف الى التزام القانون الانساني الدولي». واضافت انه تم العثور على جثث 19 رجلا غير مسلحين وطفل في حي المزة في دمشق، لافتة الى ان هؤلاء «قتلوا، وفق ناشطين، بيد القوات الحكومية التي اتهمتهم بمساعدة المعارضين». وتابعت انها جمعت خلال اشهر ادلة على ان «القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها ارتكبت عمليات اعدام غير قانونية». واعلن مساعد الامين العام للامم المتحدة لشؤون عمليات السلام هيرفيه لادسو الموجود في دمشق ان تخفيض عدد افراد بعثة المراقبة يعني تقليصا في المهام الموكلة اليها. ووصل الى دمشق القائد الجديد لبعثة المراقبين الجنرال باباكار غاي الذي عبر عن امله في ان «تتغلب الحكمة، وان يظهر الضوء في آخر النفق». من البوسنة، وجه بان كي مون نداء «الى العالم اجمع: لا تتأخروا، اتحدوا، تحركوا. تحركوا الان لوقف المجزرة في سوريا». الى ذلك تعكف مجموعة من خمسين معارضا سوريا في برلين على اعداد دستور جديد لسوريا استعدادا لمرحلة ما بعد نظام الرئيس بشار الاسد. واعلنت «مؤسسة علوم وسياسة» التي تقدم اليهم المساعدة ان هذه المجموعة تضم ضباطا سابقين وخبراء اقتصاديين وقانونيين وممثلين لمختلف المكونات الدينية في سوريا. واضافت ان هذا المشروع اطلقه المعهد الاميركي للسلام، على ان يعلن المعارضون نتيجة عملهم في بداية اب.