تحول سد كمران بصنعاء إلى مزار يومي لمئات المواطنين، وذلك بعد نشر مقطع فيديو لشاب وزوجته يصور لحظة غرقهما، ولأن ذات المقطع قد تم تداوله بشكل واسع على الانترنت والهواتف النقالة. خلال الفترتين الصباحية والمسائية يتوافد المئات من المواطنين إلى سد كمران الواقع في بيت بوس، «حتى أصبح هو المتنفس لكثير من المواطنين والعوائل، والقصد من ذلك لرؤية هذا السد، الذي انتشر مقطع فيديو الزوجين أثناء غرقهما.. حتى أن هناك العديد من العوائل تأخذ طعام الغداء وتذهب لتناوله في ذات المكان، وتقضي فيه يوماً كاملاً، وهناك من يذهب للمقيل على مشارفه وفي التباب المجاورة للسد». زوار السد لم يقتصروا على قاطني العاصمة صنعاء وحسب، فهناك من أتى من محافظات بعيدة لزيارته. وكما يقول الشاب محمد" انه جاء من محافظة إب وتحديداً من مديرية بعدان المنطقة التي ينتمي اليها الشاب وزوجته اللذين غرقا في ذات السد منتصف شهر ابريل الماضي". ويضيف في حديثه ل«الخبر» إنه جاء ليرى هذا السد «الذي أغرق الشاب هيثم ضاعن وزوجته من خيرة الشباب في بعدان». أحد ساكني المنطقة المجاورة للسد يقول: «إننا لم نشهد هذا الاقبال الكبير للمواطنين لزيارة السد من قبل، رغم أنه قد غرق فيه أناس كثيرون». مضيفاً": «السبب يعود إلى مقطع الفيديو للزوجين، وانتشاره على مستوى واسع، وإلا لما أتى أحد إلى هنا». الحاجة فاطمة إحدى زائرات السد التي التقيناها هناك تقول ل«الخبر»: إن «زيارتها للسد ليس من أجل ما فيه، وإنما بعد ما شفنا مقطع الزوجين الذي اثر فيهم»، وكما تقول: «جلست أسبوع كامل من شفت الفيديو وما نسيته واليوم جئنا نشوف هذا السد الذي أغرق شابين مثل الزهور، وبمقتبل العمر». سد كمران الذي بات يطلق عليه الكثير «سد الموت»، لم يكن هيثم وزوجته هما وحدهما الضحية، فقد سبق والتهم أكثر من 20 فردا، وإنقاذ العديد من المواطنين، بل إن احد الطلاب غرق فيه اليوم التالي لغرق هيثم وزوجته، بل إن السد شهد «5» حالات غرق في حادثين منفصلين خلال 42 ساعة، نتج عنها وفاة ثلاث حالات وإنقاذ حالتين بحسب مصلحة الدفاع المدني، إلا ان ظهور الزوجين في مقطع فيديو اوجد سخطا واسعا لدى المواطنين من اللامبالاة التي اتخذتها الجهات المعنية طوال غرق العشرات في السابق، دون أن تضع حداً لتكرار تلك الحوادث المأساوية». ومع ازدياد حالات الوفاة في السد ظهرت مناشدات ومطالبات للسلطات بوضع حد لتلك المآسي عن طريق وضع حلول آمنه لمنع تكرار تلك الحوادث . سد كمران الذي أنشأته شركة كمران للتبغ والكبريت بدئ تشييده مطلع عام 2001م، وأنجز عام 2005م، تبلغ سعته 700.000 متر مكعب من المياه.. يحتضن بحيرة واسعة بطول 350 متراً وعرض 150 متراً، وإرتفاع 18 متراً، ويرتفع جسم السد 20 متراً، وبطول (9-120 متراً) وعرض 86 متراً عند قاعدته، يوازيها 10 امتار في قمته. وبعد حادثة غرق الزوجين رفعت منظمة أعوان للعدالة دعوى قضائية ضد شركة التبغ والكبريت الوطنية لما وصفته بالعمل العشوائي في انشاء سد كمران الواقع بجنوب امانة العاصمة ببيت بوس. وأوضحت المنظمة في الدعوى التى رفعتها إلى رئيس محكمة جنوب غرب الامانة «أن الشركة لم تلتزم بطرق الأمن والسلامة حين قامت بتشييد السد في عام 2005م والمتمثلة في عدم وضع سياج أو حاجز حديدي يمنع المواطنين من السباحة في السد، حفاظاً على أرواحهم، وكذلك عدم نصب اللوحات التوضيحية للقدرة الاستيعابية من المياه». وجاء رفع الدعوى بعد ان توفي سبعة أشخاص غرقا خلال الربع الأول من العام الجاري، وتحديدا منذ بدء موسم الأمطار التي من بها الله على بلادنا. وطالبت المنظمة في الدعوى «بإلزام الشركة بوضع سياج أو حاجز حديدي (شباك) حول السد لمنع المواطنين من السباحة وكذلك توفير محل طرق الأمن والسلامة التي تقلل من الخسائر البشرية». وكعادة الجهات المعنية في اليمن أنها تأتي بالحلول لأي حوادث إلا بعد وقوعها، وغالباً لا تتحرك إلا بعد أن يصبح الضحايا بالعشرات مؤخراً شرعت مصلحة الدفاع المدني بتوزيع عدد من الغواصين في بعض السدود والحواجز المائية، ومنها سد كمران حيث خصصت المصلحة وبعد قرابة الأسبوعين من الحادثة المأساوية للزوجين، بجعل اربعة غواصين للمرابطة في سد كمران من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة من مساء كل يوم للقيام بعمليات إنقاذ أية حالات غرق في السد. واكتفت المصلحة بالغواصين، دون عمل أي طرق للأمن والسلامة أخرى، تمنع من السباحة في السد. وكان مدير التوجيه والعلاقات العامة بمصلحة الدفاع المدني المقدم خالد الشراحي ان المصلحة ستقوم بالتعاون مع وزارة الأشغال بعمل سياجات حديدية حول السد، كما قامت بوضع لوحات إرشادية تحذر الزائرين من السباحة في الأماكن الخطرة من السد". حديث ذلك كان قبل أسبوعين، إلا اننا وخلال زيارتنا لسد كمران يوم الجمعة لم نجد أي لوحة ارشادية كما ذكر، وفقط مرفوعة لوحة شركة كمران للتبغ والكبريت، متصدرةً اسم نجل شقيق الرئيس السابق توفيق صالح والذي كان رئيس مجلس ادارة شركة كمران الذي أنشأ السد في عهده". * «الخبر» يتحفظ على نشر الفيديو حفاظا على مشاعر أسرة الزوجين