كرها بمعاوية وليس حبا بعلي أبدا، هذه هي القصة التي لن تطوي السنون صفحاتها بعد، وهو حال استمرّ معنا على طول الزمان منذ هما وما كانا به وعليه، مرة دفيناً وفي العلن مرات، وها نحن اليوم أمامهما مجددا، وهذه المرة بأشد قسوة من موقعة الجمل، وبتكالب للجمع في كثرة نصرة للحسين الذي قضى لقلتها أصلا, فعماذا يكفّرون الآن أو ماذا يبتغون وهما عكس الدنيا والعكاس نفسه، وطالما أصبح ياسمين الشام أحمر وبلح بغداد رصاص؟! وإن في الزمان انطلاقا لها من عند مقتل عثمان عندما كتبوا سطورها الأولى على قميصه، فإنّ من أطلق سطور الحاضر طفل, لما أعادوه مغتالا في كل جسده ومقطع الوصل. ولأنهم أبهموا الفئة الباغية وما عاد متفق على أيّهما هي بالتحديد منهما، فيلصقها كل بالآخر من وفي ثنايا اللغة والتفسير المأول, فأبقوا على دم ابن سمية ياسرا معلقا بينهما منذ صفين. لم تسعف معاوية دولته الأموية لحسم الأمر, ولا دولة عبد الله بن محمد أبو العباس الشهير بالسفاح ذات الغرض. وإن مرّ كل هذا الوقت من الزمان عليهما, فظنّ البعض بفصل جديد من روايتنا، ليتكشّف أنّه ذاته مستمرا لما أعادوا تعليق القميص على منبر الأموي مجددا، وهذه المرة كان لحمزة الخطيب، غير أنّ من في الشام اليوم ليس معاوية. وهذا هو الذي بيننا وبالنسبة لنا نحن قوم عبد مناف وهاشم، وليته بيننا فقط، فلعلّ نجد له مخرجا. والحال بات بوابة على جسر يعبر منها عليه نحونا من تركناهم ينمون لكثرة ما غفلنا وما زلنا, فكبروا وكثروا بعد حشرهم في مقدمة فصولنا قلة من أهل كتاب, وهم من يحشروننا اليوم نحاصر ذاتنا بأنفسنا. ونفرق اليوم بما نخطّه نحن عنّا أنّ معاوية ويزيد رسخوها قوية, وجال بها ابن مروان عبد الملك كل الدنيا لما خطوا فصولهم بأنفسهم، وأنّ أبو العباس رسخها له ونال منها المنصور أبو جعفر مجد كل الأمة كاتبا لها بنفسه سطرا بعد سطرا, والكتابة مستمرة اليوم في الرواية نفسها غير أنّ من يخطّها لنا غيرنا بأقلامهم وهذا هو الفرق.