تواصل جماعة الحوثي تصعيدها عبر مسيرات حاشدة للمئات من أنصارها إلى منطقة شعوب ، حيث يقع مقر جهاز الأمن القومي اليمني في العاصمة اليمنية صنعاء وهم يرددون هتافات وشعارات ضد الأمن القومي «الشعب يريد حل الأمن القومي والأمن القومي حقير ومعلوماته للسفير» ، وتعد هذه هي المسيرة الرابعة لجماعة الحوثي إلى مقر جهاز الأمن القومي بعد مسيرات 14 و15 مايو الماضي والثانية هذا الأسبوع بعد مسيرة الأحد الماضي. ولوحظت أثناء المسيرة حالة استنفار أمني في محيط جهاز الأمن القومي وباب شعوب وباب اليمن وجولة مقبرة الصياح واستحداث نقاط تفتيش في مناطق متفرقة بالعاصمة اليمنية صنعاء لا سيما منطقتي شعوب وصنعاء القديمة الكائن بهما مبنى الجهاز. من جانبهم أصحاب المحلات في منطقة شعوب قاموا بإقفال محلاتهم التجارية تحسبا لوقوع اشتباكات بين جنود جهاز الأمن القومي ومتظاهرين عصر الاثنين. وكان مئات من أنصار الحركة الحوثية تجمعوا عصر الإثنين في مظاهرة منددة بالقتل الذي حصل الأحد المنصرم أمام مبنى الأمن القومي ، إلا أن المسيرة مرت بسلام ولم تحدث أي مصادمات. وصدر عن المشاركين في المسيرة بيان قالوا فيه: «انهم عندما خرج الثوار إلى ميادين وساحات الثورة حالمين بدولة عادلة ترفض هيمنة أجهزة التسلط والإستبداد وقمع الحريات وتكميم الأفواه والذي قامت الثورة للقضاء عليه، وعليه فقد خط شباب الثورة أهدافهم ومطالبهم بدمائهم الزكية وصمدوا في الساحات لأكثر من عامين وفي مقدمة تلك الأهداف المطالبة بحل جهازي الأمن القومي والأمن السياسي». من جانبه عبر مصدر مسؤول بجهاز الأمن القومي عن أسفه واستنكاره لما ورد في البيان عن الحوثيين الذي تلاه عضو مؤتمر الحوار الوطني الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين باسم الحوثيين في مؤتمر الحوار ، من ادعاء بتعرض أربعة محتجزين للتعذيب حتى الموت. وأبدى المصدر استغرابه من صدور هكذا تصريحات وتعلنها للرأي العام شخصية قانونية معروف عنها الدقة والحصافة. وأكد أن ماتم الاشارة اليه ليس له اساساً من الصحة وان مثل هكذا ادعاءات إنما جاءت لمحاولة اخفاء الأهداف الحقيقية وراء التصعيد غير المبرر الذي قامت به مجاميع وعناصر حوثية الأحد الماضي وفقاً لمخطط مسبق لاقتحام الأمن القومي وإقلاق الأمن والسكينة ومحاولة جر الجهاز الى مربع المناكفات السياسية التي رفض ومنذ وقت مبكر الإنجرار إليها. وقال: «سبق وأن قامت مجاميع حوثية بمظاهرتين سابقتين إلى أمام مبنى الجهاز بتاريخ 13 و 14 مايو الماضي ولم يتم التعرض لهما وتم توفير الحماية اللازمة لهما في إطار ضمان حرية التعبير عن الرأي». وأضاف : «إن جهاز الأمن القومي وبعد صدور توجيهات الرئيس بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في الحادثة المؤسفة التي وقعت يوم امس الاحد .. يهيب بجميع الأطراف والقوى السياسية الحرص على التهدئة لإنجاح فعاليات مؤتمر الحوار الشامل والإلتزام بالنتائج التي تتوصل اليها لجنة التحقيق». وأكد المصدر أن جهاز الأمن القومي سيحتفظ بحقه القانوني في مواجهة مثل هذه الإدعاءات التي لا اساس لها من الصحة وسيظل كغيره من اجهزة المؤسسة العسكرية والأمنية ملتزماً بما هو مخول له دستورياً وقانونياً والعمل بمهنية لإنجاز المهام المكلف بها وفي مقدمتها الأنشطة التي تستهدف الأمن القومي والإخلال بالأمن والنظام والسكينة العامة للبلاد وعلى مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية الثقافية والإجتماعية. وكانت اللجنتان الأمنية العليا والعسكرية وقفتا في اجتماع طارئ عقدتاه الإثنين الماضي بحضور أمين العاصمة ، أمام الأحداث التي وقعت أمام مبنى الأمن القومي ونتج عنها سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين ورجال الأمن. وأقرت اللجنتان تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة نائب وزير الداخلية وعضوية كل من مدير أمن العاصمة ومدير البحث الجنائي على أن تعمل اللجنة تحت إشراف وزير الداخلية والمفتش العام بوزارة الدفاع وأمين العاصمة. كما أقرتا تكليف أمانة العاصمة بتشكيل لجنة لحصر الأضرار الناجمة عن الأحداث. وأعربت اللجنتان في بيان نشرته صحيفة «الثورة» عن أسفها لسقوط الضحايا ولما لحق بالمدنيين والممتلكات العامة والخاصة من أضرار. ودعتا جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى استشعار الجانب الوطني والإبتعاد عن كافة السلوكيات التي تؤدي إلى التوتر وإقلاق الأمن والسكينة العامة. إلى ذلك حذر مراقبون مما اعتبروه سيناريو اغتيال الحوار الوطني في اليمن على يد جماعة الحوثي من خلال نقل تمردهم هذه المرة من صعدة إلى صنعاء لإشعال حرب سابعة وفق سيناريو مخطط بدا بمحاولة اجهاض الحوار بسفك الدماء على عتبات مقر جهاز الأمن القومي كهدف عام للجماعة سبق وحذر منه السيناتور الامريكية جون ماكين خلال زيارته الاخيرة لليمن حين أشار إلى أن الحوثيين والجنوبيين المؤيدين للإنفصال سيخرجون من الحوار بذرائع عدة . وأوضح المراقبون أن أهداف الحوثيين المعلنة من محاصرة جهاز الأمن القومي وراءها هدفان محددان هما : إخراج الموقوفين من أتباع الجماعة على ذمة قضايا تجسس لحساب المخابرات الإيرانية وكذا الحصول على مئات الوثائق وعشرات الملفات الهامة التي ضبطت مع خلايا حوثية كانت تعمل لحساب إيران. وأضاف المراقبون : «إن الاصابع الإيرانية وبصماتها في مسيرات جماعة الحوثي لمحاصرة الأمن القومي واضحة ، لا سيما وأن أحداث الأحد تزامنت مع لقاء التوديع للسفير الإيرانيبصنعاء محمود حسن زاده بمقر وزارة الخارجية بصنعاء». ولم يستبعد المراقبون أن تشهد صنعاء حربا سابعة يشعلها الحوثيون قد تكون منطقة شعوب أو «الجراف الأشرف» كما يسميه الحوثيون حيث يتمركزون وبأعداد كبيرة هناك مسرحا لتلك الحرب التي تسعى الجماعة من خلالها للاستيلاء على عدد من المراكز والمؤسسات الحكومية بعد أن بدأت تشعر أن مؤتمر الحوار لن يحقق لها الأهداف التي كانت تسعى لتحقيقها.