مشهد تاريخي.. نعم لا أستطيع أن أصف ما شاهدته في ميدان التحرير في اليومين الماضيين إلا بأنه «تاريخي» بكل المقاييس، وقد يستغرب البعض منكم أنني أقول هذا وبعد دعمي «للشرعية» الديمقراطية في مصر. إلا أنني وفي الحقيقة لا أرى أن للجملة الأخيرة أي علاقة بإعجابي وانبهاري بما شاهدته وسمعته في يوم 30 يونيو، وبالأمس من خطة مُحكَمة للإطاحة برئاسة أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحبيبة. نعم «إعجابي»، فقد استطاع من قام بتنظيم أحداث الأيام القليلة الماضية تغليف الانقلاب على الشرعية الديمقراطية و»التغيير بالعنف لا بالصندوق» والتلميح بالرجوع إلى حكم العسكر، بغلاف الشرعية الثورية، كما يدعي البعض على الأقل. والغريب هنا أنه كيف للمصريين وبعد كل ما حققته الثورة المصرية العظيمة أن يسمحوا -ولو على خلفية خلاف سياسي- للشرعية الديمقراطية أن تسقط، والرجوع لحديث «الحل في أيدي البلطجية لا في سبل الديمقراطية»، فإن نجحت محاولات من يطالبون بإسقاط الشرعية الديمقراطية -وقد ينجحون فعلاً في ذلك- فإنهم سيسنّون سنّة ستحكم بعدم استقرار الديمقراطية في مصر لعقود. فكلما تم اختيار رئيس منتخب من طرف سيأتي الطرف الآخر ليمسك بمقدرات الشعب المصري كرهينة حتى يسقط ذلك الرئيس أو غيره، وبهذا لن تستقر مصر. لقد أخطأ الرئيس مرسي في مواقف عدة، واختلفنا معه في بعض قراراته، ولربما حان الوقت لرحيل الرئيس «طواعية» فعلاً، ولكنني أقول لمن هم وراء ما يحدث في مصر اليوم ممن هم داخل و«خارج» المحروسة، «اتقوا الله في مصر الكنانة»، فإنكم إن «غيرتم النظام الديمقراطي» عن طريق صناديق الاقتراع فقد ربحتم ديمقراطية تبقى لقرون، وإن «أسقطتم النظام الديمقراطي» عبر الفوضى أو بمساندة العسكر فستعودون بأنفسكم ومصر إلى عصر ال «one man show»، وهنا من سيأتي مستقبلاً «بعد مرسي» من سيضع ذلك في الحسبان وسيقوم بتقويض الحريات، وكبح جماح الثورات بالقوة كحل أوحد لبقائه في السلطة. الرأي الأخير.. لا يمكن لأي محب لمصر أن يفرح بما يشاهده من تردٍ للاقتصاد، وتراجع موقف مصر المالي، ومعاناة المصري البسيط نتيجة العبث والفوضى باسم الديمقراطية «المزيفة»، وباستثناء الأيادي الخارجية والعابثين و»الأراجوزات» لا يمكن لأحد إلا أن يذرف الدموع لما يحدث في مصر الحبيبة اليوم، والغريب هنا وبعد تخوف البعض مما أسموه بالتدخلات القطرية قد تكون النهاية الفعلية للديمقراطية المصرية بأيادٍ غير قطرية، فهل يعتمد بعض «الثوريين» مسلك «بيدي لا بيد عمرو»؟ فقط الأيام القادمة ستكشف عن حقيقة ذلك، حفظ الله مصر من عبث العابثين. (الثورة – الشرعية = الفوضى).