قيل الكثير عن عبقرية فرانز كافكا وعن أدبه الذي يشكل علامة فارقة في تاريخ الأدب العالمي عموما والأدب الناطق باللغة الألمانية على وجه الخصوص، وحتى في العالم العربي حظيت أعمال كافكا باهتمام كبير، لكنها لقيت بعض الصد أيضا. البعض سماه أديب الحكمة، وهو القائل: "الله يهب الجوز، لكنه لا يقشره"، وبعضهم رأى فيه كاتبا سوداويا كابوسيا إلى أبعد الحدود: "أول علامات بداية الفهم أن ترغب في الموت". وآخرون يؤكدون على أنه كاتب اللامعقول. فرانز كافكا الذي وُلد في الثالث من يوليو عام 1883، أي قبل 130 عاما، لعائلة يهودية تشيكية، كان يشعر بالغربة في كل شيء، فقد كانت لغته الألمانية تفصله عن سكان البلد التشيك، ورغم أنه واحد من أبرع كتابها. في عهد هتلر صُودرت كتب كافكا وأحرقت في مارس/ آذار عام 1933، ضمن حريق الكتب الشهير الذي قام به النظام النازي حينها، لتحرق كتب كافكا إلى جانب كتب أينشتاين وماركس وروزا لوكسمبورغ وغيرهم. روايته الأشهر "المحاكمة" مُنعت من النشر في بلده ولم تسمح السلطات في تشكوسلوفاكيا بنشرها إلا في عام 1965. العالم العربي بدوره، تفاوتت طريقة تعاطيه مع أدب فرانز كافكا، فتطرف البعض وتحامل ضده لأنه يهودي، فيما استمات آخرون في الدفاع عن فكره وأدبه. يعتبر فرانز كافكا واحدا من أهم الأدباء الأجانب الذين تُرجمت أعمالهم إلى العربية. بدايات الانشغال العربي بأعمال كافكا كانت – وفقا للباحث المصري عاطف بطرس – في عام 1939، بدايات الاهتمام جاءت بترجمة للشاعر المصري جورج حنين، ثم عبر طه حسين الذي قدم للقارئ العربي نتائج دراساته لأدب كافكا. ثم اتسع الاهتمام بأدب كافكا في ستينات القرن الماضي، قبل أن يُطرح في السبعينات سؤال أحدث انقساما في أوساط النقاد والقراء، وهو: هل كان كافكا صهيونياً؟ بقيت تلك المشكلة من دون إجابة قاطعة، وربما لن تأتي أي إجابة قاطعة عنها، بسبب طبيعة أدب كافكا. لعل الاحتكاك المباشر الوحيد بين كافكا والعالم العربي هو قصته المثيرة للجدل "بنات آوى والعرب". وهي القصة التي اختلفت التفسيرات حولها، بين من يراها موجهة ضد العرب، ومن يراها مدافعة عن العرب، وبين من يراها في سياق آخر لا علاقة لها بالعرب، إلا بالاسم فقط.