البعض وخروجا من العار الذي سيلحق بمواقفهم تجاه ما حصل في مصر يحاول وصف ما جرى بأنّه «ثورة شعب» أو «تصحيح مسار» متناسين أنّ الشعوب العربية تقرأ بعمق ولم تعد تنطلي عليها الأكاذيب. ما جرى كان انقلابا عسكريا بغطاء مدني وديني رسمي مكشوف لا يمكن إنكاره ويعيدنا إلى عصر الانقلابات العسكرية العميلة والموجهة بإرادة خارجية. مرسي حكم مصر لمدة عام لم يقمع ولم يقصي أحد ولم يعمل، كما يزعمون، على أخونة الدولة والدليل سلاسة الانقلاب في داخل أروقة الدولة. مسارعة بعض الأقطار العربية إلى تأييد الانقلاب العسكري يؤكد تورطها في عملية التغيير التي جرت ممّا يطرح أسئلة كبيرة عن طبيعة المخاوف التي تتعمق في بنية هذه الدول. وهنا نسأل قيادات هذه الدول، هل تؤيدون طريق الانقلاب العسكري على الحكم، وهل تعني مواقفكم أنّكم تدعمون ثقافة تدخل الجيوش في السياسة، وماذا عن جيوشكم إن طمحت بمثل هذا السلوك؟ مواقف الدول التي أيّدت الانقلاب قد تكون متفهمة من باب خشية هؤلاء من عدوى الديمقراطية التي ستبثّها مصر باعتبار وزنها إلى كل العرب ولو بعد حين. لكن ما ليس متفهما دفاع مثقفين وكتّاب ونخب كانت تنافح عن الديمقراطية وتطالب بها عن الانقلاب الغاشم وتأييدها له. هؤلاء الانتهازيون انكشفت حقائقهم وأنّهم يريدون من الديمقراطية نتائجها التي تناسب أهواءهم فقط، وإلاّ سيرفضونها لا سيما إذا جاءت بالإسلام. موقف اليساريين والقومجيين والناصريين لم يُحدث لنا صدمة؛ فبعد انحيازهم لبشار الأسد وعند القراءة المعمقة لتجربتهم في الحكم أدركنا عشقهم للاستبداد ولرائحة البساطير العسكرية. فقط يقف الإسلاميون اليوم على ضفاف الديمقراطية يطالبون بها ويرفضون كل ما هو متناقض معها كالانقلابات العسكرية. ما جرى في مصر لا بد له من فوائد يجب على الحراكات الإسلامية قراءتها بتأنٍ وعمق وحياد، سواء كان ذلك في السياسة أو الفكر أو الإدارة. نقول للمهللين بسقوط الإسلاميين في مصر لا تستعجلوا، فالأيام دول، والإسلاميون اليوم لهم قواعد اجتماعية غير مسبوقة والعودة مسألة وقت. أمّا الانقلاب فقد بدأ بالتصدع وقد تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الانقلابيين ما دامت الجموع حية تخرج للشوارع مطالبة بجوهر الديمقراطية.