اعتبر عضو المكتب السياسي للحزب اليمني الاشتراكي أنيس حسن يحيى الحل الواقعي والعقلاني للقضية الجنوبية في قيام دولة اتحادية فيدرالية من اقليمين. وقال خلال محاضرة له في أمسية فكرية نظمها منتدى منارات الثقافي مساء اليوم، حول "العلمانية، الدولة المدنية الاخلاق والسياسة، اثر غياب العمل المؤسسي، مفهوم شعار (الوحدة أو الموت):" خيار الانفصال خيار سياسي مشروع ولكن قطعا ليس هو الحل لانه سيفضي إلى تشظي الجنوب أولا، وتشظي اليمن عموما". ولفت إلى أن الوحدة اليمنية ليست شيئا مقدساً، لكن خيار الانفصال ليس هو الحل الواقعي والعقلاني للقضية الجنوبية العادلة.. مؤكداً أن إعادة صياغة دولة الوحدة على أساس اتحادي هو الذي سيعالج كل التشوهات التي رافقت قيام دولة الوحدة، وكل التشوهات التي كانت ساقبة قيامها، في الجمهورية العربية اليمنية. وقال :" تستمر هذه الصيغة الاتحادية لمدة خمس سنوات يعلن شعبنا في الجنوب بعدها تقرير مصيره كحق مشروع له؛ يبنى على أساسين؛ إما الاستمرار في هذه الصيغة الاتحادية القابلة للانفتاح على عدد من الاقاليم للوطن الوحد، أو إعلان فك الارتباط عن الجمهورية اليمنية". وحول محور الدولة المدنية، أكد أنيس حسن يحيى أن مهمة بناء دولة مدنية حديثة، صعبة وعلى قدر كبير من التعقيد في واقع محكوم بموازين قوى تميل لصالح القوى النافذة والمحافظة في المتجمع. منوها بضرورة إشاعة ثقافة وطنية ديمقراطية حداثية تبدأ بتحديث مناهج التعليم ليلبي هذه الحاجة والاهتمام بالاجيال الجديدة في المجتمع التي أثبتت جدارة في النهوض بإشاعة هذا النمط من الثقافة الديمقراطية التقدمية. وقال القيادي الاشتراكي :" إن الانتقال إلى بناء دولة مدنية حديثة يشترط أولا حضور الدول اليوم في حياتنا السياسية والاجتماعية". وأفاد بأن الدولة غائبة في اليمن وهذا الغياب ليس صدفة. وتطرق إلى النفوذ المتجذر للقبيلة في المجتمع وللمتنفذين فيها تحديدا تسبب في غياب الدولة.. كما أكد أن لأصحاب النفوذ من العسكريين دورا عائقا دون وجود دولة بالمعنى المؤسسي. معتبراً أنه من الصعب تخيل إمكانية قيام دولة مدنية حديثة في ظل غياب هذه الدولة .. مبينا أن بناء الدولة المدنية الحديثة في اليمن يبدأ بتعزيز حضور الدولة بالمعنى المؤسسي في حياتنا، وهذه مهمة قوى الحداثة في اليمن من ليبرالية وقومية ويسارية. وقال :" هذه القوى (قوى الحداثة) تعيش تحالفات هشة ولم تحدث تغييرا جذريا في وعي وسلوك المواطنين، وفي حياة المجتمع عموما". وشدد على أن أهم ملامح الدولة المدنية الحديثة وجود دولة مؤسسية يحكمها دستور عصري نافذ يكفل المواطنة المتساوية لكل افراد المجتمع، والحريات الديمقراطية، وحرية التفكير، والمعتقد، ويكفل وجود صحافة حرة مستنيرة، ويكفل حق المرأة في الحضور الفاعل في الحياة السياسية والاجتماعية دون أن يقيدها أي قيد". ولفت القيادي الاشتراكي إلى أن ثورة 26 سبتمبر فشلت فشلا تاما بسب سيطرة القبيلة على كل مفاصل الدولة، بعد ميلادها مباشرة. وقال: القول إن ثمة قوى قبلية انحازت الى صفوف الثورة في اليمن قول مغلوط ومجاف للحقيقة، فكونه أعلن انحيازه الى الثورة كانت له اسبابه واجندته الخاصة به. هذا الموهوم لا يعني فقط إلا التحكم بمسار الثورة واجبارها على النكوص عن مشروعها الحداثي، ولذلك نجح هؤلاء الذين ادعوا انحيازهم إلى الثورة في تعطيل مسيرتها". وتساءل: "إذا كانت القوى القبلية المتنفذة هي السبب في غياب الدولة فكيف يمكن الرهان عليها في بناء دولة مدنية حديثة. وأضاف : يمكن أن يتعاظم دور افراد القبيلة في الحياة السياسية بقدر ما يتحررون من روابطهم القبلية الكابحة للتقدم، والعكس صحيح .. ولا يجوز الدخول في خصومة مع القبيلة، بل بالعكس من ذلك ثمة حاجة لتمكين القبيلة من ولوج العصر باحداث تطور اقتصادي في مناطقها، يسمح بتفكيك الروابط القبلية، فالمناطق التي تخضع للقبيلة وهيمنتها هي تلك المناطق التي لم تشهد أي تطور اقتصادي، الأمر الذي أبقى الانتماء للقبيلة هو البديل الوحيد لدى أفراد القبيلة". وفي محور العمل المؤسسي قال القيادي الاشتراكي انيس حسن يحيى إن العمل المؤسسي عنوان لمدى التقدم الذي أحرزه المجتمع، مظهر حضاري يعزز ارساء بنيان الدولة على أسس صحيحة، وفي غيابه تشيع الفوضى وتنشأ ميول تعزز الروح الفردية الميالة للاستئثار بالقرار، بما يتعارض مع المصلحة العامة". أما السياسة والاخلاق فقد أشار فيها إلى ان البعض من السياسيين يتعامل مع الأخلاق وكأنها عبء ثقيل ينبغي التحرر منه، وفي حقيقة الأمر أن السياسي الذي يتحلى بأخلاق رفيعة هو الذي يضمن النجاح في موقعه، ويكسب احترام وتقدير أوساط واسعة منا لناس، ويكون مرتاح الضمير، وهذا وحده يكفي.