بدا عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبية الاسبق وهو يساق إلى قفص المحاكمة في العاصمة الليبية طرابلس يوم الخميس الماضي رجلا متهالكها هزيلا كسيرا ذليلا بعدما بقي عقودا وهو يكسر الليبيين ويذلهم إرضاء لسيده القذافي وإشباعا لرغبات داخلية بالسادية والكراهية للبشر. كان مجرد ذكر اسم عبد الله السنوسي يلقي الرعب والخوف في نفوس الناس، لأنك لو بحثت وراء كل مؤامرة أو اغتيال أو اعتقال أو تعذيب أو ملاحقة أو تضييق على الناس في الأرزاق أو اغتصاب لأحلام الناس ومروءتهم خلال عقود حكم القذافي لاسيما الأخيرة منها سوف تجد عبد الله السنوسي وراءها، فالرجل ماتت في داخله كل القيم الإنسانية وارتكب من الجرائم وعلى رأسها مذبحة سجن أبوسليم الرهيبة ما لايمكن حصره أو إحصاؤه. لم يكن السنوسي وحده في قفص المحاكمة وإنما تواجد إلى جواره كثير من جنود القذافي ورموز نظامه الذين طالما مارسوا المظالم والجرائم بحق الشعب الليبي ظهروا جميعا أذلاء صاغرين منكسي الرؤوس وهذا خزي الدنيا الذي يسبق خزي الآخرة إلا أن يشاء الله، وكان من بين الحضور مصطفى الخروبي عضو مجلس قيادة الثورة الأسبق الذي كان اسمه لعقود مصدر الرعب والخوف لدى الناس لكنه بدا أجوف فارغا كسيرا في قفص المحكمة، وأبوزيد دوردة رئيس ما كان يعرف بجهاز الأمن الخارجي الذي كان يقوم بعمليات الاختطاف والاغتيال والتصفية والجرائم في دول العالم المختلفة، وإلى جواره منصور ضو آمر ما كان يعرف بالحرس الشعبي وهي مسميات اخترعها القذافي لأجهزة أمنه المختلفة التي كانت تلاحق الناس وتعتقلهم وتسجنهم وتعذبهم وتعدمهم دون ذنب أو جريرة سوى أنهم كانوا يعارضون الحكم الاستبدادي الذي كان قابعا على قلوب الشعب الليبي لعقود طويلة. والبغدادي المحمودي رئيس آخر حكومة في عهد القذافي والجميع يعلم أن النظام الليبي لم يكن به سوى القذافي وأبنائه يمثلون الحاكم والحكومة أما رئيس الحكومة أو غيره من الوزراء فهم ليسوا سوى عبيد وخدم لدى القذافي وأبنائه، ومحمد الزوي الذي كان رئيسا لما يعرف بالمؤتمر الشعبي العام أحد اختراعات القذافي التخريفية والتي أعلن من خلالها أن الحكم للشعب وأقام برلمانا مزيفا كان يرأسه أحد المزيفين الأفاقين ممن حوله يشارك في ترسيخ الديكتاتورية وإصدار الأحكام الزائقة والجائرة على الناس، وعبد العاطي العبيدي آخر وزير للخارجية، وآخرون، أما سيف الإسلام فقد بقي في محبسه في الزنتان مع مخاوف من نقله من محبسه لمحاكمته في طرابلس حتى لا يتعرض لمحاولات اختطاف أو اغتيال بعدما كان الآمر الناهي المهدد للشعب الليبي الناهب لخيراته القائم على خزائنه، وسيف الإسلام له قصة أخرى ربما يطول شرحها في موضع آخر. هذه بعض آيات الله التي يظهرها للناس من آن لآخر حتى يعتبروا لكن قليل من الناس من هو يتذكر أو يخشى فالظلم قائم في كل مكان وكل من يمارس المظالم في السلطة يعتقد أنه باقي إلى الأبد وأن أحدا لن يستطيع المساس به أو ملاحقته أو محاكمته، ومن أقدار الله أن يقتل القذافي ذليلا ويمثل به بعدما مثل بشعب كامل أكثر من أربعين عاما وأن يدفن في مكان لا يعرف به أحد، ويبقى جنوده عبرة للجنود الذين ينفذون الأوامر بالقتل والتخريب والفساد في أقطار أخرى مجاورة، ليقولوا لهم إن مسؤولية الجنود لا تقل عن مسؤولية من يأمر الجنود وهذه سنة قرآنية قديمة أقرها الله سبحانه وتعالى حينما قال «إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين» لكن سنن الله سوف تبقى وآياته سوف تتوالى وتبقى سنته أيضا قائمة «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين».