تناولت افتتاحية صحيفة ديلي تلغراف استضافة بريطانيا للمنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي، وأكدت أن رغبة لندن القديمة في تبني الاستثمار والخبرة من كل أنحاء العالم كانت إحدى أعظم نقاط القوة في بريطانيا. وقالت الصحيفة إن قرار رئيس الوزراء ديفد كاميرون استضافة المنتدى المنعقد حاليا في لندن والإعلان عن سندات خزانة جديدة متوافقة مع الشريعة الإسلامية هو بمثابة تذكير بأن المملكة المتحدة، أولا وقبل كل شيء، دولة تجارية مع الآفاق العالمية. وخلال افتتاح المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي -وبحضور أكثر من 1800 مسؤول اقتصادي وسياسي بينهم العديد من القادة ورؤساء الحكومات- قال كاميرون إنه يريد جعل العاصمة البريطانية "تقف جنبا إلى جنب مع دبي وكوالالمبور كواحدة من العواصم الكبرى في التمويل الإسلامي بأي مكان في العالم". وتمثل هذه التحركات جزءا من مساعي بريطانيا لجذب الاستثمارات الإسلامية الضخمة. وقال كاميرون إن التمويل الإسلامي ينمو بنسبة 50 % أسرع من معدل نمو القطاع المصرفي التقليدي وإن الاستثمارات الإسلامية بلغت 1.3 تريليون جنيه استرليني (2.09 تريليون دولار). واعتبرت الصحيفة أن وصف كاميرون ل"الاستثمار الإسلامي" بأنه "أساسي لنجاحنا" بدون أي صوت معارض هو دليل إضافي على الانفتاح الذي ما يزال ميزة تنافسية مهيمنة تتمتع بها بريطانيا. وختمت بأن المشروعات التجارية تقرب الناس من بعضهم وتقلل الخصومات بينهم، وفي عالم يهدده "التطرف الإسلامي" ينبغي اغتنام كل فرصة لإقامة علاقات طبيعية مع غالبية المسلمين المعتدلين، والاستعداد للقيام بذلك هو علامة على شيء أكثر جوهرية، وهو أن بريطانيا أمة لديها ما يكفي من الثقة بالنفس ولا تخشى الترحيب بالعالم. وفي سياق متصل أكد تعليق صحيفة تايمز أيضا أن مؤتمر الاستثمار الإسلامي بلندن -الذي ضم أكثر من ألفي شخص- يذكر بما يراه الكثيرون تدبيرا أخلاقيا للموارد المالية. والتمويل الإسلامي لديه كثير من القواسم المشتركة مع ما قد يطلق عليه كثير من البريطانيين "المصرفية الأخلاقية". وأشارت الصحيفة إلى أن إعلان الحكومة البريطانية عن إصدار صكوك مطابقة للشريعة الإسلامية من المرجح أن يدق ناقوس الخطر بين أولئك الذين يربطون كلمة الشريعة بعبارات أخرى مثل "جرائم الشرف" و"الجهاد"، وهو ما اعتبره بعض المديرين المسلمين ما يمكن أن يطلق عليه مشكلة تصنيف. وقالت الصحيفة إن مسألة التصنيف تكون ضارة عندما ندرك أن التمويل الإسلامي لديه كثير من القواسم المشتركة مع ما قد يطلق عليه كثير من البريطانيين "المصرفية الأخلاقية". فالشريعة الإسلامية، كما ذكرت الصحيفة، تحرم أخذ أو تلقي الفائدة، ولذلك يحصل المودعون على حصة من أرباح البنوك بدلا من ذلك، إلى آخر ذلك من التعاملات الأخلاقية. وأشارت الصحيفة إلى أن التمويل الإسلامي يتزايد أيضا، وعلى الرغم من الصراعات التي تعصف بالشرق الأوسط فإن مسلمي العالم يزدادون غنى وأكثر عددا. ومع صيرورتهم من الطبقة المتوسطة فهم يطالبون بخدمات مالية مطابقة للشريعة. وبالنسبة للعالم الإسلامي، فإن الإصدار المرتقب لهذه الصكوك من قبل لندن "قرار مرحب به" وفق الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الذي يرى أن التمويل الإسلامي يمكن أن يقوم ب"تعزيز القيم المناقبية والأخلاقية" في المالية العالمية بعد الأزمة. ومن جانبه أبدى رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ارتياحه لكون التمويل الإسلامي "لم يعد منحصرا في العالم الإسلامي". واعتبرت الصحيفة أن هذا الأمر جيد لبريطانيا حيث إن المملكة المتحدة حاليا هي أكبر تاسع سوق للتمويل الإسلامي، بأصول مطابقة للشريعة تبلغ 19 مليار دولار وعشرين بنكا يستطيع تعديل الصفقات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وترى تايمز أن من حسن حظ بريطانيا أنها تمتلك ميزتين تساعدانها في تحقيق الاستفادة القصوى من هذا التوجه: قطاع مالي ستكون خدماته مطلوبة لتمويل التجارة العالمية وملايين المسلمين البريطانيين الذين لديهم روابط ثقافية وتجارية مع قطاعات السكان الشابة، والتي لها ريادة في مجال الأعمال بالعالم الإسلامي.