كما توقعنا وتوقع الكثيرون، لم تجرؤ سلطات الانقلاب على بث محاكمة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي. ارتبك الانقلاب رغم أن يوم أمس مر بسلام، لكنه أرجأ المحاولة الثانية لمحاكمة الرئيس شهرين كاملين. بدا الرئيس محمد مرسي ثابتا وشامخا، وتحدث بلغة لا تقبل التأويل: أنا الرئيس الشرعي للبلاد. رفض ارتداء بدلة السجن، ورفض التعاطي مع محكمة الانقلاب. هل يجرؤ الانقلاب على بث جلسة المحاكمة حتى بعد عمليات المونتاج؟ ما خشيه الانقلابيون هو ان يتحدث الرئيس إلى شعبه، لذلك فقد عمدوا إلى إجراءات أمنية غير مسبوقة؛ لئلا يخرج شيء من المحاكمة غير مصرح به، فمنعت الكاميرات سوى كاميرا التلفزيون الرسمي، ومنعت كل التكنولجيا التي تمكن من تصوير وتوثيق هذا الحدث، لكن الجمل التي نقلت عن الرئيس كانت كفيلة بإلهاب الأنصار والجماهير. ولأننا نحن العرب مهووسون بالزعامات، ولا نستطيع العيش دون زعيم، فإنه من الظلم تجاهل ثبات وعزيمة مؤيدي الرئيس. فما هو أعظم وأكبر من ثبات الرئيس، هو ثبات أنصاره ومؤيديه طيلة أربعة أشهر، رغم الرصاص والغاز والاعتقال والتعذيب والإهانة والترهيب والسحل وقطع الأرزاق، ورغم الآلة الإعلامية الهائلة التي تبث الإحباط والتشويه والتضليل، ورغم أن أمريكا والعرب وأوروبا وروسيا و»إسرائيل» يساندون الانقلاب، ورغم تجاهل الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي للانقلاب، ورغم أن الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والدولة العميقة والأزهر والكنيسة ورجال الأعمال، والفاسدين والبلطجية وباسم يوسف ولميس الحديدي وتوفيق عكاشة ومحمود سعيد وعمرو أديب ونجيب ساويرس وجماعته، وجبهة الانقاذ والنخب اليسارية والناصرية والثقافية، ولفيفا من الجماهير الذين يضلونهم، رغم أن كل هؤلاء يساندون الانقلاب، فليس لنا إلا أن نقف احتراما وتقديرا وتبجيلا لهؤلاء المتظاهرين المؤيدين الصامدين في الشوارع والجامعات، وكل يوم يبتكرون مسمى جديدا لمناهضة الانقلاب.