الفارق في التاريخ 19 عاما، وما أشبه اليوم بالبارحة؛ فاستخدام الشارع هو لغة "سرورية" أصيلة على اعتراض الأحكام التي تصدر بحق عدد من الحركيين من رجال الدين السعوديين، وهو الأسلوب الذي أعاده بالأمس رجل الدين السعودي السروري الأصيل سليمان العلوان، مما أعاد إلى الأذهان تاريخ تهييج سلمان العودة (السروري الآخر) للشارع السعودي في العام 1994. ففي "بريدة" المدينة السعودية التابعة لمنطقة القصيم، المعقل الكبير لأبرز رجال الدين السعوديين الحركيين والمتشددين، عاد التاريخ، اعتراضا وتظاهرا، فبعد أن ثار جيش سلمان العودة قبل 19 عاما، يعود اليوم من قبل جيش رجل الدين سليمان العلوان، اعتراضا وتظاهرا، تضاف عليها مساندة الرأي العام الصامت عبر الشبكات الاجتماعية. فبعد أن أصدرت المحكمة الجزئية بالسعودية المعنية بمحاكمة منظري ومتهمي الإرهاب، حكما على سليمان العلوان بالسجن 15 عاما بعد إدانته بعدد من الجرائم منها التحريض على القتل ودعم الجماعات الإرهابية وغسيل الأموال؛ هاجت جماهيره في بريدة على الواقع، وعبر الشبكات الاجتماعية. واختارت جماعته يوم الجمعة للاعتراض على الحكم، اقتداء بالخروج الاعتراضي لجماعات إخوانية في بعض الدول، التي تعتبر "السرورية" فرعا أصيلا منها، في وقت واجهت الأجهزة الأمنية ببريدة ذلك الاعتراض بضمان محدوديّته خاصة وهو يأتي في يوم ديني يشهد تجمعا في أروقة المساجد. حكم المحكمة بالسجن على العلوان ل(15 عاما) جاء بعد إقراره بتمويل بعض الجماعات الإرهابية بقرابة المليون دولار، إضافة إلى لقاء بعض العناصر الإرهابية أبرزها أبو مصعب الزرقاوي في العراق ودعمه بما يعادل الثمانين ألف دولار، علاوة على تحريضه في محاضراته الدينية بقتل رجال الأمن ! وحملت لائحة الادعاء كذلك تهما عديدة منها، "الافتئات على ولي الأمر" وإصداره لفتاوى تجيز "الخروج إلى دول الفتنة" كذلك "التدخل في الشؤون السياسية والخارجية للدولة من خلال مخاطبة بعض رؤساء الدول" حيث وجه خطابا للرئيس الجزائري للتوسط مع الجماعات القتالية هناك. لكن جيش العلوان الخارج عبر الشارع يحاول تعكير الصفو الأمني الذي تعيشه السعودية وتغيير رؤية القرار الذي صدر بحقه، ولم يكن القرار مرضيا لعدد من طلبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعروفة بتفريخ عدد من العناصر الإرهابية، إذ واجه الطلبة وزير العدل في المملكة الدكتور محمد العيسى بالاعتراض أثناء تواجده بالجامعة لمناقشة رسالة دكتوراه الخميس. وكان العلوان أطلق سراحه بعد إيقافه أكثر من تسعة أعوام بعد حملة إرهابية دموية على السعودية بين العامين 2003-2004 حيث ثبت تعامل عدد من الأفراد الخارجين على السلم الأمني بفتاواه الجارحة، وهو ما يجعل العلوان ملزما بتنفيذ الحكم الصادر بحقه واستكمال فترة الحكم ستة أعوام أخرى. وكان العلوان بعد إطلاق سراحه بعد فترة التوقيف التي قضاها في التسعة أعوام الماضية، انقلب على حكومة الإخوان قبل سقوطها في يونيو، معتبرا أنها لا تمتلك "همة الإسلام" بعد ما اعتبر أن تعامل الإخوان مع الأقباط ليس من الإسلام وأن الأولى "فرض جزية عليهم كما فعل عمر بن الخطاب" . وحملت محاضرة سليمان العلوان المنتشرة صوتيا دعوات علنية بالخروج على رجال الأمن في مصر، إضافة إلى الجيش الذي كان يرى تصرفاته بتطهير سيناء من جماعات إرهابية من الكبائر التي تمارسها قوات الجيش. واعتبر العلوان الذي يحظى بالحضور الطاغي في المشهد الدعوي والسروري نحو أن الأقباط "مفسدون في الأرض" وعلى الحاكم أن "يضرب عليهم الذل" بينما يراه رجل الدين السعودي محمد العريفي أنه من "علماء الزمان" مطالبا ب"إكرامه حفظا لحق العلماء، وكسبا لطلبة العلم، وتعزيزا للّحمة الوطنية"! وللعلوان بعض الفتاوى التي وجدت صداها ونالت انتقادا من عدد من رجال الدين، منها "طهارة الخمر" موضحا أنه لا يوجد دليل على نجاستها، معتبرا أن "الأصل في المياه الطهارة حتى يثبت دليل على خلاف ذلك".