دعت مجموعة من كبار علماء الدين اليمنيين إلى قصر إصدار الفتاوى بكبار علماء الأمة ممن تتوفر فيهم الشروط ويفهمون المقاصد الشرعية وملمين بأقوال الفقهاء ومسائل الاجتهاد وشؤون بلدهم السياسية. وأكدوا على أن هذه الخطوة أساسية في الحفظ على المصلحة الوطنية ومنع الشقاق وصدور الفتاوى التي تشرع العمليات الانتحارية وقتل المواطنين الأبرياء.
وقال القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني القائم بأعمال مفتي اليمن في حديث ل"الشرفة"، إنه يتمنى من الرئيس اليمني أن يحذو حذو العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في قصر الفتوى على كبار علماء الأمة، خاصة في القضايا المصيرية التي تهم الوطن والدين.
هذا وكان العاهل السعودي قد وجه أمراً ملكيا الأسبوع الماضي يقضي بحصر إصدار الفتاوى بأعضاء هيئة كبار العلماء. واستثنى المرسوم "الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول".
إلى ذلك، حذر العاهل السعودي من أن كل من يتجاوز هذا الترتيب سيعرض نفسه للمحاسبة.
غير أن العمراني شدد على ضرورة قصر الفتاوى في جميع الأمور والقضايا، سواء كانت كبيره مثل قضايا الاحتساب والجهاد، أو صغيرة كالقضايا الفقهية في فقه العبادات أو المعاملات، مشيرا إلى وجود من يفتي خطأ عن عدم دراية وإلمام بالقضايا والمقاصد الشرعية في هذه المسائل. وقال العمراني "لا يجوز أن يقدم على الفتوى إلا من صح أنه عالم قد درس أصول الفقه وعلم الحديث وعلم اللغة العربية وعلم الإجماع، حتى لا يؤدي قوله إلى خلاف ما أجمع عليه المجتهدين من العلماء"، مؤكدا أن "شرط الاجتهاد ضروري في المفتي".
وأضاف أن "الإفتاء في اليمن ليس محصوراً على الرغم من وجود هيئة فتوى، [دار الإفتاء]، لكن بعضاً من العلماء في المساجد وفي الجامعات يمارسون عملية الفتوى".
فيما طالب أستاذ الشريعة والقانون في جامعة صنعاء، القاضي الدكتور سباء الحجي، بقصر الفتوى "على أهل العلم والمعرفة السياسية وعلاقة البلد ومصلحتها لأن في ذلك مصلحة للأمة والوطن معا".
وأشار الحجي إلى وجود جمعية علماء اليمن في السابق، وكانت الفتوى الشرعية لا تصدر إلا من أعضاء الجمعية، "لكن قرارا جمهوريا صدر بإنشاء هيئة الفتوى في الجمهورية التي تولت عملية إصدار الفتاوى، من دون أن تمنع العلماء الآخرين من إصدار الفتاوى".
واستدرك الحجي قائلا "إن عدم وجود عقاب رادع لمن يتصدون للإفتاء، خاصة إذا كانت مخالفة لجمهور العلماء، هو من جعل الكثيرين لإصدار الفتاوى سواء كانت بعلم أو بغير علم كاف، وهو ما أثر على الأمة خاصة مع تعدد المذاهب".
هذا وأشار الحجي إلى أن في كل محافظة يمنية مفتي معتمد من محكمة الاستئناف ويتحلى بشروط المفتي سواء في جمعه لشرطَي العلم والشريعة والقانون وإدراكه لمسائل الإفتاء التي قد تؤثر على البلاد.
في سياق مواز، كشف القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف والإرشاد اليمني ل"الشرفة" عن أن اليمن ينظر في قصر الفتاوى على دار الإفتاء وأعضائه. وهنا قال الهتار "إن الدولة تدرس تعزيز دور دار الإفتاء وقصر الفتوى على أعضائه وإبعاد من يتطفل لإصدار فتوى أو لا تنطبق عليه الشروط حتى لا يضلل الناس بفتاويهم".
وأكد الهتار على "أن أهم عوامل تطبيق الشريعة الإسلامية هو ربط الفتاوى بمستجدات الحياة".
من جانب آخر، قال خطيب جامع الرحبي في أمانة العاصمة صنعاء، فيصل عاطف، إن ما قامت به السعودية من قصر الفتوى على مجموعة علماء خطوة سياسية لا تخدم الدين، بل تخدم الدولة وسياساتها.
وأضاف عاطف "أن السعودية قصرت الفتوى على العلماء الموظفين لديها حتى تتحكم بسير الفتوى وحتى لا تتضرر مصالح المملكة أو شركائها سواء كانوا في الداخل أو الخارج".
من جانبه قال القاضي العلامة محمد بن محمد الأكوع مفتي محافظة ذمار الواقعة على بُعد 100 كيلومتر جنوبصنعاء، فقد حبذ تعميم تجربة السعودية في قصر الفتوى على مجموعة من العلماء.
وأضاف "أن هناك جماعات مذهبية تفتي وقد أخطأت بما ذهبت إليه وأثرت على الأمة الإسلامية تأثيرا سلبيا، ما أدى إلى ظهور جماعات القاعدة التي تبيح الأعمال الانتحارية وقتل الأبرياء والمدنيين بدون وجه حق وليس له أصل في الدين".