أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    ودافة يا بن بريك    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    بعد ضرب بن غوريون..استعداد جنوبي للتطبيع مع الصهاينة    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    السامعي: استهداف ميناء الحديدة ومصنع اسمنت باجل جرائم لا تسقط بالتقادم    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور باعباد: العمل الإذاعي علمني الدقة والصرامة
نشر في المصدر يوم 20 - 08 - 2010

تنشر صحيفة "السياسية" الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" حوارات أسبوعية تتناول جوانب مخفية عن شخصيات سياسية واجتماعية عرفنا نصف حياتها لكننا لا نعرف شيئاً عن نصفها الآخر.
المصدر أونلاين وبالاتفاق مع الصحيفة ومع الزميل صادق ناشر الذي قام بإجراء هذه الحوارات يعيد نشرها، وفيما يلي الحلقة الثانية من الحوار مع الأستاذة نور باعباد.

* كيف بدأت قصتك مع الإذاعة؟
- الإذاعة كان لها دور كبير في حياتي، سواء إذاعة عدن أو الإذاعات الأخرى مثل "صوت العرب"، "بي. بي. سي"، لكن كان ل"صوت العرب" دور تنويري أكبر خاصة في قضايا الكفاح ضد الاستعمار والقضايا الوطنية التحررية العربية والعالمية، بحكم أن عدن والجنوب بشكل عام تحت الاحتلال، كنا نستقي حماسنا ومعلوماتنا ونشكل جزءاً من وطنيتنا، وكان من غير الممكن ألا تجد في كل بيت من لا يستمع إلى إذاعة "صوت العرب"، بالإضافة إلى ال" بي. بي. سي" التي لديها سرعة نقل المعلومة.

لعبت إذاعة عدن دوراً تنويرياً أهم من خلال مناقشة برامجها الواضحة للقضايا الاجتماعية والثقافية. لم يكن يوجد عندها حيز للجانب السياسي؛ بحكم أن المدينة خاضعة لقوانين الاحتلال. تطور أداؤها بعد الاستقلال لخدمة المجتمع، كما كان بث التلفزيون مرحلة هامة في إشاعة الوعي ورفع مستوى الثقافة.

كان خالاي مذيعين في إذاعة عدن، الشهيد عبد الرحمن عمر بلجون، تقلد عدة مناصب آخرها مدير التلفزيون قبل أحداث يناير 86، والشخصية الإعلامية المعروفة محمد عمر بلجون، وهو مقيم منذ السبعينيات في هولندا ومنها انطلق أداؤه وخبرته كمذيع ثم كمسؤول عن إذاعة "هيلفرسوم" الهولندية باللغة العربية، وكانا سبباً في ارتباطي بالإذاعة، وقد شكلا لي ولأفراد الأسرة نموذجاً يحتذى به ومازالا رغم الظروف والزمن لهما، هذه المكانة الوطنية والمجتمعية في عدن واليمن لإبداعهما واستحقاقهما حينها لوظائف قيادية لهاتين المؤسستين وما استلزمتا منهما من جهد في تحمل منصب مدير الإذاعة والتلفزيون لفترات متعاقبة.

في إذاعة عدن
* ما هي أهم البرامج التي كانت تشدك في إذاعة عدن؟ هل تتذكرين بعضها بعد هذه السنوات؟
أهم البرامج التي كانت تعجبني "جولة الميكرفون" للأستاذ عبد الحميد سلام، و"أنباء وتقارير" للأستاذ جميل محمد احمد، بالإضافة إلى البرامج والمسلسلات التاريخية. وكنت معجبة بالصوت الجهوري للأساتذة محمد مدي، عبد القادر الشيباني، أحمد حسن، ومحسن الجبري رحمهما الله، عبد الله عمر بلفقيه، عبد الرحمن الحداد، يحيى عثمان وبرامج أخرى قدمها عدد من الشخصيات النسائية مثل فوزية غانم وصفية لقمان وفوزية باسودان ونجاة عميران وعديلة غالب بيومي، فوزية عمر وعديلة إبراهيم.

ولا أنسى العزيزة نجيبة حداد التي كانت أول من تأهل فنيا في الإخراج ومن ثم تحملت تقديم برامج الأطفال وكذا المخرجة د. سميرة عبده علي، والتي عملنا معا في برامج المرأة، المرحومة ميمونة أبوبكر والفاضلة نبيهة محسن، التي قدمت خلاصة خبرتها الفنية والحرفية لتنوير المشاهدات بخبرات في الاقتصاد المنزلي ومهارات للأطفال في الاستفادة من المواد البسيطة لإعادة الاستخدام ثم لاحقا عند عملي في الإذاعة فوزية باسودان وزينب عبد الرحمن ورضية سلطان ونبيلة حمود، وربما غاب عني بعضهن.

كان هناك برنامجاً ثقافياً وشعرياً يحمل اسم "قيثارة الليل" يقدمه خالي عبد الرحمن بلجون مساء كوقت مناسب للبث، وأتذكر أن الفنان محمد عبده زيدي كان المسؤول الفني للبرنامج، وقد اختار له الموسيقى المرافقة له، وقد اشتركت مع خالي عبد الرحمن فقط في قراءة نص مقدمة ونهاية البرنامج، ثم سمح لي بالمشاركة في قراءة النصوص الشعرية المختارة بعناية منه، وكان ذلك عند بداية عملي الإذاعي، حيث تعلمت منه الدقة.

* كيف جاء دخولك إلى الإذاعة؟ هل تقدمت بطلب الالتحاق بالإذاعة، أم كان مقترحاً من آخرين؟
تقدمت للالتحاق بالإذاعة بموجب إعلان بذلك نهاية 73، مع مجموعة من المتقدمين، وكانت هناك اختبارات، تم اختيار اثنين أو ثلاثة منهم على ما أذكر، كنت أنا من بينهم، وكانت الاختبارات فيها قدر كبير من المعايير الصارمة، سواء في جانب اللغة أو قراءة النص والوقفات أو درجات الصوت واستخداماته.

دخولي للعمل الإذاعي كان فيه نوع من إثبات الذات، ولتوظيف القدرة والرغبة في اختيار العمل المناسب، ولم يكن من السهل على أي إنسان الدخول بسهولة إلى الإذاعة رغم بساطة الناس وحيويتهم في مجتمع الإعلام والإذاعة خاصة، لكن كانت هناك قيم الصرامة والجدية والالتزام، كانت ثقافة المذيع تلعب دوراً كبيراً في بقاء المذيع/ة من عدمه ومن ثم التدريب العملي والنظري بما فيه الأداء بكل أنواعه ومكوناته.

العمل الإذاعي له حرفية وحس مرهف، عرفت منه الدقة في الإلقاء والإعداد والصياغة الفنية والسياسية والتثقف بمستجدات الأحداث بكل أطيافها، وهذا يرتبط بفكرة المذيع متعدد الثقافة والقدرة، وبالتالي الأداء، أي لا يكون المذيع مجرد مقدم خاص في البرامج الحوارية أو السياسية أو الثقافية، مثلا كان زمن المذيع متعدد الأداء وصاحب الثقافة لا يفوته أن ينطق الكلمات الأعجمية إلا صحيحة، وأي خطأ لغوي أو فني لا يمكن أن يمر بدون أن يسجل على المذيع من ضابط النوبة أومن يتتبع الإرسال، ويقدم تقريراً إلى مدير الإذاعة ومن ثم إلى وزير الإعلام.

كان هناك حرص على سلامة اللغة والنطق للأسماء والمصطلحات العربية والأعجمية والعالمية وهذا حرص على حسن الأداء وفي إطار المنافسة الشريفة، هو نفسه الذي ينطبق على المجال الصحفي، كانت هناك صرامة ودقة، رغم قلة المستويات الجامعية عكس ما عليه اليوم، فهي كثيرة بل المتخصصة في الإعلام وتفرعاته ولكنها متواضعة بل ضعيفة المخرجات بدليل الأخطاء المقروءة والمسموعة والمرئية، هكذا بدأت العمل في الإذاعة من هذه البيئة الصارمة.

* هل تتذكرين أعضاء اللجنة الذين قاموا باختباركم؟
أتذكر منهم الأستاذ الراحل علوي السقاف، رحمه الله، كان حينها هو الشخص الرئيس في اللجنة، فقد كان في كل المراحل شخصية إعلامية وإذاعية مؤثرة، له من الصبر والخبرة الكثير، كان من أكثر الناس بقاءً وعطاءً إعلاميا، فهو بحق أب روحي لجيل كبير من الإذاعيين وكان زميلاً وصديقاً لخالي محمد وتربطنا بأسرته علاقة حميمة.

* وهل تتذكرين كم عدد الأشخاص الذين تقدموا في تلك المرحلة؟
كنا حوالي عشرة أشخاص ومن الجنسين، الفتيات والشباب.

* كم كان عمرك حينها؟
كان عمري حينها حوالي 20 سنة تقريباً.

* كيف كان شعورك عند إعلانك فائزة؟ وكيف كان عملك وتقبل الأسرة؟
شعرت بفرحة؛ لأن ذلك كان يعني خطاً جديداً في حياتي وبقراءة عفوية مني كان حدساً مني لمستقبلي، ولما أنا عليه؛ فأنا سعيدة وراضية عن نفسي، كنت أشعر أنني سألعب دوراً قوياً في مجال آخر كامرأة أو كشابة لها طموح، شاءت الظروف ألا استمر في العمل الإذاعي واتجهت إلى اهتمامات أخرى، لكنها مرتبطة بالإعلام؛ فالحدس كان ماثلا أمامي حينها، ولم أخسر ما بدأته حينها بل تواصل.

* كيف ذلك؟ ما هو الحدس؟ وما هي صلته بمستقبلك؟
الحدس في استفادتي من فرصة العمل الإذاعي وانعكاسه على عملي اللاحق. حسناً سأجيبك: بدأت العمل في إذاعة وتلفزيون عدن نهاية 73، كانت برامج التلفزيون حية على الهواء، قدمت برامج الأطفال والمرأة والأخبار، شاركت في المؤتمر العام الأول لاتحاد نساء اليمن عام 1974 في سيئون –حضرموت، انتخبت عضوا في المكتب التنفيذي سكرتيرة الثقافة والإعلام وحضرته وفود شخصيات نسائية خارجية، وشكل المؤتمر حدثاً ونقلة هامة ومنه انطلق الاتحاد.

أسست بحكم مسؤوليتي برامج الاتحاد الإعلامية، كنا نساهم بمواد عن نضال النساء وطنيا وخارجيا لبرنامج المرأة اليومي بإذاعة عدن وقمت بإعداد وتقديم برنامج المرأة الأسبوعي في التلفزيون وأسست مجلة "الاتحاد" الشهرية التابعة لاتحاد نساء اليمن، وتكرس هذا العمل الإعلامي في فروع الاتحاد بالمحافظات، بالإضافة إلى النشاط الثقافي، على شكل محاضرات في صفوف محو الأمية في الفروع والاحتفالات وخاصة الفترة 8-21 مارس ثم يونيو يوم الطفل من كل عام.

وأسهم الاتحاد في رفد البلد بتأهيل النساء تأهيلا أكاديميا من منح لجنة النساء السوفييتيات حيث نرشح سنويا خريجات الثانوية العامة، واليوم منهن الطبيبات والصحفيات والمهندسات وقد تحملت وخبرت مسؤولية التنسيق واختيار المرشحات وكان تعاون المغفور له عبد العزيز إبراهيم، مدير العلاقات الثقافية بوزارة التربية والتعليم أثره الطيب في نجاحي بهذه المهمة ومازالت كثير من الخريجات يذكرنني في ترشيحهن وقد أكون قد نسيتهن لكثرتهن وهو دور لا ينسى للاتحاد.

* هل تتذكرين شيئاً من فترة الاستقلال عام 1967؟
لعل من حظي الجيد أنني شهدت هذه الفترة، كان يوم الاستقلال مهماً ومؤثراً بالنسبة لي، وكما قال الشاعر الكبير والتربوي القدير، وكيل وزارة التربية والتعليم لطفي جعفر أمان رحمه الله: "يوم أغر لنا أضاء سيظل مرفوع اللواء"، خرج البريطانيون من الجنوب وعاد وفد المفاوضات من جنيف في سويسرا وشعر الناس جميعاً بفرح عارم لا يوصف.

حتى مع المشاكل الداخلية بين فصيلي الثورة (الجبهة القومية وجبهة التحرير) وللأسف ما عانيناه من الحرب الأهلية بين جبهات الكفاح المسلح، إلا آثار ذلك لا تزال ماثلة في الشيخ عثمان حتى اليوم رغم المتغيرات وخاصة قيام الوحدة والتعددية السياسية مما خفف الآلام.

كل شيء كان جميلاً في ذلك اليوم، وكانت الفرحة عارمة وكبيرة عند الجميع الرجال والنساء، سواء شاركن في المسيرات والمظاهرات أم لا، خاصة أن كثيراً من أزواجهن وإخوانهن وأبنائهن كانوا معتقلين، وأتذكر أن كل بيت في عدن ولحج وأبين احتفل بالاستقلال، علقت أعلام الدولة الجديدة، أي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، في كل مكان حتى الستائر الخارجية للمنازل كانت بلون علم الدولة الجديدة، كل شيء كان مزيناً بألوان علم الاستقلال وهي: الأحمر والأبيض والأسود.

شعرت أن الجو كله بهجة والناس فرحون بالنصر والكرامة المستعادة، كان الاحتفال بخروج الانجليز مثل الهم الذي انزاح من صدور الناس، بهجة في كل البيوت، والناس خرجت ووزعت الشراب على الجيران والشارع، كان الابتهاج رائعا عفوياً وسريعا لم نعش مثله قبل.

العلاقة مع الأدب
* كيف بدأت علاقتك بالأدب عموما والقصة القصيرة خصوصا، والتي بدأت منذ أن كنت صغيرة؟ فما هي القصص التي كانت تجذبك في تلك الفترة؟
- تأثرت بالأدب شعرا ونثرا؛ فقرأت القصص والروايات العاطفية والتاريخية والسياسية والشعر الجاهلي ومعلقاته ثم الشعر الإسلامي والعصور اللاحقة وما سمي "عصور الانحطاط"، إلى النهضة الأوربية، بالإضافة إلى المعاصر والحديث وقصص الجيب، وصقلت الاهتمام بالقصة القصيرة واستفدت من حصة كتابة الإنشاء بالمدرسة.

بدأت في كتابة الشعر، ثم القصة القصيرة جسدت فيها واقع الحياة الاجتماعي، لكن بعد ذلك أخذتني المشاغل عن الاهتمام بهذا الجانب، ولكنني أتمنى أن اكتب سيرتي الذاتية واستعيد كتابة القصة القصيرة فلدي مخزون أتمنى أن أستفيد منه.

* في أي عمر بدأ اهتمامك بالقصة القصيرة والشعر؟
كنت حينها بعمر 17 20 سنة تقريباً.

* هل عرضت بعض تجاربك الشعرية على أحد أم لا؟
عرضت بعض النماذج على الأستاذين المرحومين عمر الجاوي والقرشي عبد الرحيم سلام، وأعطياني ملاحظات وشجعاني وكلفاني بحكم قيادتهما لاتحاد الأدباء والكتاب بإدارة بعض الندوات الشعرية والثقافية التي تعقد في عدن ومنها ما تم في منطقة الطويلة، كان حينها يأتي الكثير من الأدباء والشعراء من صنعاء ومن تعز.

وكنت من القراء الشغوفين بمجلة "الحكمة"، واحتفظت بكل نسخها في مجلدات التي كان رئيس تحريرها الأستاذ الراحل عمر الجاوي وسكرتير تحريرها الراحل القرشي عبد الرحيم سلام، وقد عاتبني الفقد الجاوي بأن السياسة أخذتني من الثقافة ولكنه عندما رآني في وزارة الثقافة بعد الوحدة قال لي مبتسما: "عدت لأصلك يا بنت باعباد"، يقصد العمل الثقافي.

* وهل عدتِ فعلاً؟
نعم، عدت، لكن للعمل الثقافي نائبة لرئيس المكتب الفني لوزارة الثقافة والسياحة، بمعنى أن خلفيتي الثقافية ستساعد، وفعلا شاركت في أوراق عمل ثقافية وصياغة الاتفاقيات والبرامج والمشاريع الثقافية وتقارير الوزارة، وأشارك في اللجان التحضيرية ومتابعة المؤسسات وتقييم الانجاز وكانت تلك فرصة لتوسيع المعرفة.

* أعود للتجربة الشعرية المبكرة، هل تحتفظين بنماذج منها اليوم؟
لم أحتفظ، وللأسف ضاع مني الكثير وخاصة فترة السبعينيات.

* حتى عناوين القصائد ومواضيعها، ألا تتذكرينها؟
للأسف، كما أذكر أنني لم أضع عناوين للقائد التي كتبتها، وأتذكر أنني كنت أطمئن نفسي بعودتي للكتابة وإذا بي أعيش "غفلة أهل الكهف"، وبأنني سأعود لأكمل ما توقفت عنه، لما لها من خصوصية بهدف حسن انتقاء العنوان وتجنب النقد عليَّ، فالعقلية الذكورية جاثمة والبيئة السياسية والثقافية ومن انفتاح على متغيرات الساحة الثقافية العربية الدولية تستلزم أن استوعبها في مراجعتي، لكن لا هذا ولا ذاك، أتذكر أطياف قضايا رمزية، البحر والفضاءات المكانية والإنسانية والأفق والقيم، كنت حينها متأثرة بالقصيدة الشعرية الحديثة وشعراء المقاومة ونظمت القصيدة على السجع والقافية، دون تفعيلة وبحور الشعر المعروفة، أي تحرر من التفعيلة والقولبة بوجود وزن فقط، كان جزء من تفكيري في تلك الفترة حلما بدراسة الأدب واللغة.

* هل حققتِ ذلك؟
نعم، بحكم خلفيتي الأدبية وحبي للثقافة العالمية حققت ذلك والحمد لله، فدرست أدب ولغة انجليزية جامعة عدن، وتخرجت عام 1988، كان عقلي الباطني، الحدس، يقودني إلى ضرورة أن تكون هذه الدراسة مكملة لطموحي وهواياتي فعلا، كان ما درسته واحة من المعرفة الأدبية في الأدب والتاريخ وعلوم التربية والفلسفة، باعتبارها محطة ثقافية وإنسانية مهمة.
بحث تخرجي دراسة مقارنة في ما يسمى "المعادل الموضوعي في شعر السياب"، الشاعر العراقي الذي عاش في المهاجر وتوفي في الكويت، والشاعر الانجليزي السير ت. س إليوت.

* أي الشعراء الذين تأثرت بهم في تلك الفترة؟
كنت أقرأ للشاعر محمد سعيد جرادة وللشاعر عبد الله البردوني وللقرشي عبد الرحيم سلام وإدريس حنبلة والجابري والقمندان، تأثرت كثيرا بشعر لطفي جعفر أمان؛ كونه مزج الوطني بالرومانسي، عندما تقرأ قصيدة "يا مزهري الحزين" التي غناها وأبدع فيها الفنان الراحل الموسيقار أحمد قاسم، كما لو كانت قصيدة رومانسية.

استمعت لشعر الشعراء الشعبيين مثل عبد الله هادي سبيت، المحضار، الشنواح، احمد سيف ثابت، مسرور مبروك، ونصيب، وغيرهم، بما فيه من الحكمة والوطنية وأعطتني بعض المراجعات والمقارنات الحياتية، أقف بإعجاب لقدرة هؤلاء على توظيف وصياغة نتاجهم الأدبي وإلى تعبيراتهم التي كانوا يختاروها بعناية، كلمات مباشرة، لكن يغلفونها بمعان أخرى وتجد لها صدى عند المستمع والمتلقي.

قرأت لشوقي والبارودي وحافظ ونزار عبد المعطي ودنقل وعبد الصبور ونجم ومي زيادة.

لمتابعة الحلقة الأولى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.