أكد الشيخ العلامة حسن عبد الله الشيخ وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في حديثه إلى الشرفة أن الأعمال الإرهابية التي تنفذها الجماعات المتطرفة وتنظيم القاعدة لا تجوز تحت أي مسمى. وقال إنّ هذه الأعمال أضرّت بالمسلمين وشوّهت صورة الإسلام وقرنته بالإرهاب. وقد نصح الشيخ الشباب بالكفّ عن هذه الأعمال قائلاً إنّه لا يجوز قتل أي شخص سواء كان مسيحياً أو يهودياً أو هندوسياً أو من أي ديانة أخرى، سواء كان في بلاده أو في بلاد المسلمين.
والشيخ، إضافة إلى عمله كوكيل لوزارة الأوقاف، يعمل أيضاً مقرراً للجنة الحوار مع عناصر أو من ينتمون إلى القاعدة لإقناعهم بالعودة إلى جادة الصواب والتخلي عن التطرف والإرهاب.
هناك من يستغل شهر رمضان لتوجيه الشباب توجيهاً خاطئاً في تنفيذ عمليات إرهابية باعتبار أن الأجر في رمضان سيكون أكبر من الشهور الأخرى. فما رأيكم؟ الجهاد في الإسلام له أسسه وضوابطه وشروطه، وبعكس ما يحصل الآن، ليس عبارة عن أعمال تفجير وجهاد عشوائية. لذلك ضوابط الجهاد ترتبط بولي أمر المسلمين الذي يحدد طبيعة المواجهة والزمان والمكان ومع من ستكون المعركة ولماذا. وليست المسألة مفتوحة يتصرف فيها الفرد كيفما شاء.
فالذين يفسّرون الجهاد بأنه تفجير هنا وهناك، أو قتل هنا أو هناك، هو إخراج لمفهوم الجهاد عن أسسه وضوابطه وهذا ما سمته تلك الجماعات بالجهاد الفردي وهذا ليس صحيحاً في الإسلام. وبما أن القتال والمواجهة يؤديان إلى سفك دماء، وإزهاق للأرواح، وإهلاك للأموال، وقطع للسبل، لا يمكن أن يتصرف في هذا الأمر فرد فيؤثر على أمّة. كما أن الأمة في هذه الحالة لا بد أن تكون مهيأة للجهاد، ومن يهيئها؟ هم ولاة الأمور الذين يعرفون متى يقام علم الجهاد.
وليست المسألة أن يرفع الإنسان سيفه أو أن يتمنطق بحزام ناسف وأن يقتل هذا أو ذاك، فهذا تشويه للحقائق. لأن الإسلام لم يبشر بهذه الطريقة، وفي الفتوحات الإسلامية، كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يوصي المسلمين برداً وسلاماً على الأمم، فكان المجاهد لا يقتل شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا طفلاً ولا راهباً.
أما ما يجري اليوم من الشباب في تفجير أنفسهم بالأحزمة الناسفة أو القيام بالعمليات الإرهابية ضد المدنيين فهو فهم مغلوط وفهم معكوس سببه قلة العلم. الشرفة: هل ترفضون القيام بمثل تلك الأعمال الإرهابية، حتى ولو أنهم يعتقدون القيام بها من أجل مقاصد سامية؟ نعم، وبلا شك، نحن نرفض تلك الأعمال جملة وتفصيلاً. والمسلم لا يمكن أن يقرّ بتلك الأفعال مهما كان فاعلها أو كانت نيته أو مهما كان مقصده، حيث أن المقاصد والنيات ليست كل شيء في الأفعال. ولا بد أن ترتبط بشرع الله الذي يقوم عل أربعة مرتكزات هي النقل والعقل والعاطفة والواقع. فإذا أراد الإنسان أن يقوم بعمل، فهل ذاك العمل ينسجم مع النص الشرعي وهو النقل، وهل يوافق العقل، وهل ينبع من عاطفة، وهل يوافق الواقع الذي نعيش فيه.
كيف استطاع هؤلاء التأثير على الشباب وتوجيههم التوجه الخاطئ؟ الشباب تأثروا بهم بسبب قلة علمهم وبسبب بعدهم عن العلماء العاملين وبسبب عدم اطلاعهم على كتب الفقه التي حددت معالم الحق والباطل من خلال النصوص الشرعية والقواعد الفقهية والمقاصد الدينية، لذلك فابتعادهم عن ذلك جعلهم مقطوعين عن هذه الوسائل التي توصلهم إلى الحق. فعندما انقطعوا عنها كانت منهم تلك الاجتهادات أو التصرفات الرعناء التي لم تلتزم بضوابط الشرع أو العقل أو ضوابط الواقع.
كيف تنظرون إلى قيام الجماعات الإرهابية بمهاجمة غير المسلمين سواء كانوا في بلدانهم أو في البلدان الإسلامية؟ من المسلمات اليقينية عند الأمة الإسلامية أن الإسلام يتعامل مع اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والهندوس والبوذيين في كل مكان. وخير شاهد على ذلك أن الرسول تعايش مع ثلاثة طوائف يهودية في المدينةالمنورة ولم يقم عليهم الجهاد إلا عندما وقعوا في الغدر والخيانة.
ولم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل من يخالفه في الديانة. وقال تعالى "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، وقال أيضاً "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء". فالإسلام لم يقم على الإكراه بل قام على القناعة.
فليس صحيحاً أن يقتل اليهودي أو النصراني. بل نجد أن القرآن الكريم يحث المسلمين على البر بهم والإحسان إليهم. وقد قال تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين".
لذلك، لا يجوز قتل المدنيين من أي ديانة أخرى، سواء كانوا على أرض الإسلام أو في بلدانهم. ولا يجوز الاعتداء عليهم لأن قتل النفس الإنسانية محرم طالما وهو لم يعتد علينا، فهو معصوم الدم وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق فما دام لم يقتل مسلم فقتله لا يجوز.
هل أنّ أعمال القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى أضرت بالإسلام والمسلمين؟ لا شك في أنّ هذه التنظيمات الإرهابية قد أثرت سلباً على الإسلام والمسلمين. فلو عملنا جردة حساب للذي حصل سواء أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول أو العمليات الإرهابية التي حصلت في مدريد أو لندن أو السعودية أو حتى اليمن، لوجدنا أنها أضرت بالمسلمين وشوهت الإسلام وقرنته بالإرهاب أكثر. ولم تسقط هذه العمليات دول الكفر ولم تحد من قوتهم ولم ترفع للإسلام راية ولم تسد معروفاً للمسلمين.
تلك العمليات أضرّت بالمسلمين وأصبحت الأمة الإسلامية في موضع الشك والريبة وشوّهت سمعة المسلمين. وهذا يتبين بشكل واضح عندما يسافر المسلم إلى أي دولة فنرى الشبهات والشكوك تحيط به من قريب ومن بعيد وأصبح محاطاً بتهم ولا له فيها لا حول ولا قوة إلا بسبب تلك الجماعات التي لم تزد الإسلام إلا ضعفاً.