"تعز وأخواتها": يقصد بهذه التسمية محافظات الوسط، وهي تعزوإبوالحديدة وهي الثلاث المحافظات ذات الأغلبية السكانية حيث يقدر عدد سكان المحافظات الثلاث بما يقارب أحد عشر مليون نسمة، كما أنهم يتمتعون بكثافة سكانية أيضاً تتمتع منطقتهم بموقعها الاستراتيجي حيث تطل على أهم مضيق عالمي وهو مضيق باب المندب، أضف إلى ذلك العقلية الحضارية والطابع المسالم الذي يتميز به أبناء الوسط. العقلية القبلية والتعصب للقبيلة ثنائي يكاد يكون معدوما، وإن وجد بين أبناء الوسط ففي حالات نادرة وفي نطاق محدود، فلم تشهد منطقة الوسط حالة خطف واحدة؛ لا خطف سياح ولا خطف مواطنين، ولم تسجل لحد الآن دوائر وأقسام الشرطة أي حالة تقطع. ما يميز المحافظات الثلاث هو القواسم المشتركة لأبناء المنطقة، فإلى جانب العقلية الحضارية والطبع المسالم هناك قواسم أخرى كالمذهبية فالجميع على المذهب الشافعي، ولا يوجد تنوع مذهبي على الإطلاق، أيضاً الأغلبية الساحقة ينحدرون من أصول حميرية قحطانية، حيث يمثل الحميريين قرابة 95% من عدد السكان، وكذا توجد أقلية أفريقية (الأخدام) بنسبة قليلة. كل هذه الميزات جعلت من الوسط محط أنظار الدولة والدول الأجنبية. فالدولة أدركت أهمية منطقة الوسط مؤخراً، وما زيارة الأخ الرئيس لتعز ومكوثه فيها عدة أيام، واتخاذه منها قاعدة انطلاق إلى محافظة إب، والعودة إليها، إلا أكبر دليل على أن لتعز وأخواتها مكانة خاصة لدى فخامته، فالجميع يعلم أن منطقة الوسط هي حلقة الوصل بين الشمال والجنوب، كما أنها هي من ترجح كفة الميزان دائماً، إذا ما حدثت مواجهة بين الشمال والجنوب. والأهم من كل ما ذكرت آنفاً هو أن هناك دعوات لتأسيس حراك على غرار الحراك الجنوبي، الهدف منه نيل حقوق أبناء الوسط بطرق سلمية، كما أن أهم تلك الحقوق هو حكم فيدرالي لإقليم الوسط.
تحرُّك الرئيس إلى تعز ومحاولة احتواء الموقف وإجهاض حراك لا زال في المهد خطوة ذكية ومدروسة، لكنها- للأسف- جاءت متأخرة جداً، بعد أن مورست ضد أبناء المنطقة شتى أساليب الاضطهاد والحرمان ابتداءً من الحرمان من الوظائف والمنح الدراسية، وصولاً إلى الاعتداء على ممتلكاتهم وأرواحهم، ومروراً بممارسة أساليب عديدة في التمييز والإقصاء ضدهم، هذه الأساليب مع الزمن أفرغت المخزون العاطفي وحب الوحدة التي كانت لدى أبناء المنطقة الوسطى، التي كان النظام يوظفها لصالحه كلما دعت الحاجة.
أبناء المنطقة الوسطى أصبحوا يعلمون أن النظام ليس وحده من يلهث وراءهم لكسب ودهم وجعلهم خط دفاع وجندي حراسة. فالغرب أيضاً يخطط لذلك، ولكن بطريقة أخرى أذكى بكثير من الطريقة المتبعة من قبل النظام. الغرب يريد جعل المنطقة الوسطى (تعز، إب، الحديدة) خط دفاع وجندي حراسة لطرق الملاحة العالمية ومضيق باب المندب من قرصنة قبائل شمال الشمال في اليمن الأعلى، هذا إذا ما انهارت الدولة فجأة، وفشل مشروع تقسيم البلاد إلى أربع فيدراليات.. أمريكا لديها مشروع بديل ألا وهو تقسيم اليمن إلى أربع يمنات: ثلاث يمنات مستقرة تقدم كنموذج، ويمن رابع غير مستقر يترك ل"الفوضى الخلاقة"، ذلك لأنه يصعب السيطرة عليه كونه يضم القبائل الزيدية وتنظيم الحوثي.