في أكثر من مركز من مراكز الاختبارات المعتمدة يبرز الغش كداء عضال ينبغي معالجته من قبل المختصين وأولياء الأمور وكل واع ٍ في المجتمع، وتحليل هذه المعضلة إلى قضايا بسيطة كبداية للحلول وببالغ الجهد والأهمية. الغش وباء موسمي خطير يهدد أمن وصحة وسلامة التعليم، يتكرر هذا الوباء وتتطور حدته دون معالجة جذرية. وفي حين تكون أسباب هذا الوباء وأعراضه معروفة، غير أن وصفات المعالجة لا تتوفر في الساحة، فالمعلم هو المحور الأول الذي يحمل على عاتقه القدر الأكبر من الأمانة، ويليه ولي الأمر(وليبصر أحدنا القذى في عينه قبل أن يبصره في عين أخيه).
المؤسف جدا غياب المعلم عن صرح التعليم، وانشغاله بأمور أخرى طيلة العام؛ كالمقاولة والتجارة ما يحدث فراغاً وفجوة كبيرة، والمؤسف جدا ً أن الشراكة بين المعلم وأولياء الأمر تكاد تغيب جدواها. إن كان بالملح يدركُ ما يخشى تغيّره فكيف بالملح إن حلت به الغيرُ
كل هذا يمثل مستقبلا واضحا ً لتطور البرشام، فبعض المعلمين إن لم يكن تسبب في إخفاق طلابه بسبب غيابه، يحضر في الساحة أثناء الاختبارات أو تنوب عنه التوصيات. وفي ظل الغش والرشوة ينشأ جيل عديم الثقافة قليل التحصيل العلمي، وعائقا من عوائق التنمية والحضارة، ومن يبني الوطن إن لم يكن أبناؤه!
الغش خطر جسيم ينخر في عظم المجتمع ككل، ليصيبه بالوهن والضعف، ومن ثم العجز والتخلف، فالأجيال التي تخرجت بالغش تفتقر إلى الوعي والتحصيل العلمي، فتجد في مجتمعنا المدرس الغاش والطبيب الغاش والإداري الغاش والمهندس الغاش ... ومن المؤسف أن يهرع بعضهم استغلالا ً لمكانتهم التربوية أو الاجتماعية إلى جلب الأموال من خلال الثقة التي منحوا اياها والأمانة التي حملوها، وتتحول أيام الاختبارات إلى موسم حصاد، والمستهدف جيب الطالب، فإذا كان مركز اختباري يضم 235 طالباً وطالبة، ناهيك عن طلاب الشهادة الأساسية، ومعدل ما يدفعه الطالب لمرة أو مرات خمسمائة ريال على الأقل فكم يكون المجموع وبأي حق؟ ألا تمثل مثل هذه الأمور ضرائب مدفوعة مقدما،ً مقابل انتشار الغش، فضريبة التفوق تكاد تغيب، ويصبح المهمل والمجتهد سواء، في حين يكون المجتهد دفع ضريبة نجاحه وتفوقه، وتجاوز المقررات الدراسية بنجاح من وقته وراحته.
والمؤسف أن بعض أولياء الأمور لا يعيبون على أبنائهم مثل هذه الظاهرة، ويوجهون اللوم إلى الطرف الآخر (المعلم, المدرسة)، ولعل ظاهرة الغش، بطرقها التقليلدية، تنتشر أكثر في المناطق الريفية لأسباب معروفة. أخيراً هذه شمعة تفاؤل أهديها لكل مجتهد في ظل أوضاع كهذه، وأقول: أنت على الصواب، ومزيداً من المثابرة، أما الغش فإنه يذهب جفاء، فشعار الغشاش"نجحت مرة ويكفي"، لكن نجاحك مستمر، وإلى ربان السفينة وقوادها: لا نأمن في ظل الجهل من الغرق، وأملنا فيكم كبير.