توصلت اللجنة البرلمانية، المكلفة بالتحقيق في حادثة مقتل سجين بصعق كهربائي في حرض، إلى أن سبب الوفاة كان عمداً. وأكدت اللجنة في تقريرها المرفوع، الذي جاء في 14 صفحة، أن مقتل عبده أحمد ساحلي كديش كان بسبب سلك كهربائي كان مربوطاً في نافذة الغرفة المخصصة للاستقبال، وهي طريقة يعمد إليها مسؤول السجن لتجنب الإزعاج. والذي اتضح للجنة أن المتوفي محبوس بالمخالفة للقانون "ولم يتم إلقاء القبض عليه في مكان تواجد الصوماليين". اللجنة أكدت من خلالها زيارتها إلى سجون مديرتي عبسوحرض في محافظة حجة أن هذه المنشآت العقابية "لا يمكن أن يطلق عليها سجن". وقالت اللجنة: "إنما هي عبارة عن أحواش فيها غرفة أو غرفتان ودورة مياه واحدة، ولا يتوفر فيها أبسط الخدمات التي تليق بكرامة الإنسان كالتغذية، والظلة ودورات المياه والكهرباء والرعاية الصحية".
ووقفت اللجنة على وضع إنساني في غاية السوء. فإلى التوقيف المخالف للقانون للناس من قبل أجهزة الأمن والبحث الجنائي بتهم جنائية ومدنية، قبل إحالتها إلى النيابة، هناك "إهمال قضايا المساجين لأشهر لدى النيابة، قبل إحالتها إلى المحكمة، وهذا يعد مخالفة لنصوص وأحكام القوانين". تشكلت هذه اللجنة من 5 نواب بارزين في اليوم نفسه الذي أرسلت تلك إلى سجن زنجبار. وقد باشرت اللجنة عملها بصورة مهنية وجادة، والتقت محافظ حجة وعدد من المسؤولين هناك. ومن أول يوم بدا للجنة أن وضع هذه المحافظة شديد البؤس. واعترف المسؤولون في هذه المحافظة بهذه الحقيقة. قال فريد مجور لأعضاء اللجنة "إن الوضع في سجن حرض مأساوي، وستشاهدونه بأنفسكم". وأخذ يصف لهم هذا السجن: "عبارة عن حوش بداخله غرفتان وحمام وبناء قديم متهالك وغير صالح". وأكد لهم المحافظ أن مشكلة الكهرباء لم تحل إلا بعد تدخل الرئيس وتوجيهاته "ولم يبدأ تشغيلها إلا قبل 4 أشهر". محافظ حجة شكا للجنة إمكانيات المحافظة الضئيلة في الجانب الأمني "مقارنة بجرائم التهريب المتنوعة: تهريب الأطفال، تهريب الأفارقة، تهريب المخدرات، السلاح، الآثار..الخ". وبشأن حادثة الوفاة أكد المحافظ أنها ليست الأولى ولكن "سبق وحصلت حادثة قبلها". مدير أمن حجة أضاف أن سجون حجة قليلة وغير مؤهلة، خصوصاً إذا ما قورنت بأعداد المهربين الكبيرة الذين يتم إلقاء القبض عليهم. وشكا هو الآخر من عدم الاستجابة لمطالبهم التي تكررت لبناء سجون واسعة. ولفت مدير الأمن إلى أن أجهزة الأمن في المحافظة، وبالذات في عبسوحرض، تواجه صعوبات كبيرة ومشكلات، وبالذات في ظل عدم وجود ثلاجات للموتى. مؤكداً أنه خلال الشهر الماضي استقبلت الأجهزة الأمنية 483 وافداً خلال 4 أيام، وأحياناً يتم العثور على جثث في بيوت مهجورة، يموتون إما من قلة الغذاء أو غيره، ولا يتم دفنهم إلا بعد التحري". من جانبه محمد صبار الجماعي رئيس لجنة التخطيط والتنمية والمالية في المحافظة، أشار إلى أن سجن حرض "عبارة عن حوش غير صالح لسجن الآدميين، وأن المعاملة داخلة سيئة من قبل القائمين عليه، حيث يفرض على السجناء رسوماً عند الدخول وعند الخروج". وأكد، وهو ممثل هذه المديرية في المجلس بالمحافظة، أن مسؤولي السجن "رفضوا توجيه مدير الأمن بإسعاف السجين وقاموا بشتمه". معتبراً ذلك "دليلاً على قصد القتل العمد للسجين كديش". وأضاف أن رئيس الجمهورية وجه قبل 6 أشهر بتغيير طاقم أمن حرض بالكامل "ولم يتم تغييرهم، وكلما تم تغيير أي واحد منهم توجه الوزارة بعودتهم". لم تكتف اللجنة بمقابلة المسؤولين في السلطة المحلية بالمحافظة، لكنها تحركت في اليوم التالي رفقة مديرية الأمن، وفي طريقها إلى حرض عرجت اللجنة على سجن عبس، ووجدت فيه عدداً من السجناء محبوسين على ذمة قضايا مختلفة. "السجن عبارة عن حوش كبير وفيه عدد من الغرف والحمامات والحوش مغطى. وفيه مراوح تعمل ومع ذلك فإن السجين هناك يفتقد للكثير من المقومات الأساسية للسجون" وقد أكد للجنة عدد من السجناء أن غالبيتهم محبوسون بأوامر وكيل النيابة الذي قالوا "إنه رجل عصبي لا يتفاهم مع أحد بحجة أنه مصاب بالسكري". وبشأن سجن حرض، أكدت اللجنة من خلالها مقابلاتها مع عدد من المسؤولين ومعاينتها المباشرة للسجن، أنه "لا يمكن أن يطلق عليه سجن، إنما هو عبارة عن حوش بدون ظلة، وفيه غرفة واحدة فيها مروحة واحدة، ولذلك يجتمع فيها كل المساجين، وحمام واحد فقط، ويتم البحث عن أكل لهؤلاء المحبوسين من المطاعم والأفران". ونتيجة التجميع العشوائي والوضع غير الصحي للسجن، فإن الأمراض منتشرة "والعدوى تنتقل بين المساجين من واحد لآخر". ويفيد المسؤولون الأمنيون في حرض أن مصلحة السجون "تتبرأ من تبعية السجن لها، وكذلك وزارة الداخلية تتنصل من المسؤولية". تقول اللجنة إنها عاينت السجن من خلال المبنى: "اتضح عدم صلاحيته، والمجاري فيه طافحة داخل وخارج مبنى السجن". ولذلك تقول اللجنة: "لا بد من إقامة سجن يليق بكرامة الإنسان، ويضمن الحفاظ على نزلائه أمنياً وصحياً". وقد توصلت اللجنة، التي ترأسها النائب النشط سنان عبد القوي العجي، واختارت عبد المعز دبوان مقرراً لها، إلى 7 توصيات. وجاء في التوصيات: "ضرورة حث وزارة الداخلية بالتعميم على كافة الأجهزة الأمنية باحترام القانون في قضايا التوقيف والإحالة إلى النيابة، فور استكمال التحقيقات وجمع الاستدلالات مع المتهمين والموقوفين". وأوصت اللجنة بسرعة بناء سجون وإصلاحيات جديدة في مديريات المنافذ "صالحة للاستخدام، وتوفير الإمكانيات اللازمة من غذاء وماء وحمامات، خصوصاً في سجن حرض، وإلحاقها لإشراف مصلحة السجون". الصورة من الانترنت