قال رئيس الجمهورية في خطابه الأخير بمدينة تعز: (إن على مجموعة هائل سعيد أن تقوم بتحلية المياه والدولة ستدفع). والمشكلة ليست في أن الدولة ستدفع لبيت هائل. المشكلة أن مخزون اليمن من الغاز الطبيعي على المستقبل القريب غير كافٍ ما يحتم علينا استيراد الغاز الذي تصدره اليمن! فقد قدرت دراسة أجنبية احتياطي اليمن المثبت من الغاز الطبيعي (10.3) تريليون قدم مكعب بِيع منه لأمريكا وكوريا الجنوبية (9.1) تريليون. وهذا يعني بقاء تريليون واحد فقط لاحتياجات السوق المحلي: فهل يكفي؟ لا. تعاني اليمن نقصا شديداً في الطاقة الكهربائية حد إطفاء الكهرباء ب4 ساعات في اليوم. واعترفت وزارة الكهرباء في تقارير حديثة: إنها بحاجة إلى قرابة 5 تريليون قدم مكعب من الغاز لتوليد 3000 ميجا لمدة 20 سنة. أتدرون ما معتنى هذا؟ معناه أن وزارة الكهرباء وحدها بحاجة إلى نصف كمية الاحتياطي المثبت من الغاز (10.3 تريليون) أي (5 تريليون) لتوليد الطاقة الكهربائية: فمن ستأتي بالغاز وقد بيع 90% من مخزون الغاز الطبيعي؟ وزير الكهرباء عوض السقطري قال الأسبوع الماضي لمجلة الاستثمار (إن الكميات المخصصة لمشاريع توليد الطاقة بالغاز تصل إلى 1.2 تريليون قدم مكعب) ما يؤكد إن الاحتياطي المتبقي (تريليون) لا يكفي قطاع الكهرباء ناهيكم عن تحلية المياه. والماء في اليمن كالكهرباء: ذلك أن صنعاءوتعز وعدد من المدن اليمنية مهددة بنضوب المياه ما يحتم إنشاء محطات لتحلية المياه. وهذا بالفعل ما أعلنت تبنيه جهات حكومية وطالب به الرئيس. ومعنى هذا أن اليمن المُصدرة للغاز بحاجة ماسة إلى استيراد الغاز. ثم لاحظوا: في 30 مايو الماضي قال وزير النفط أمير العيدورس مُباهياً في حفل تكريم العاملين بالوزارة: (إن اليمن سيبدأ تصدير أول شحنة غاز مسال للعالم الخارجي). لكن نفس الوزير قال قبل 6 أشهر فقط من هذا التصريح: (إن اليمن مقدمة على استيراد كميات من الغاز لتلبية السوق المحلية وإيجاد احتياطي لمواجهة أي أزمات مستقبلية: فكيف لا أدري؟ كيف تصدر شيئاً ستقوم باستيراده بعد حين؟ بل كيف تبيع الغاز بسعر زهيد (3 دولار) للوحدة الحرارية ثم ترغب في شرائه من الخارج بسعر السوق العالمي اليوم (24 دولار)؟ إنني أتمنى من أعماق قلبي وحرصاً على خيرات بلدنا الطيب أن تفشل هذه الاتفاقية الكارثية؛ لعدة أسباب منها: 1 - خسارة اليمن 60 مليار دولار باعتبار العقد لمدة 20 سنة. 2 - سينخفض استهلاك الغاز المنزلي محليا بنسبة 60 % مع بدء تصدير الغاز: أي أننا مقدمون على أزمات جديدة من اختفاء الغاز. 3 - بحسب دراسة لشركة KFC/RISC الاسترالية ستفقد القطاع 18 كميات كبيرة من النفط لانخفاض ضغط المكمن بسبب أن الغاز الذي يعاد حقنه في عملية إنتاج النفط سينخفض. ففي الحقل (أ) مثلاً سيفقد من النفط 49 مليون برميل حتى 2015م أي ستخسر اليمن قرابة 4.5 مليار دولار بحسب دراسة شركة KFC/RISC. 4- بحسب خبراء اقتصاديون فإن سعر الاتفاقية المبرمة بين الحكومة وتوتال وهنت خالف الاتفاقيات الأصلية التي ربطت سعر بيع الغاز بسعر برميل النفط الذي تجاوز 100 دولار. واقل من السعر العالمي بأكثر من 500 %. 5- حصة اليمن من مشروع إنتاج الغاز الطبيعي المسال زهيدة للغاية (21.73%). فيما حصة الشركات الأجنبية من المشروع (79.27%) على النحو التالي: توتال الفرنسية (39.62%). هنت الأمريكية (17.22%). إس كي (9.55%). كوغاز (6%). شركة هيونداي (5.88%). الشركة اليمنية للغاز (16.73 %). هيئة التأمينات الاجتماعية والمعاشات (5%). 6 - نشرت حكومة مالطا موضوعا على بموقعها في الإنترنت يصف الصفقة بأنها مناسبة جدا لشركة كوجاز لأن الصفقة وقعت في وقت شهد ارتفاعاً عالمياً لأسعار النفط. ومعلوم أن سعر الغاز الطبيعي مرتبط بقوة سعر النفط. 7 - حاجة السوق المحلي للغاز في الكهرباء وتحلية مياه الشرب. تذكرني هذه الحالة بقول الشاعر القديم: (كتاركةٍ بيضها في العراء/ ومُلبسةً بيض أخرى جناحاً). أما وقد باعت الحكومة الغاز من ميناء بلحاف لكنها ستقوم باستيراده بعد حين من ميناء المعلا. فضلا عن أن مجموعة هائل سعيد تتجه لتوليد 300 ميجاوات من الطاقة الكهربائية من المخا كما قال محمد عبده سعيد.