الولاء للوطن واجب ديني قبل أن يكون حقاً من حقوق الوطن الذي نعيش فيه. والولاء للوطن مفهوم شامل لكل المعاني التي في مضمونها خدمة الوطن والسعي في سبيل الرقي به إلى مستوى عالٍ من والرقي. الولاء للوطن باب من دخل منه وجب عليه القيام بأمور عظيمة قبل أن يغادر منه. فلماذا استغل هذا المفهوم من قبل قلة من الناس لخدمة ذاتها والجري وراء المصالح الشخصية ناسين مسؤولية وحقوق 22 مليون نسمة، فالناس في أوضاع لا يعلمها إلا الله. حكومتنا استغلت هذا المفهوم على حساب شعبها، ناهيك عن أنها لم تعمل بجدية وتحمل مسؤولية رغم وفرة ذرائعها وادعاءاتها بوضع كافة السبل من أجل هيكلة اليمن، لكنها في الحقيقة قتلتنا باستراتيجيها وآلياتها، فلقد أصبح ضمير هذه الحكومة معطلاً وجامداً عديم الحركة لا يعي ما يقول، ولا يفعل ما يقول، فاليمن أصبح القوي فيها يأكل الضعيف، والغني ينهر الفقير، والكبير يقتل ويضرب ويدوس من هم دونه. فهل هذا ولاء للوطن!
إن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة تافهة وذات رؤى ضبابية وانحراف عن الاتجاه المطلوب، ولا تضع الشيء في موضعه، بل إذا قامت بعمل ما فإنها أول من تجني عائداته لصالحها على حساب الحق العام. فإذا كان المسؤول يجد المتعة في التلاعب بثروات وحقوق الناس فسيجد الآخرون يوماً المتعة في تمزيق جسده، ولطم خده.
فيا حكومتنا، البؤس والحرمان يزدادان يوماً بعد الآخر وأنتم لا تلتفتون إلى أحد، بل تضيعون الأوقات فيما لا فائدة. حملتم لواء التسويف والمماطلة، وتقلدتم وساماً مكتوباً عليه "جوع كلبك يتبعك".
فعذراً وطني الحبيب! أجبرونا على جفائك والتشوق لفراقك، عذراً وطني، ألفت فيك الخير والمحبة والتراحم والإخاء لكن ليت شعري ماذا أقول عذراً وطني، عانى من كان قبلنا لتعبيد الطريق أمامنا لنمشي بأمان وارتياح، وضحوا بأنفسهم لذلك، لكن يا وطني تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!
يا وطني، استغلوا ولاءهم لك لتكون غابة، أوت إليك السباع المفترسة (المفسدون)، من دخلها أكل أو مزق وصار جثة هامدة. فيا من تتلاعب بمكتسبات الشعب وثرواته، وتستهين بقدراته، وتعيق رقيه، وتأكل وغيرك يموت جوعاً، وتضحك ودونك ينفجر حزناً وبكاء، وتلبس وكثير من أبناء وطنك عراة، وتنام قرير العين وغيرك تأرقه المعاناة، فلتنتظر يوماً عبوساً أسود، وناراً وخزياً سرمدا. فهل سنردد قول أبي الأحرار الزبيري: ونأبى الحياة إذا دنست بعسف الطغاة وإرهابها ستعلم أمتنا أننا ركبنا الخطوب حناناً بها