كم يحدوني الفخر والاعتزاز وأنا أشاهد هذه التظاهرة التثقيفية في انتشار تداول العلم الوطني والذي يعد رمزاً للهوية والوحدة الوطنية للدولة وللفرد المنتمي لهذا الوطن، وزاد من زهوي رفرفة العلم الوطني عاليا خفاقاً على قمم الجبال والحصون والابراج السكنية وعلى مقدمة ومؤخرة السيارات، وهذا أيضا يمثل تجسيداً لمعنى مفهوم تعزيز وتعميق الولاء الوطني.. وحقيقة إنها خطوة وطنية وصحوة حضارية صحية ومسؤولة بهدف إحياء معنى الوطنية الحقة، حتى أن هذا الحرك الوطني طغى على الحراك الانفصالي وفجر إبداعات وطنية من خلال المبادرة في تصميم وإخراج أكبر علم وطني على مستوى العالم ليدخل في موسوعة غنيس للأرقام القياسية، وهي مبادرة تعبر عن معنى الحب الوطني الذي قذفه الله في قلوبنا وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وقد كان لصحيفة "الجمهور" السبق الصحفي والوطني بأن تنال الشرف وتكون الراعي الإعلامي لهذا الإبداع الوطني، وهذا ليس بجديد عليها فلها بصمات وطنية من خلال مساهمات وكتابات محرريها الذين أسهبوا في جل كتاباتهم في تجسيد الولاء الوطني وغرسه في قلوب القراء، ليس من باب التعلم وإنما من باب التجديد لأن الولاء الوطني يزداد بالنزاهة وينقص بالفساد قياسا على الإيمان الذي يزداد بالطاعة وينقص بالمعصية. ولقد مر الوطن بظروف صعبة خلال المرحلة الماضية.. بحروب وفتن وأزمات اقتصادية وسياسية نتج عنها تعبئة خاطئة بالحقد والكراهية، وحصل هناك نوع من الجفاء مع الوطن قابله ثوران وطني أيقظ مضاجع الكثير من الوطنين والشرفاء الذين أحسوا بالخطر المحدق، فبادروا إلى تعزيز مفهوم الولاء الوطني وإعادة الثقة بين الفرد ووطنيته والحاكم والمحكوم والمتعلقة بتوفير الأمن الداخلي والأمن الغذائي. واننا على يقين بأن هذا الزخم الوطني الذي نشاهده اليوم لا ينبع إلا عن حب وطني معمق وهو استفتاء قلبي، لأن من لم يحمل الحب والجمال في قلبه لا يمكن أن يرى ويقيم الحب والجمال من حوله. وكم زادني فخراً واعتزازاً تفاعل اصحاب القرار بتبني مشروع قانون يعرض على مجلس الوزراء للموافقة باحالته إلى مجلس النواب لإقراره، يتضمن وضع ضوابط تحمي هذا العلم الوطني بصفته رمزاً للدولة وهوية وطنية وتمنع المساس به أو تمزيقه أو تنكيسه والتلاعب بألوانه، حيث ان هذه المواد تمنحه قداسة وطنية وقانونية وتجرم كل شخص يحاول الازدراء منه بصفته قيمة وطنية. وحقيقة ان هذا المشروع عمل جبار يوحي بعلو الهمة التي يتمتع بها اصحاب القرار، خاصة وان هناك شركات تجارية استغلت هذا الزخم الوطني والطفرة الشرائية لهذا الرمز الوطني وتداوله بين كافة افراد المجتمع، وكنت أتمنى ألا يخضع لعملية المزايدة بيعاً وشراءً خاصة في أوساط المدارس، بحيث نحبب فيهم قيمته الوطنية لا قيمته الشرائية، فالعلم الوطني بألوانه وأهدافه لا تساويه كنوز الدنيا وانما يمثل رقماً وطنياً في نفوس الوطنيين والشرفاء. ولكن ما يحز في النفس ان بعض الشركات الانتاجية استغلت هذا العلم الوطني لتجعل منه غلافاً لمنتجاتها خاصة علب المناديل الصحية "الفاين" كنوع من الترويج للسلعة الاستهلاكية، وهذه ظاهرة تفقده قدسيته الوطنية خاصة وان أغلفة هذه السلع الاستهلاكية يرمى بها بمجرد استهلاكها. العلم الوطني تاج كل مواطن ينبض قلبه بحب هذا الوطن، وهو ضمن منظومة متكاملة لها قدسية يتردد صداها في المدارس والساحات العسكرية والقتالية من خلال شعار (الله.. الوطن.. الثورة.. الوحدة)، الذي لا يمكن ان تؤمن بإحدى مفرداته دون الأخرى وانما ايمان شامل متكامل (ومن يهن الله فما له من مكرم) صدق الله العظيم، وتجسيد حب الله هو تجسيد ايضاً للهوية الوطنية، وهكذا تأتي بقية مفردات الولاء الوطني بحسب الترتيب.