تريد الشعوب الناضجة أن تعيش، لا أن تعتاش عليها أنظمة الفساد والطغيان واللامسؤولية. هذه الشعوب تريد أنظمة وطنية فعلياً، لا صورياً. وأظنه عصر الشعوب الجبارة والمحترمة سيبدأ. الشعوب التي ستلبي نداءات كيلها الطافح. مما لاشك فيه أن الثورة التونسية الجديدة ستلهم بقية الشعوب المقهورة فتح آفاق نوعية لمرحلة الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية للجميع. ولقد كانت شجاعة التونسيين الثائرين استثنائية وجليلة وهي تكسر حاجز الخوف للأبد. الآن.. بعد ان تخلص الشعب التونسي من الديكتاتورية السياسية الرهيبة، بقيت معركته مفتوحة مع الفساد والفاسدين الذين رباهم النظام السابق.
النظام الذي أهان أحلام الشعب التونسي طوال 23عاماً يستحق محاكمة عادلة. النظام الذي جثم على صدور التونسيين وقد صار رأسه في خبر كان: أطق هذا النظام بصفاقة متناهية يد "الأعمام والأخوال والأبناء والأصهار وكافة أنواع الأقارب الذين كانوا أكثر جشعاً في الاستيلاء على مقدرات وثروات تونس كأنهم مافيا".
وبالتأكيد فإن تونس كبلد عظيم أثبت أن الشعب أكبر والحق أكبر والعدالة أكبر بمواجهة عصابة الحزب الحاكم. ثم أن الفساد بدى أفضع مما هو متصور، كما أوصل الناس إلى مستوى اليأس، لكنه اليأس الذي يتأجج بالأمل المضاعف من أجل التغيير.
ذلك النظام المصنف كواحد من أسوأ الاستبداديات في العالم المعاصر، هاهو يسقط في أقل من أربعة أسابيع فقط.