العنوان ذاته، لفيلم مصري أنتج وعرض في 2008 لكن ما بدا أنها مشاهد سينمائية توقفت على نهاية مفتوحة قبل أكثر من ثلاث سنوات، أضحت اليوم حقيقةً تشتعل في أرجاء مصر. تدور فكرة الفيلم الذي كتبه يوسف معاطي وأخرجه سعيد حامد، حول رئيس جمهورية (خالد زكي) تعزله الحاشية عن شعبه ويتعرف صدفة على طباخ (طلعت زكريا) ينقل له هموم الناس. لست بصدد تشريح الفيلم من الناحية الفنية بقدر ما هي قراءة مقتضبة لأبعاد الفكرة العامة للفيلم وربما النهاية السيئة التي افترضها صانعوه لرئيس بلدهم. حيث لم يكن أبداً في حسبان حسني مبارك الذي يواجه اليوم قدره مع الرحيل بعد ثلاثة عقود من الحكم، أن مآله سيكون قاتم رغم أنه شاهد الفيلم وأعجبه به وناقشه بعض هفواته مع بطل الفيلم الطباخ (طلعت زكريا) بأريحية. يدرك الرئيس أنه من حوله يزيفون له الحقائق وأنه مهما حاول إصلاح الأوضاع يجابه بحيلة جديدة للمطبخ السياسي تثنيه عن مهمته. مثلاً بعدما أقال وزير التموين في الفيلم بسبب الغلاء وبسبب الغش الذي يمارس في صناعة الخبز والتي كشفها له الطباخ الفعلي وجد نفسه أمام حيلة كبيرة لحاشيته. إذ أخفت الطباخ وأقنعت الرئيس بأنه أصيب بمرض شديد وأنها أرسلته للعلاج خارج مصر وزادت على ذلك، أخذ منحة مالية باسمه. لا أدري هل بدت الصورة العامة لشخصية الرئيس مميزة في الفيلم، من ناحية إضفاء صفات القداسة والنزاهة والإحساس بالمسؤولية وحمل هموم الشعب، غير أن من حوله فقط، هم من يريدون أن يعزلوه ويبنون حوله سياجاً من الوهم. اليوم، وأنا أتابع الفيلم لمرات، لا أدري إلى أي مدى إلى تستبد بي الابتسامة المؤلمة على حال شعب يحكمه رئيس لعقود دون أن يعلم عنه شيء. بما يعني أن صورة الرئيس لم تكن سوى كتلة من سذاجة أو غباء. وقد وصفها نقاد فنيون بالشخصية كاريكاتورية في حدها الأقصى ومثيرة للضحك والبكاء في آن معاً، لأنها بقصد أو من دون قصد ظهرت أكثر الشخصيات جهلاً بالبلد وبهموم أبناءه. بمقدورنا أن نؤكد أننا في اليمن نتشابه مع المصريين في كل شيء، حتى في براعة الطباخين وبشاعة ضمائرهم. وإذ أبدو وكأني أشتم نكهة الوجبة ذاتها التي يراد لها حاشية رئيس الجمهورية أن تكون هنا في مشهدنا العام. فإنهم وخوفاً على مصالحهم كما هي مشاهد الفيلم، يزورون كل شيء.. يلفقون أي شيء.. ومستعدون لأن يقوموا بكل شيء من أجل مصالحهم ولا يدركون أن يجرون أنفسهم والبلد والرئيس إلى الهاوية. اليوم يبدو الرئيس المصري خائر القوى ويترنح والسبب ليس مبالغاً فيه إن قلنا أنه "المطبخ" الذي يتعمد إلغاء للآخر وإسكات صوت الضعفاء والمظلومين والجائعين عبر التزييف والتلفيق، رسم سيناريو هذه النهاية السوداء التي لا يشرف أي رئيس لأي جمهورية أن تكون نهايته هكذا بعد عقود من "التضحيات" الواهمة.