بات واضحاً أن الدعوة التي وجهتها السلطة الحاكمة في اليمن للمعارضة للجلوس معها على طاولة الحوار على أساس عدم التمديد والتوريث كانت مجرد مراوغة تلتقط من خلالها أنفاسها، ريثما تعيد ترتيب أوراقها لتتمكن من السير في صوب خيارها الذي بنت عليه ما تعتقده خيارها الاستراتيجي، ولعل الجميع قد أدركوا ماهية هذا الخيار الذي يتمثل بدفع الوطن صوب هاوية الفتنة عن طريق إشعال حروب قبلية وطائفية مدمرة يغرقون فيها أبناء اليمن، وتكون البديل لرحيلهم على قاعدة (إن لم تكن لي فلن تكون لغيري). أما وسيلتها لتنفيذ مخططها الإجرامي فقد تمثلت بتقسيم أبناء المجتمع اليمني الواحد حسب تصنيفها إلى براغلة وبلاطجة، بناء على نعرات طائفية ومناطقية ما فتئت تغذيها. حيث استنفرت هذه السلطة القبائل في مناطق شمال الشمال وفي ظنها –وبعض الظن إثم– أنهم سيقبلون على أنفسهم أن يكونوا لسلطة الفساد المترس الذي تتحصن به ، وأنها ستجعل منهم مجرد بلاطجة تضرب بهم شباب ثورة الحرية والتغيير الذين صورتهم أمام مشائخ تلك القبائل بأنهم مجرد مخربين قادمين من بلاد البراغلة! رغم أن شباب الثورة تتعدد انتماءاتهم بتعدد المحافظات على طول الساحة اليمنية. ويبدو واضحاً بأن سلطة الفتنة ما زالت تعيش في ماضي الجهالة، وغاب عنها أن القبائل الشمالية اليوم هي غير قبائل الأمس؛ فمعظم أبنائها قد أصبحوا متسلحين بالعلم والوعي، وكثير منهم صاروا جزء من قوى التغيير في البلد، وسيكونون في مقدمة صفوف ثورة الحرية. وما دامت السلطة قد قررت تقسيم المجتمع اليمني –من وجهة نظرها– إلى براغلة وبلاطجة، على طريق تنفيذ خطتها الشيطانية المتمثلة بإشعال فتنة لا تبقي ولا تذر، فمن واجبنا التنبه لمخططها الدموي، لنثبت لها بأننا شعب واع ومتكاتف، وسننطلق صوب هدف واحد هو الانخراط في ثورة الحرية من أجل رحيل سلطة الفتنة والفساد والاستبداد. ولأن هذه السلطة قد أطلقت على شباب الثورة في صنعاء اسم (البراغلة) قاصدة مدلولها الجغرافي رغم كونهم ينتمون إلى كل بلاد اليمن بما فيها المناطق القبلية، فعلينا أن نتماشى مع تسميتها ونعتمدها؛ ولكن بصيغة وطنية، بحيث نجعل من لفظة البراغلة تسمية جامعة لكل دعاة الثورة الشعبية للتغيير في كل المحافظات اليمنية من المهرة الى حجة، ونجعل من لفظة البلاطجة أيضاً تسمية جامعة لكل أعوان سلطة الفتنة والفساد والاستبداد في أي منطقة كانوا من تعز إلى صعدة. ولا شك أن ذلك سيشكل خطوة متحضرة ومتقدمة لإفشال سلطة الفتنة القائمة على أساس مبدأها المعروف (فرق تسد)، وسيتم من خلال تلك الخطوة تجسيد وحدة المجتمع اليمني وإظهار تكاتفه، على طريق إعادة النظر في مصطلحات التفرقة التي كرستها السلطات الحاكمة ليتسنى لها البقاء متربعة على رأس الجميع، بحيث نعيد للمجتمع اليمني لحمته الوطنية القائمة على أساس العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، في ظل حرية آمنة وديموقراطية حقة، نبني بواسطتها وطننا الغالي على أسس سليمة بعد دحر سلطة الفتنة والفساد والاستبداد.