لا يختلف رمضان المبارك هذه السنة عن غيره من السنوات السابقة في اليمن، ومحافظة الحديدة على وجه التحديد، حيث المشهد المتكرر لواقع مؤلم بأزمات عكرت فرحة الناس بقدوم الشهر الفضيل. ولعل أهمها أزمة الغاز التي لم تنقطع عن يمننا طيلة السنوات السابقة، وتتفاقم الأزمة في رمضان حين تزداد حاجة الناس إليه, لنجد أنفسنا وسط أزمة خانقة تنسينا فرحة وواجب الشهر الفضيل من عبادة ونسك وقراءة القرآن. تشهد معارض بيع الغاز طوابير ممتدة من المواطنين، نساء ورجالاً، ينتظرون الفرج للحصول على أسطوانة غاز تعينهم على تجهيز سد رمق صيامهم الذي أرهقه طول الانتظار وزحمة المكان.
الأمر الذي لقي احتجاجات واسعة من قبل المواطنين، الذين أكدوا أن هناك "لوبي" حسب وصفهم يتاجر بأنابيب الغاز، ولم يقتصر على عدم توفيره فقط بل المتاجرة به بأسعار خيالية في سوقهم الأسود.
أم إبراهيم امرأة مسنة تقول: توفي زوجي، وما عندي أولاد، كلهم بنات لي يومين، وأنا آتي من الصباح أقف في الطابور أبحث عن غاز، وما حصلت للآن، وأكلنا اليومين هذه من المطعم، ومافي معانا فلوس حتى نكون نأكل كل يوم من المطعم سوى راتب زوجي اللي مايكفي نصف شهر. أين الدولة تشوف حالنا، لنا يومين ماقدرنا نصلح حتى قلص شاهي, وبعض الناس يشتوا يبيعوا لنا الدبة ب2000 ريال مع التوصيل للبيت، الله شينتقم منهم. ولاتكاد تختلف أم إبراهيم عن غيرها كثير من النساء اللواتي يزاحمن للحصول على دبة غاز. الحاج أبو بكر فتيني الذي اضطر لشراء الدبة الغاز ب1800 ريال يقول: اشتريتها بهذا السعر وأنا مرغم، حتى لا يأتي رمضان وأنا على أبواب محلات البيع، وحالتي الصحية لا تسمح بأن أزاحم أو أطوبر فأنا أعاني من روماتزم في العظام, وحسبي الله ونعم الوكيل على كل فاسد وظالم. خيم مثلث الرعب ( الكهرباء , الغاز , الأسعار) على المواطنين، والدولة لا تحرك ساكناً، واتسعت رقعة المتاجرة والجشع تحت ظل الدولة التي تكتفي بالوعود والوعيد، فنسمع جعجة ولا نرى طحيناً, والوزارات المعنية لا تقوم بواجبها تجاه ما يحصل، واقتصر عملها بإبرام العقود وتشييد المباني الفاخرة متجاهلين معاناة الشعب المغلوب على أمره. ليبقى مسلسل الأزمات مستمراً، ويبقى المواطن بطل هذه الأزمات، ولسان حاله يقول: يا وزير السوق إنا قد تجرعنا المرارةْ فهل القانون يرضى ذبحنا باسم التجارة هل ترى مثلك مثلي قد تكبدت الخسارة أم ترى أنتَ غشيمٌ لستَ تدري .......... لستُ أدري!