* شعب أردت له الحياة وأراد لي الموت.. مقولة شهيرة لأحد قادة ثورة 26 سبتمبر وصف فيها قبل دقائق من إعدامه حال الجماهير التي حضرت ساحة الإعدام وهي تهتف ضده، وتعلن تأييدها للحاكم الطاغية وأحكامه الجائرة بقتل الثوار.. تلك الجماهير كانت جزء من غالبية شعبية لا يمكن اعتبارها إلا ضحية تجهيل إمامي نجح في استغفالها وحجب الحقيقة عنها بسهولة في ظل حالة الانغلاق والتخلف المريع السائد آنذاك باليمن. كما أن تلبس الحكم الإمامي بالدين، وعدم ظهور مفاسد مالية وإدارية بالوضوح والسوء الحاصل في السنوات الأخيرة للعهد الحالي.. أيضاً أعطى العذر لتلك الجماهير في مناوأة الثورة والثوار.. ثم اكتشاف خطأ ما فعلوه بعد زوال حكم بيت حميد الدين وانتصار الحكم الجمهوري. * الآن ونحن في نهاية حكم علي عبدالله صالح.. كيف يمكن توصيف هؤلاء الذين ما زالوا يخرجون في مسيرات مؤيدة له وهم يرون إلى أي منحدر أوصل البلد. فساد عام غير مسبوق.. وتفكك مجتمعي بفعل سلطوي لم يعرف اليمنيون مثله من قبل.. وحكم ملكي مبطن أسوأ من الحكم الإمامي المعلن. وعلي عبدالله صالح يعمل على تضليل الناس واستغفالهم وحجب الحقائق عنهم في عصر الفضائيات والإنترنت وثورة الإعلام التي وصلت إلى الهاتف المحمول لدى غالبية المواطنين. ويفعل ذلك بأسلوب مشابه جداً لما كان يفعله الأئمة قبل نصف قرن! * أي عقول في رؤوس هؤلاء الذين مازالوا يظهرون تأييدهم ل(إمام اليمن 2011) حتى وإن كان عددهم لا يتجاوز 10% من أبناء اليمن. نعلم أن بعضهم يشاركون في المسيرات المؤيدة له لأسباب تتعلق بالخوف من مستقبل مجهول بعد زوال صالح. والبعض تدفعه عصبيات جاهلية أو قناعات ما أنزل الله بها من سلطان. وبعضهم لمصالح شخصية أو مقابل مالي. ولكن تلك الأسباب والدوافع لا تعطيهم أي عذر كالذي كان للمؤيدين للحكم الإمامي قبل ثورة 1962. فالفوارق بين تلك الفترة وبين المرحلة الحالية لا تضعهم إلا في خانة شهود الزور. * رحيل علي عبدالله صالح وأسرته الحاكمة ورموز نظامه الإجرامي الفاسد. أصبح محسوماً ومسألة أيام فقط. وهذه الثورة الشعبية التي تعتبر أعظم من ثورة 26 سبتمبر ستنتقل باليمن إلى مستقبل أفضل يليق باسم البلد، وبتطلعات شعبه الذي صبر وتحمل مختلف أنواع الظلم والتضليل لعقود طويلة. وحينما نصل عما قريب –بإذن الله- إلى واقع ليس فيه فساد وفقر وأمراض وصراعات وبقية الكوارث والمساوئ التي أوجدها نظام حكم علي عبدالله صالح. حينها ماذا سيقول المعلنون تأييدهم لبقائه الآن؟ هل سيندمون على وقوفهم بجانبه عندما يكتشفون أن ما فعلوه هو أقرب للخيانة الوطنية، باعتباره وقوفاً ضد التغيير المؤدي إلى يمن جديد ومستقبل أفضل لليمنيين بالفعل. ودون أدنى شك. * نتمنى أن يدركوا حجم الجريمة التي يشاركون فيها قبل فوات الأوان. وأن يسارعوا لنيل شرف المشاركة في الثورة أو تأييدها على الأقل والتخلص من المساهمة في شهادة زور بدعم صالح ومن تبقى معه من القتلة والمجرمين المصرّين على جرائمهم حتى النهاية.